ثاوٍ على صخر أصم وليت لي
قلبًا كهذي الصخرة الصماءكنت يوما أجول مبتسما في يوم عليل
حتى سمعت ذا العويل
فتقفيت الصوت أثره،
حتى رأيت صبيا وحده جالسا باكيا بجوار صخرة بلا خليل أو من يعيل
فسألته : هلا أعلمتني الأمر الجليل؟فقال - جامعا لنفسه الشّتات - :
غرقت في بحور العشق لا لا أميل
وقلبي في الهوى قتيل
إني عشقت قلبًا
شعرت كأني منه سليل
وبه الحب قد أمسى جميل
وكأن روحي وروحه لبعضهما ظليل
وكأنه صار لقلبي إكليل
ولو كان لي وجدان، لقاتل الأول عليه الثاني
يقولون الحب وما قتل
فأقول أنى يكون حبًّا إن لم يقتل
إني أحببتها حبا، لا تصفه خواطري أو أدبي أو أشعاري
فحزنها وتعبها دماري، وفرحتها مناري
هي النجوم في سمائي وأنواري
ولا أعلم من دونها أين مساري
فقلت : إذن ما المبكي؟ردَّ بحرقة واشتياق : هذا ما ظننته قبل الفراق.
قد كنت ساذجا، لم أكن ناضجا، ظننته مجرد سباق
أفوز بفوزيها، وأخسر بخسرانيها
أبحرت في بحر عشقيها، ولم أخله بتا نفاق
ولو وسعت المحيطات لمياهها، والأرض لجبالها، فما وسعا لهياميها
ظننت أن روحينا في عناق
أحببتها حقا، عشقتها عشقا لا يصفه شعري فيها
ولو أرادت لجعلتُ دمي لها يراق
يا منى العقل والفؤاد،
ماذا فعلتُ؛ لتُسمعيني العداد؟
وها قد جعلتي حالي مدمرا
حتى سأل عليه غريبٌ من العباد
يا رب الأرض والسماء
لما لم تدم بيننا المعاشرة بالثواء؟
جَعَلَتْني ثاو على صخر أصم وليت لي
قلبا كهذي الصخرة الصماء
أو يا ليته صلب حديد
فلا أشعر بالآلام
أو أكون بلا دماء
أو يا ليت ليس لي قلبًا؛ كي لا أحب من جديد، ولا أكره، ولا لمثل ذي العلاقة أعيد
أعلمت الآن أمري مبكيَ الحديد.فتحسرت على حاله وعلى حال من مثله، وجال خاطري في النجوم.
وتسائلت ما في باله الآن يجول عن حمله، وهل يرضى بقدر مشؤوم، أو كما يظن.
فقلت : يا فتى، دع عنك البكا، والجأ إلى اللطيف الخبير.
واصبر ولا تكن كمثل من شكا، ولا تكن عن الحق ضرير.
اصبر لأن الله يريد لك الخير
وما لجمال الصبر بتا مثيل
فالصبر والله جميل،
اصبر وعندما يأتيك البديل، ستشعر كأنك من الملوك سليل، أو كأنك قيصر أو نبيل.
وما يكسر الله بخواطر عباده إلا خيرا لهم؛ وليذيقهم طعم الفرحة بعد الصبر الطويل.فرد الفتى : وا حسرتاه على قلبي فقد مات
ويا ليت كلامك أتى قلبي قبل الممات
فلكان استيقظ وحب وكره وفاق من السبات
ولكن الله حقق منيتي وصرت بلا شعور أو دماء، فإني
ثاو على صخر أصم وقلبيَ
أمسى كهذي الصخرة الصماء