التحدي الثاني
البداية
قد كنتُ يومًا في حقل ذهبيْ،
وحدي بلا أمي ولا أبيْ،
فرأيتُ طيرًا يحلق فرِحًا كما الصبيْ،
ورافعًا رأسه عزيزًا أبيْ،
كما لو أنه فيه قد رَبِي.فناديتُه : تعالى أيها الطائرْ، تعالى ولا تكنْ حائرْ.
اقتربْ وخذِ الحبوبْ، ولا تكنْ مجرد عابرْ.
تعالى واتركِ الريوبْ، تعالى ولْتكنْ سائرْ.فاقتَربَ مني رويدا خائفًا،
قالقًا من أن يكون صيدًا نازفًا،
وظن البسم على شفتاي زائفا،
فابتعد عني مسرعًا، وأمسى طائرًا لنافذة الحلِّ،
لنافذة حريةٍ بلا الذلِّ، فارتقى إلى الجبل من التلِّ.الحريةُ وما أدراك ماهيتَها،
فالحرية صعبٌ منالُها،
وما أدرى الحرُّ مذاقَها،
هل من ولد عبدًا
كمثل من ولد حرًّا؟
كلا أبدًا.
وهل من ولد والذهبُ دونَه،
كمثل من ولد ولا يملك من يعينُه؟ذو الذهب لم يذُقْ شيئًا لسانُه.
وذو الوَحدة ذاق العالمَ كلَّه.فقلت حزينةً : لما خِفْتَ، ألم تكفِ ابتسامتي؟!
وسوءً بي ظننتَ، ألم ترَ بعض برائتي؟!ظُنوا خيرًا، ولا تظنوا شرًّا بالناس أيا بشرًا.