كان المطبخ فخر جورجينا ومصدر فرحها ... انه الجزء الوحيد فى المنزل الذى رتبته كما يحلو لها . كانت الغرف الاخرى قد اعدتها بطريقة متقطعة وعلى مراحل ، وذلك كلما سمح لها وقتها وحالها . ولكن المطبخ الذى كان فى حالة مزرية حين وصلت جعلها تستدعى متعهدا رامية الى الجحيم المصاريف الزائدة . وكان ان اخرجت كل ما فى داخله ، لتبدا من الصفر 0
وجاءت النتيجة رائعة فقد جمع المطبخ بين سحر الريف وبساطته وبين روعة القرن العشرين ومتطلباته ، تسللت اشعة الشمس الى النوافذ المنزوية قرب طاولة الفطور وتلاعبت على الارض الآجرية الحمراء .... وكان الآجر الاحمر قد بنى من جديد حول الفرن الذى انكشف تحت طبقات من الصخر الزائف والطلاء واوراق الجدران .منتديات ليلاس وكانت الاوانى النحاسية معلقة بمشاجب متدلية من السقف فوق خشبة تقطيع لحم عريضة اثرية ، وكان يجمل سطح الفرن البراق وعاء نحاسى عمره ثمانين عاما 0
جلست جورجينا فى ركن الفطور ، تنظر بقلق من حين الى اخر الى باب المطبخ المقفل .... انها تكره الابواب المقفلة ، ولكنها كانت تسمع تحركات تاليس الذى كان ينقل اغراضه ، وهى لا تريده ان يطل عليها فيجدها غارقة فى كتاب عوضا عن تحضير الديك الرومى الذى وعدته به 0
سمعته ينزل الدرج ثانية ، فحركت القدر امامها على الطاولة ، وابتسمت من اعماقها .... انه صوت مؤثر لشخص غارق فى الطبخ ... ومن المؤسف الا تستطيع اختراع الروائح المناسبة ! ثم ضحكت ضحكة شيطانية قبل ان تعود الى قراءة الكتاب 0
فى السادسة والنصف ، انطلق جرس الفرن ، فتقدمت الى البراد لتخرج من الثلاجة قطعتين من الديك الرومى الجاهز فرمتهما فى الفرن بلا اكتراث ، ثم تمتمت : مع كل التوابل ....
فكرت فى اعداد مائدة الطعام بافضل الادوات الصينية ولكنها تراجعت ، اذ سيبدو ذلك فاضحا .... وهى تريد ان يفهم تاليس ان الطعام الجاهز هو الوجبة المعتادة فى هذا المكان . فاذا كان على معرفة بامور الصحة فستكفى نظرة واحدة الى الاطعمة المحفوظة فى معلبات فى جعله يبدا بتوضيب حقائبه ثانية 0
احست لهنية بالندم . لقد فكرت فى الواقع بعد الظهر بالذهاب الى البلدة لشراء ديك رومى حقيقى ... وهذه الرغبة عزتها تماما الى اندفاع الانثى عندها لكسب رضاه ... لكسب الاعجاب فى عينيه منذ كانت صغيرة ... وهذا امر غريب فهى لم تكن بعد قد دخلت فى عمر الانوثة ولم تكن كذلك حبيبة احد ايضا ، اذن من اين اتى ذلك الشوق الى رؤية ذلك القول الماثور : قلب الرجل يمر عبر معدته 0
منتديات ليلاس
نزل تاليس الى المطبخ فى تمام السابعة ، وحينما رات عينيه تلمعان وهو ينظر الى المطبخ ، احست للمرة الثانية بالندم . ولكنها سمحت لنفسها بتامله برهة . كان يبدو اقل تعبا فشعرت بوخز من نوع اخر فقد كان يرتدى قميصا ملونا يلتف على كتفيه العريضتين ، ويشتد فوق خطوط صدره ، ومعدته المسطحة .... فسارعت تدعوه لتمنع عينيها عن النظر الى منظره الوسيم الرائع 0
-اجلس على طاولة الطعام 0
أنت تقرأ
الوعد الاسمر _كوين وايلدر
عاطفية..... لم يكن يظن انه سيتذكرها اطلاقا ، ورغم ذلك تذكرها حالما شاهد هاتين العينين الرماديتين العميقتين كبحيرة من غموض ...... هل يعتذر لها عن الطريقة التى صدمها بها منذ عشر سنوات ؟ لاشك انها نسيت الامر فلماذا يثيره ؟ لكنه كان يعرف انها لم تنس ولم تغفر...