٤- ثلاثية «كُن» للحياة

86 17 50
                                    

كُن كالصبار مسؤولاً.. وتعلم منه الاكتفاء..
أفنى حياته في الصحراء.. فأدرك قيمة الماء..
فحرم على نفسه إهداره بالبكاء..

وأدرك أنه إن بكى، أمسى نبتة جرداء.. هزيلة، صفراء..
أمسى عاجزاً عن إنبات زهرة وردية، هي كل ألوان الصحراء..

أدرك أنه وإن بكى، وأعجز نفسه بالنداء..
فلن تقف له راحلة تعانقه، ولن تتساهل معه رياح المساء..

فأحال همومه أشواكاً، وأنبت جذوراً بالعناء..
ثم وقف شامخاً، صامتاً، يعد أبداً نجوم السماء..
فسماه البشر "صباراً".. لا علم لي أشرفاً كان أم ازدراء..

المهم أنه عاش وحيداً، سعيداً، كما يشاء..
ونقش بعد التضحية أثره، بعنوان.. زهرة الصحراء.

🌵

كُن كاللؤلؤ نادراً.. واقتبس منه الكمال..
نشأ في ظلمات البحر.. فأدرك ضرورة الاستقلال..
فبدأ بالسعي دونما تسويف أو إمهال..

وحيداً خلف قضبان قصره بهيِّ الجمال.. رديء الحال..
بين ظلمة فكيه، فظلمة الأعماق، فظلمة الليال..
ظلال على ظلال.. مجهول المآل..بلا حيلة أو مِحال..

إلا أنه عاش ونما، دونما اضطراب أو اختلال..
كالهلال حال نقصه، كالبدر حين الاكتمال..
فجذب -على عمقه- من عالم الأنوار بشراً، ليُعامَل بكل إجلال..

تثمين جهده، لمعان سطحه، لقاء أصدقائه.. كانوا سابقاً ضرباً من الخيال..
لكنهم بسماء من البذل ونجوم من الآمال.. استحالوا إلى واقع من مُحال..
الماضي كان العتمة والضلال، والهدى والنور كانا المآل..

فكان ختاماً للبذل والسعي مضرباً للأمثال..
"فإن تطلب اللؤلؤ، عليك بالغوص في عمق البحر فما على الشاطئ غير الزبد" كما يقال.

🔮

كُن كالرياح مرناً.. واكتسب منها العنفوان..
بكل عدل تمر فوق رؤوس مُغبرَّة وأخرى تعتمر التيجان..
تنتشر لتملأ كل الجنبات، لوجودها اعتبار في كل مكان..

كالأنسام أحياناً، تحيي الأفئدة والوجدان..
وكالعواصف أحياناً أخرى، تدمر الأملاك والبنيان..
كالصحابة عليهم من الله الرضوان.. رحماء فيما بينهم أشداء على العدوان..

تتمشى بحرية بين السهول والوديان..
وقد تعترضها أشجار الغابة والجبال بعض الأحيان..
فتسير باستقامة، تنعطف، وتميل، بدل الاصطدام بالجدران..
حتى تصل إلى حيثما خلقت لتصل، لتتلاشى بعد أن أتمت دورها بإتقان..

رغم ذلك فهي مهمَّشة، تذهب وجهودها طيَّ النسيان..
لا تطالب أحداً بأجرها، وهم بدورهم لا يؤدون العرفان..
هذا على عكس أحد أعرفه، يدعو نفسه بالإنسان..
لديه فرصة لتكرَّم جهوده إن بذل، فإن ليس في الدنيا ففي الحيَوان.
لكن علة ما تمنعه على ما يبدو.. قدروا ظروفه فهو كسلان.

وختاماً، فهي لا تشعر بالدون أو الخذلان..
فهي لا تنتظر شيئاً، فهي -كمثلنا جدلاً- من جند الرحمن.

🌫

☘°☘°☘°☘°☘°☘°☘°☘°☘°☘°☘°☘°☘°☘

٣٥٣ كلمة.

استخدمت من الكلمات المطلوبة: (الصحراء، البحر، والغابة).
كما استخدمت (القصر) لكن على هيئة (قصره) لذا لا أعلم إن كانت ستحتسب أم لا..
لكن في كل الأحوال، المطلوب هو أحدها لا أكثر، لذا لن يؤثر احتسابها من عدمه في شيء.

داخل جحر الأرنبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن