00-فَرَاغ

104 14 26
                                    

الديجور يبسط ذراعيه ليعانق الزقاق الضيق و يحجبه عن الأبصار

ليس كما لو أن شخصا ما قد يرغب بالمرور من ذلك المكان على أية حال

عبرات السماء تتسابق لتقبيل الأرض حتى غدت تتدافع بعنف تخترق هدوء الليل المخيف

لا شيء يسمع مطلقا عدا صوت المطر القوي و صوت شهقاتها العالية ... !

كانت تضم ركبتيها إلى صدرها تعانقها بشدة و تطلق سراح أنين فاقد للأمل امتزج مع نشيجها المرير

تقبع على الأرض دون حراك منذ أكثر من ساعة ،

المطر قد بللها بالكامل فاتحا المجال للبرد بأن يلسع جسدها الضئيل المحتمي ببضع أسمال خفيفة

ترتجف بونى دون أن تتزحزح عن بقعتها أو تفصل رأسها عن ركبتيها الملتحمتين

دموعها تتحدى قطرات الغيث الباردة و تسابقها إلى ركبتيها لتزيد من بللها لا أكثر

" ستمرضين إن بقيت هنا "

صوت اخترق المطر و عكر سكون المكان

رفعت رأسها تنظر إلى الجسد الواقف أمامها ، لايسعها رؤية ملامحه بشكل واضح بسبب العتمة ، بيد أنها تستطيع تمييز انحناءات جسده ،

مظلته السوداء التي تستقر بين أصابعه قد حجبت عنها قطرات المطر الغزيرة

" تعالي معي ! "

يد ضئيلة امتدت نحوها و مافعلت غير أنها حدقت فيها بصمت ، توقفت عن ذرف الدموع لتعلن استسلامها و غلبة الغيوم في السباق

وجدت نفسها تشد على تلك اليد دون شعور منها ،
شابكتها مع كفها المرتجفة ترتكز عليها وتقف بضعف

لا بد أن وقتها لم ينته بعد

كان بإمكانها البقاء هناك لتتجمد بردا و تلقى حتفها

كان من الممكن أن يستيقظ الناس ليعثروا عليها جثة هامدة تستلقي دون حياة وسط الزقاق الضيق كفتاة الكبريت تلك

إنما قصتها مغايرة عن تلك و وقتها لم ينته بعد !

ومن المؤسف أن ذلك لم يحصل !

لم يكن مقدرا لها أن تموت ، ليس بعد ، ليس في ذلك المكان

لذا هاهي ذي تلتف بغطاء دافئ تحيط بكفيها كوبا من الشاي الساخن في مكان ليس أقل غيهبا من الخارج !

فراغ || M.YGحيث تعيش القصص. اكتشف الآن