يجُرني الأشقر خلفه بخفة،أصوات خطواتنا مسموعة في كل حيّ نمر به، بصمت مخرس يتغلغل أواسط ثغراتنا،وإدراكٍ لايتشبّه بإستعقاله إلا مجرّب،فجأة قد لاح لي،دون الآخر.. أ حقا لا أحد سواي يعقل ذلك الصخب الفاتر؟الكل مشغول بذاته،وسط هذه المدينة الصاخبة،الأضواء اليافعة،واناسهم الراكضة
قد حزرت بالفعل.وقفنا قرب حافلة ستأخذنا إلى بوسان..مدينة العزاء حاليًا،الساعة توشك أن تقترب للخامسة صباحًا
اللساعات الباردة والجو الهادئُ يغرقني أكثر بمخيلتي الفذّة،ويزيدُني فوق العمق عمقًا بالسكون.إنتظرنا قليلا، أم أقول انني وحدي من فعلت
فصديقي المكتئب والذي ما لبث أن قعد في أقرب مكان يمكنه إستدراكه، قد أخذ يعيدُ دورة الحياة في ذهنه، حاملا حقيبته في جهة بطنه كعادته الأثيرة التي لا تكاد تنفك عنه.فيما يزداد إسترخائه مع إزدياد تفاعل البرد مع جسمه،يمكنني رؤية محاولته لتذكر مُكتنز الهاوية كلما إرتجف أكثر،نسيانه المؤقت في فترات الآن وإن كان محببا للاوعيه،طبيعة بشرية، إلا أنها أصبحت توسّم فيّ السخرية لشيء لازالت في طور البحث عنه.
ربما لأنني بتّ أحلل أكثر من المطلوب.
نظرتُ إلى ساعتي حينما مرّت دقيقة فقط
الزمن يتباطئ عنوة،أنا أغبط البائس في بيته،يتمتع ببؤسه وحيدا منعزلا،جحيم راقي.جاءت حافلتنا أخيرا،حدّجت السائق مكفهرّا بسرّية
أعلمه أن تلك الدقيقة والنصف كانت ثمينة لشخصٍ مثلي ، ماجعله يرمش متوترٍا،يفرك راحة يديه بينما يطلبنا للصعود .حبلقت بجيمين، هو تمادى فيما هو عليه ،
نسِي نفسه ، أشك أننا عكسنا الأدوار الآن .إقتربت من مجلسه ،قرصت جانب إصبعه الخنصر الذي كان يلامس قليلاً من شفتيه حين إتكاءه ، ألقى بعينينه الضائعة إلي ، فتلألأت حوافهما حين سطوع قليلٍ من ضوء أحد السيارات القادمة علينا، إنه يدمع .
- لا عليك صديقي ، سنفعلها بسرعة ونعود .
أخبرته بأرقّ لكنة أملكها فيما أعيد يديّ لجيوب بنطالي،أرسم شبح إبتسامة أعتقد انه إشتاقها.
بقي يمعن البصر فيّ دون نبس كلمة،الحركة الوحيدة التي كان يفتعلها هي تضييق جفنه كلما إقترب ضوء سيارة في جهتي،يريد الإستحسان في رؤيتي،زاما شفتيه قليلاً كأنما يبتغيني في حديثٍ مدسوس.
تنهدت،حبذ لو تكون الخطوات الأولى من نصيبي هذه الأيام لبدأ شيء معه،لأنني لا أعتقد ان فكرة إنتظاره لذلك قد يعجّل من الأمر،أتفهّمه.
أنت تقرأ
فصُول السنة .
القصة القصيرةالموت تسلبُنا أم نحنُ نحفر السماء لنستنجدها ؟ - جونغكوك - جيمين ©ييلهام.