ماهي أقدم ذكري تذكرها ..
تلك الذكرى البعيدة التي تحتاج لأن ترجع دماغك للخلف و تغمض عينيك و تبحث في داخل كينونتك
إنني أحاول أن أتجنب ثرثرته و أحاول أن أتذكر كيف بدأ الأمر
.
_ " عليك أن تصدق أنك لا تستطيع الهروب مني يا صديقي ، لا يمكنك أن تحاول حتي "
_ أنا " لا يمكنني ذلك ، يمكنني أن أصل بدون مساعدة من أحد "
لكنه كان يبتسم بكل سخرية .. لقد كان ذلك يوماً ما أحد كوابيسي
تخيل أن تعيش في أظلم كوابيسك .. كيف تعلم أنك لا تحلم .. إنني هنا الآن في تلك الغرفة الملعونة ، بدون أبواب أو شبابيك أو أي منافذ .. إنها تلك الغرفة بالمستشفي .. أجلس علي هذا السرير و أرتدي رداء المستشفى و بجانبي كل تلك الأجهزة و الأسلاك التي تخرج و الأخرى التي تخرج كلها عبر جسدي ..
دقائق قليلة من قبل ذلك كنت أغط في النوم لأفتح عيني و أجده بجانبي
لأُفجع من الصدمة ككل مرة يحدث ذلك .. لأن شكله البالغ القبح لا يمكن نسيانه و كيف و هو الشيطان نفسه
.
يحضر كرسيه بالقرب مني و يجلس عليه بالمقلوب
كل كلمة يقولها أسمعها في رأسي حتي إن أغلقت أذني
كل كلمة أفكر فيها يسمعها كأنني أنطق بها
يكون بجانبي عندما أستيقظ مذعوراً ليس فقط من هيئته المخيفة التي يظهر بها .. إنه الشيطان نفسه ، لكن ما يزيد الذعر الذي أعانيه هو كوني لا أستطيع الحراك ، لا أستطيع الصراخ .. أنا فقط روح في جسد ميت
حتي يقف و يحضر كرسي من الإثنين في الغرفة و يذهب به بجانبي
ويفرقع بإصبعيه فأتحرك ، لأنزع عني تلك الأسلاك و الخراطيم .. لا أستطيع تذكر شيء عن حياتي السابقة .. إنني في ذلك الكابوس منذ سنين و سنيين
فقط أتذكر ما يذكرني به هو
.
_ " هل تريد اللعب " بإبتسامته القبيحة تلك
_ أنا " هل يمكنك أن تكف عن كونك بهذا القبح المخيف رجاء "
_"هذا فقط يا سيف " ثم نظر إلي و هو يتحول مبتسماً تلك الإبتسامة الشيطانية الكريهة بينما كنت أصرخ فيه
" لا أرجوك لا تكون في صورتها ، أرجوك ، لا تفعل لا تفعل "
لكنه فقط يضحك
عندما يتحول إلي صورتها ، تلك الفتاة .. أتذكرها و أتذكر كل ما عانيته بسبب حبها .. كيف كنت أعشقها .. أتذكر أنه في كل مرة يفعلها ، لسنين بعيدة و أنا خالد في تلك اللعنة القبيحة
.
يتكلم بصوته القبيح الذي لا يتناسب معها
" تريد أن نلعب مجدداً .. أنا دائماً أفتقد اللعب معك يا صديقي العزيز سيف "
_ سيف " كيف جئت إلي هنا ، كيف بدأ الأمر "
_ " إنك تعرف قوانين اللعبة يا سيف "ها أنا أحاول أن أتذكر بمفردي " سأتذكر بمفردي "
لكنه لا يدعني أحاول .. هو فقط يبدأ اللعب
_ " في تمام الساعة الثانية صباحاً في الخامس من إبريل في سن العشرين كنت تشاهد ذلك الفيلم الإباحي علي هاتفك "
لأتذكر ذلك الذنب كأنني أعيشه و أؤنب نفسي و ضميري " أرجوك توقف لا تفعل ذلك معي .. أعلم ذنوبي ولا أعلم حياتي "
.
_ " في الساعة الثالثة عصراً .. كنت تستمتع باللعب بينما كان آذان العصر يملأ الدنيا .. كانت والدتك تأمرك أن تقوم لصلاتك و كنت لا تفعل "
لأتذكر تلك. التفاصيل و أندم عليها .. ها هو يقوم بتقليد صوت أمي" أتقوم بالرد علي أمك بصوتك العالي " ... لأتذكر ذلك اليوم أيضاً إنه يوم آخر سيئ لي كنت أتشاجر مع أمي .. ذلك اليوم الذي أندم عليه بشدة
لأتكلم من جديد " أرجوك توقف ، لا تخبرني بذنوبي و سيئاتي .. أنا أتذكرها كأنني أراها تحدث أمامي ، لا أستطيع أن أمنع نفسي من أن أسمعها منه لا أستطيع أن أتجاهله و أن أتذكر ما أريد فعلاً تذكره
أريد أن أتذكر كيف كانت حياتي كلها ، بالتأكيد لم تكن كلها معاصي ، لم أكن طول حياتي أتشاجر مع والدتي .. لكنني لا أتذكر سوى تلك الذكرى التي يذكرني بها الشيطان
بالتأكيد لم أكن أهمل صلاتي لهذا الحد ، لكنني أتذكر فقط تلك الذكرى التي يخبرني بها هو .. لم أكن طوال ليلي أشاهد الصور العارية و الأفلام الكريهة تلك لكنني فقط أتذكر ما يذكرني به
قد تكون تلك ذكريات عادية .. لكنني أندم عليها أشد الندم .. تلك الذكريات الكريهة طالما ندمت عليها ، طالما تمنيت أن أعود بالزمن لأمسحها
طالما تمنيت أن أعود بالزمن فأصلي عصر ذلك اليوم الذي ضيعته .. طالما حلمت بالعودة للزمن لأقبل رأس و يدا والداي
لطالما حلمت بالعودة لتلك الليلة فلا أفعل ما فعلته بل أقوم و أتوضأ لأصلي قيام تلك الليلة
.
تكون تلك الذكريات مؤلمة أكثر حينما لا تتذكر شيء عن حياتك غيرها
كيف كنت فعلاً ؟! أنا لا أعلم .. كل ما يخبرني به هو الذنوب التي فعلتها فتبدو حياتي كأنها كلها سوداء لكن هناك شيء في داخلي يخبرني أن تلك الذنوب لا تمثل حياتي كلها
.
_ " هل تريد أن تشاركني اللعب يا صديقي العزيز سيف ؟ "
![](https://img.wattpad.com/cover/174535840-288-k513126.jpg)
أنت تقرأ
البرزخ
Science Fictionإذا كنت لا تتذكر أي شيء عن حياتك .. لن تحب أن تتذكر لحظة واحدة فقط كنت تقوم فيها بذنب ستبدو كأنك كنت تقوم به طول حياتك هل ستلعب مع ملك الخداع لتتذكر هل تثق بالشيطان ليساعدك .. انت تعلم أنه لن يفعل أبداً . . لا تعتقدوا أنكم يمكنكم توقع النهاية فأن...