موسيقى الجاز الهادئ تمحو سكونَ المقهى ، أضواءه الخافتة المنعكسة على أسطح القرميد الناتئ على الجدران بدرجاتها المحمرة
تنبتُ بين شقوقهِ أنواعٌ من النباتات المتسلقة المختلطة بوردٍ أبيض وأحمر ، لعلي أميزُ اللبلاب من بينها رغم مرور كل ذاك الوقت منذ آخر مرةٍ تفحصت فيها نبتةً ما. قطع تأملي همهمة النادل
انه الوقت الآن ،وسط ضجيج هذا الكون الغير آبه لنا ، أطفأت شمعتها الوحيدة
ثم همستُ
-أيكون الوعدُ ملازمًا لنا إن نطقنا به ؟
ابتسمت هي ، لطالما قطعنا مسافاتٍ طويلة قبل بزوغِ الشمسِ حتى ، ثمةَ روابط أكبر من أن تقيد بميثاق، حتى بعد مرورِ هذا الوقت ، وهذه المرحلة من الغياب والتعثر والوحدة، أستيقظُ كل الصباح أنفض غبار النوافذ رغم يقيني بأن لا زائرَ قد يقصدُ تلكَ البقعةَ حتى ، أقترب من آلتي الكاتبة وأحاول البتَ في حرفٍ ، لكن كل ما أتهادى إليه القصة نفسها ، الشخوص هم الشخوص ، بمصائرهم وسماتهم.
أنام دون أن أشعر ،وحينَ أحلم أرى البعضَ وحيدًا على حافةِ النسيانِ مثلي ، والبعضُ الآخر راقدٌ بسلامٍ بينما روحهُ تطوفُ في عالمٍ آخرَ بعيد.
وعلى حينِ غرة قَطَعتْ صمتها ، ضحكَت بينما أخذت تقلبُ قهوتها محاولةً عدم الخوض في بحر تساؤلاتي مجددًا
- أترين ؟ مازلت أحب حشرَ مكعباتِ السكر وسط قهوتي حتى بعد ثلاثينَ عامًا.
أخذتني الضحكةُ ذاتها مأخوذةً بذاتِ البعد،مسحت دمعةً فارة ، لم أتوقع يومًا ما أنني قد أخرج من تلك الفجوة، أحيانًا كثيرة أشعرُ بأنني شبحٌ لروحِ لُفظت وسط الأنقاضِ ومازالت تهيمُ باحثةً عن ملاذ.
ابتسمتُ هامسةً خشية أن يسمعني أحدٌ ما لأقطع صمتي الذي طال حديثها، أنا كذلك ، أنا كذلك..... لكن أمامنا متسعٌ ورحلةٌ طويلة.
ابتسمت هي بعدما ارتشفت كوب قهوتها.
انتِ فعلًا لم تتغيري .
-----------
خواءُ وضياءٌ خافت
وصمتٌ يحوطهُ لحنُ صراصير الليلِ يُسكِننا وحشة ويغمر الفضاء.
فردًا فردًا متشحين بالسودِ نصطف منتظمين، توجهنا إلى أعتابِ الميناء حاملينَ ملائاتنا بين جنوبنا، تأكدتُ من وجود الذخيرة ،اقتربنا من الهدف ثم همست:
لننفصل إذًا إلى ثلاث مجموعات ، أنا وأليسون وكيفين سنختبأ على مقربةٍ من الهدف وسنتولى الهجوم المباشر، إيمي وشارل ستتولون المراقبة ، ديانا وجيمس اختبؤوا على بعدٍ ليس بالكبيرِ عنا للدعم.
ديانا بهدوء- يفصلنا عن الميناء مايقارب الأربعون قدما هل نستطيع الوصول اليكم بفارق المسافة هذا ؟
أنت تقرأ
سوناتا الضياع
Historical Fictionمُسورةً باتقاد الذكريات أغني صوتَ الحربِ في لغتي وأروي صورةَ الحلمِ في لُبِ الحكايا أسدل ستار الحلم عن عينيكَ واتبعني لونُ السِلم فينا يسكن أطرافَ هذا الكون يجمعنا حين كان صوتكَ غارقٌ في أقصى الصمتِ -j.w