Scene {1}

756 61 85
                                    






الساعه التي في الجدار مستفزه للغايه.. خاصه ان الجدار الذي هي معلقه به مجرد جدار ابيض فارغ ... لا شيء مميز به سوى انه يصدر صوت رتيب .. والصوت ليس منه .. بل من عقارب تلك المختله وقتيا ... ورغم انني لست ممن يهتمون بالوقت ! الا ان الساعه كانت تشير للتاسعه .. ونحن في وقت الظهيره ! ولا يمكن للساعه ان تشير في الظهيره للتاسعه ابدا ! اما ان تكون من ساعات الصباح .. او انها من ساعات المساء ..ورغم انها ستتكرر مرتين في اليوم ! فستظل الساعه مخطئه ! وانا التي تعلم ماهو الوقت الصحيح ..

ورغم ذلك حين سئلت مره عن ( كم الوقت؟ ) اسهبت في الإجابه المختصره "لااعلم !"

فلا يمكنك التنبؤ بما هو الوقت الصحيح هذه الأيام .. و انا لست مهوسه بالوقت ! ولست مستعده لشرح ان الوقت الذي نعلقه على الجدار .. لا يقتضي قانونه بداخلنا ..فنحن بداخلنا في بعد وقتي آخر .. يمكننا العوده للماضي متى رغبنا .. ويمكننا كذلك ان نسافر للمستقبل .. ويمكننا ان نبقى في حلقه مفرغه من لاوقت ! وهذا ما يجعلني متجهمه طوال الوقت .. ان العالم البرت اينشتاين حين اتى بنظريته النسبيه .. كان قد فكر جيدا .. حين انتقى كلمة نسبيه .. اي بالنسبه الى شيء ما .. فسرعتي حين اسير بقدمي .. هي بالنسبه الى سرعة دوران الأرض.. بالنسبه الى سرعة دوران الأرض حول فلكها.. بالنسبه الى دوران الفلك في المجره ! سيتدخل الوقت بعد ذلك في الحساب ! .. فلقد كان العلماء يدخلون في حلقات مفرغه لا يعلمون سرعة ماذا الى ماذا ونظرية نيوتن قد اُبطلت ... حين اتى اينشتاين وقال فحسب ( بالنسبه الى ! ) .
لذلك لا شك في انني حينها لن اعلم حقا ماهو الوقت الصحيح .. الوقت بالنسبه لماذا ؟ وهذا ما يجعلني اقول لا اعلم !
ولكن و بغض النظر عن كل ذلك و عن مالذي يشاهده ناس هذه الأيام بالنسبه الى التلفاز ! الا ان عملي يقتضي على الكذب !

يجب ان تكذب .. لتعيش !

و ان اخبرني شخص انني اجيد الكذب فسأقول " شكرا هذا شرف عظيم لي .. لأنني هذه الأيام احاول العيش بكل ما استطيع ! "
وما استطيعه هنا هو الكذب ! ولست اخجل من هذا الإعتراف .. لأن الحقيقه لا تعطى بالمجان !
هناك اثمان غاليه تدفع في مقابلها .

امامي كانت الشرفه تطل على منظر رائع جدا .. ولكن بجواري تقبع جثه لفأر ميت قد تجمع عليه الذباب .. وما كنت لأطيل النظر للخارج لولا انه شهر مارس .. والخارج مثلج..دمعت عيناي .. ليس على الفأر .. لأنني من قتلته .. بل لأنني لم احضى بالراحه هذا اليوم .. ولكن من ينظر لي حين ابكي الآن سيعتقد انني ابكي لأنني خائفه من امر قد حدث.. وكل مافي الأمر هو انني ابكي لأنني تذكرت ان اليوم يجب علي الذهاب لطبيب الأسنان ... وقد يسخر الكثير مني لأنني اخاف طبيب الأسنان .. لأنه لن يهدد حياتي بخطر .. ولكنهم مخطئون ..
اكبر شيء يهدد حياتي هو طبيب الأسنان ... لأنني سأفتح له فمي .. وفمي هو الذي ادخل اليه الطعام لأتناوله واستمر في البقاء على قيد الحياه .. وهو الذي اتحدث به .. فمي فحسب هو بوابه لداخل جسدي.. حيث تكمن روحي وحيث ستخرج .. هي ستخرج من ذات الباب ... ولذلك يوجد شيء عاطفي اسمه قبله .. حيث تشعر انك تدخل لروح شخص آخر ... وطبيب الأسنان هذا قد يخلع فاصلا من فاصل هذا الباب .. و سيؤلمني وهذا امر قلما يتفهمه شخص ما .. وان اردت الحقيقه الغير مزخرفه .. فإني سأقول انني اخاف الألم .. الألم امر مخيف .. وانا لا احب ان اتألم ...

قد دخلت علي الخادمه تدنو مني " سيدتي الصغيره .. يكفي بكاء ما ذهب فقد ذهب "

واشارت الساعه للثالثه ذاك الوقت .. وقد كان المساء قد حل .. يجب علي كذلك ان اقرر مالذي سوف اتناوله اليوم ..

حين تصل لسن الثلاثين .. ستدرك ان مبادئك .. واخلاقك .. جميعها معا .. قد تتطحم في لحظه ما ..

ففي وقت ما من الأوقات .. كنت اعتقد ان الكذب جريمه لا تغتفر .. ولكن حين تحطم مفهومي من اول كذبه .. قلت .. ان الكذب لا بأس به من وقت لآخر .. ولكن حين احترفت الأمر .. قلت : ان الكذب ضروره لا بد منه ! .

انا كاذبه ... ولكن ذلك لا يعني انه لا يجب ان تصدقني ! لأنني حينها سأحزن .. لماذا لم تصدقني .. الم اكن مقنعه كفايه ؟

نظرت لها وتداركت ماينبغي علي ان اامرها : " كيف سأستمر بالعيش الآن .. حتى الثلج يعزيني يا سوريتا .. حتى الثلج يعزيني .. شهر ديسمبر يحمل اغنيات حزينه يا سوريتا ... اغنيات لا يمكن لقلبي تحملها "

علقت سوريتا عينيها على نافذتي .. واعتلت نظراتها حزن قديم .. ولم اكن افهم مالذي تعنيه تلك النظرات .. وتسائلت .. هل هو لأجل انها تقوم بخدمتي منذ زمن طويل .. ام لأنها تشتاق لأحدهم ..ووضعت اقتراح اخير على انها لربما تؤلمها ضرسها كذلك !

ما اعلمه حق المعرفه .. انها خرجت من الحجره متجه صوب الباب تخبرني انها سوف تخبر السيد الكبير انني لست في حاله جيده !

وقفت من الكرسي وذهبت فورا خلف الجدار وخلعت مني كل ما كنت ارتديه ... كل ماحولي ينظر لي .. لم ابتسم .. رغم انني اردت .. الا ان رائحة الفأر الميت الذي لم يجرؤ احد على اخذه من اسفل السرير قد خشيت من ان تخترق احشائي !

لكن شيئا بداخلي قال " انت من قتلته ! "
وهل يعني انني قتلته انني المسؤوله عن هذه الرائحه ! لقد قتلته عن طريق الخطأ .

" كلا قتلته لأنك لا تحبين الفئران ! "
حين لا احب الفئران يعني ذلك انها لا يجب ان تظهر امامي !

" لكن عدم حب الشيء لا يقتضي بالضروره فنائه ! وهذا يختلف كل الإختلاف عنما قمتي به "

لم اعد اشعر بنفسي سوى مبتعده اخرج الدرج .. ومن خلفي قد تركت ذلك الصوت بجوار الفأر الميت ! ليتعامل مع الأمر ان كان يشفق عليه ! لست المسؤوله ! .

ولكن اخطر ما حدث تلك الليله .. ان الصوت لم يبتعد كثيرا .. كان اقرب مما اعتقد و ابعد مما اتصور .

{ C U T }

「 The Last Scene || المشهد الأخير 」حيث تعيش القصص. اكتشف الآن