الفصل الأول

31.2K 648 23
                                    

نوڤيلا "عَشَقَ الثَّعلَبُ"
(( الفَصْلُ الأَوَّلُ))

أسدل الليل ستائرهُ السوداء، وكان البدرُ قد طلع كاملاً في السماء، ونشر ألوَّانهُ على الفضاءِ، لتبدأ ليلة رومانسية لن تُنسى تحت ضوء البدر، ليلة ستُغير حياة كُلاً منهما.

وقف بشموخ أمام المرآة ليعدل ياقة قميصهُ، رمق ذاتهُ بفخر وهو يرى نفسهُ جذاباً، حيثُ أرتدي حلة سوداء "ميتالك "، وقميص باللوَّنُ الأسودُ، ورابطة عنق بذات اللوَّنُ فزادتهُ وسامة وهيبة، حيثُ بدى مفتول العضلات.. ممشوق القوام.. ساحراً للأعين، مدّ يدهُ للأمام ليقبض على زُجاجة عطّرهُ الفاخر والمُفضل إليهِ، وبدأ يقوم بإشباع ملابسهُ بها، عقب إنتهائهُ من تلك المُهمة كان يعود بوضع الزُجاجة في مكانها، وهو يشعُر بالحماس على ما سيحدُث الليلة.

سار صوب الباب، ثُم أمسك بالمقبض ليديرهُ بحركة سريعة، فأنفتح الباب وولج للخارج، بخُطوات ثابتة واثقة لا تخشى.

قابل في طريقهُ إمرأة، سيدة أنيقة المظهر، في مُنتصف الخمسينات من عُمرها، جسدها مُمتلئ قليلاً، شعر رأسها أسود تتخلهُ خصلات بيضاء حولتهُ إلى لوَّنُ رُمادي، جعل ملامحها وقورة راقية مع آثار جمال وجذابية مازالت تحتفظ بهما.

وقف أمامها بإحترام، وبدأ بفتح الحديث معها، حيثُ سألها بجدية كعادتهُ :
_ها يا أُمي جهزتي ولا لسّه وراكي حاجة؟!

إبتسمت إبتسامة واسعة قائلة:
_لأ يا حبيبي أنا خلصت خلاص.

أبتسم إبتسامة صغيرة وهو يسألها مرّة أُخرى :
_بس إيه الجمال والشياكة دي؟

مدّت "إيمان" يدها نحو ذراعهُ لتربت عليهِ قائلة بسعادة كبيرة :
_طبعاً لازم أبقى كده، ده النهاردة كتب كتابك، اليوم إللي أستنيتهُ من زمان.

أتسعت إبتسامتهُ أكثر حتى برزت أسنانهُ، لمعت عينيه بوميض العشق حينما تذكرها، شعر بدقات قلبهُ التي تدُق كالطبول، شعر أن والدتهُ تسمع دقات قلبهُ من كثره قوة وعُنف الدق، شعورهُ اليوم أنها ستُصبح ملكهُ لهُ فقط شعور سعادة حقيقة لم يتذوقها مُنذ عدة أعوام بسبب طبيعة عملهُ، رغم أنهُ عُرف عنهُ بالثعلب بسبب أفكارهُ الماكرة وكذلك نظراتهُ، وغير ذلك أصبح تعاملهُ مع المرء تعامل به بعضٍ من الشدة وفي بعض الأحيان يُصبح التعامل به نوعٍ من القسوة، إلا أنها هي الفتاة الوحيدة التي سرقت قلبهُ بدون سابق إنذار.

خرج من شرودهُ على صوت والدتهُ القائل:
_إيه يا حبيبي مش يالا ننزل؟؟

أومأ برأسهُ عدة مرات وهو يقول بصوتهُ الرخيم:
_عندك حق، يالا بينا.

************
تلألأت النجوم في السماء بصورة واضحة رائعة حينما وصل صاحب تلك الليلة، صف سيارتهُ أمام مدخل البناية وترجل منها وهو يوجه أنظارهُ على البناية التي تُقطن فيها معشوقتهُ، وصلت سيارات أُخرى وبدأوا يصفونها خلف سيارتهُ، أستدار ليرى أقاربهُ ورفيقهُ الوحيد قد وصلوا، أول شخص ترجل من السيارة كان رفيقهُ الوحيد، حيثُ كان قد عاد من إحدى الدول الأوروبية من أجل حضور تلك اللحظة التي سيتزوج بها صديقهُ، ركض الرفيق الذي يدعى "طارق" نحو صديقهُ وهو يصرُخ بإسمهُ بسعادة، ففتح الأخير ذراعيه ليحتضنهُ بقوة، أخذ يربت "طارق" على ظهر رفيقهُ بقوة دليلاً على سعادتهُ وشوقهُ كثيراً لرؤيتهُ، لحظاتٍ وكان يتراجع للخلف وهو يردد بفرحة :

نوڤيلا «عَشَقَ الثَّعلَبُ» ©- كاملةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن