خلاص

54.2K 1.5K 86
                                    

إن الجروح التي تتحول إلى ندوب تبقى مؤلمة للأبد..
      و إن ألم الندبة الأولى لا يشبه أي ندبة..و ألم الندبة الأخيرة يبشر بالخلاص..
                                               ###
لقد صرخت باسمه حتى انقطع صوتها..وضعت رأسه على ركبتيها..
    لا تعلم من يجدر بها أن تطلب للمساعدة ؟
              تبكي و تنظر حولها في هلع..تمرر يدها على خصلات شعره دون وعي..لو كانت واعية لما خاطرت أبدا بلمسه
    و لكن الأمور تتغير رويدا رويدا..و كأن الخوف عليه بدأ يتغلب في داخلها على الخوف منه..
              في تلك اللحظة التي فكرت أن تخرج هاتفها لتستدعي مروان
جاء أحدهم بخطى سريعة و كأنه استجابة لدعائها المستميت
       لقد دعت كثيرا أن ينتهِ عذابه و أن ينقذه أحد..

- " عمر؟!"

ناداه هكذا دون ألقاب..كان يرتدي نفس ملابس الحرس الخاصة بهارون
          حينها تحفزت هي..نظرة متألمة و مستنكرة ظهرت على وجهها وسط الدموع..لا لن تتركه لأحدهم كي يصنع في روحه ثقبا آخر كما صنع الآخرون في الجسد..
                
    - " لتبقَ مكانك و لا تقترب! اذا اقتربت خطوة واحدة سأتصل بحرس السيد مروان..حينها لن يكون الأمر جيدا ! "

حاولت الدفاع عنه بكل ما تبقى لها من حيلة..بكل ما تبقى لها من قوة
       ابتسم الرجل ابتسامة حزينة أكثر منها ساخرة..

-" أنا هنا لمساعدته..جسده ثقيل لا تستطيعين نقله و لا تستطيعين انقاذه "

كان فظا بعض الشئ بالنسبة لرجل يحاول المساعدة
     اقترب منها بخطوات لم تعلم هي اذا كانت غاضبة أم قوية..
انتزعه من بين يديها و هي تقاوم كي لا تفلته

-" أفلته!! "

قالت و هي تقوم من على الرمال لتذهب وراءه
         ربما لم تحاول بقوة كبيرة جعله يتخلى عن عمر..
الوقت ينفذ منهما و ذلك الغريب كان أملها الوحيد..

                                    ###
لم تعرف هي أي غرفة تلك التي وصلوا إليها..تبدو غرفة متطرفة و منفصلة عن الفندق..
          و عندما بدأ في وضع جسد عمر على السرير ساعدته
فهو كان متعبا بما يكفي من حمله كل هذه المسافة
        ضغطت على جرح عمر كي توقف النزيف..تتصرف تلقائيا دون تحدث و دون تفكير..هذا ما يفعله الأدرينالين

- " هل تحملين دواء القلب خاصته ؟! "

سأل الرجل دون أن ينظر إليها
   فقد كان منشغلا بتمزيق قميص عمر ليطهر الجرح
       نظرت له بدهشة و فم مفتوح بعض الشئ..لم تكن تظن أن أحدا غير ميرنا يعلم أنه مريض

-" هل أنتِ صماء ؟! " صرخ فيها بقوة كي تستعيد نفسها
    فتحت هي حقيبتها التي تحملها دائما لتخرج حاوية الدواء
لا تعلم حقا لماذا لا تزال محتفظة بها رغم كل ما حدث..
          حقنته كما اعتادت ثم أخذت مكانها على ذلك الكرسي بجانب سرير عمر..
    تتابع ذلك الغريب يعمل..عند نقطة ما تاهت هي في كم ذلك الندوب الذي يغطي جسد عمر..كان جسده يبدو كأجساد أسرى الحرب..
       هؤلاء الذين غيرت الحروب كل إنش فيهم فلم يعودوا أبدا كما كانوا
لا تستطيع أن تستوعب الوضع حتى الآن..دماء عمر تغطي يديها
      منذ بعض من الوقت كان هو حاميها بدل أن يكون معذبها
بدل أن يكون من يكتب كلمة النهاية في حياتها أصبح يحارب كي يكتب كلمة البداية
                تراقب جسده و هو ينتفض من الألم في صمت
و ذلك الغريب توتره يزداد رويدا رويدا..توقف فجأة و جلس على ذلك الكرسي المقابل..كان متعرقا و متقطع الأنفاس

 زواج بالإجبارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن