ألم النجاة

114K 2.6K 59
                                    

إن الألم هو الحقيقة الوحيدة التي لا يوجد فيها استئصال و لا كذب و لا خيانة
   الموت و الألم حقيقتان مطلقتان..
                                          ###
تفتح عينيها بصعوبة..رأسها يؤلمها بشدة و رؤيتها مشوشة
      يد عمر ملقاة على قدميها..يبدو أنه كان يحاول حمايتها في اللحظات الأخيرة و الآن الدور عليها لحمايته
    ظاهريا لم يكن يبدو أنه تأذى كثيرا..وسادة الأمان امتصت كثيرا من قوة الاصطدام
    و لكن هي تعاني كثيرا من الألم و رائحة البنزين تتصاعد رويدا رويدا
تنهدت و أخذت تحاول فك حزام الأمان بيدها السليمة
   فاليد الأخرى كانت ضحية عمر و ضحية هذا الاصطدام
و أخيرا كانت قادرة على الإفلات..وضعت يد عمر بجانبه ثم حاولت أن تفك حزام الأمان الخاص به
    كان ذلك مهمة مستحيلة بالنسبة لها..خاصة مع ثقل جسد عمر و توترها و رائحة البنزين و ألم ذراعها اليسرى
    و لكنها نجحت أخيرا بعد كثير من المعاناة خرجت من باباها و تحاول فتح باب عمر و لكنه كان عالقا و يحتاج قوة أكبر من قوتها بكثير ليفتح

لذلك ذهبت لبابها مجددا و حاولت سحب جسده من هناك..بكت كثيرا
   بكت من الألم و الخوف و الوحدة و الحيرة و الضياع
سحبت جسده بعيدا قدر ما استطاعت و انفجرت السيارة بعد ذلك
    فوجدت نفسها مستقرة فوق جسده تحميه
نعم كان جسدها ضئيلا بالنسبة لجسده و لكن الأمر كله يتعلق بغريزة البقاء
   بالحب الذي لا تستطيع النساء أن تتاجهله و لو تجاهله الرجال
و لكن الأمر لم يكن عن الحب فقط
    كان أكثر متعلقا باليأس و الاعتياد..
لم يعد لها أحد في هذا العالم بعد الله سوى عمر..حتى و لو كان قاتلها
    إنه الوحيد المتبقي..الوحيد الذي ينظر في وجهها صباحا
الوحيد الذي مازال يراها كائنا حيّا
   و هي قد اعتادت..اعتادت منه الألم و اعتادت منه التواجد
لذلك لن تسمح له بأن يتركها الآن

أخرجت هاتفها من جيبها و حمدا لله وجدت شبكة..
أخبرتهم أن ابن المارد تعرض لحادث
كانت تلك الطريقة الوحيدة ليصلوا بأسرع ما يمكن و يتتبعوا إشارة الهاتف
إنهم قريبون من الطريق إلى حد ما
فهي تستطيع أن ترى بعضا من الأنوار تمر كالأشباح و لكن لا طاقة لها لتذهب إلى هناك

كان جسد عمر ينتفض في عدم راحة..لا تعلم هل هو يتألم أم أن الكوابيس لم تتركه حتى في هذه الحالة
خلعت وشاحها ووضعته عليه..تتساءل في نفسها كيف أنها لم تذهب و تتركه ؟! هل هذا اضطراب نفسي ما ؟! هل ما تعيشه الآن هو متلازمة أستكهولم ؟!

"مراد..مراد.." أخذ يهذي أثناء فقدانه الوعي و هي بجانبه

" لا تفعل يا عمر ! على أساس أن أذهب إليه أولا ؟! أنت ترسلني هناك أولا ! لا تذهب الآن..انظر أنت لم تأخذ إنتقامك بعد..لماذا تذهب مبكرا هكذا " توسلت ببكاء و هي تتمسك بذراعه
مهما حدث هي لاتزال خائفة من أن تضع رأسها على صدره
مايزال بداخلها الخوف منه يتصارع مع الخوف تجاهه
و هي تعلم أن الخوف منه سيتغلب في النهاية

 زواج بالإجبارحيث تعيش القصص. اكتشف الآن