شيطان مارد

37 1 0
                                    

لا احد يتذكر بالتحديد كم مضى من الوقت و تلك الاعين تحذق الى بعضها البعض ،لحية سوداء مشعتة و شعر جاف يوحي بأنه له لا يروى الا بما جادت به قطرات العرق عليه ، بشرة كانت في يوم ما بيضاء ام الان فهي اكتر غمقا من تكون قد اترت عليها اشعة الشمس و حدها ، خداه مترهلتان كأنهما تحملان هم الدنيا على كل جانب منهما ،سواد اسفل العينين كأنهما لم تناما من عهد لاكنهما لتو استيقضتا ، تلك النضرات المتعبة تسمرة الان امام عينين اخرتين كل هذه المدة للمرة الاولى منذ زمن بعيد من غض البصر ،،خجلا و ضعفا و حياء و ذلا ، تبحتان لان عن اجوبة او تطرحان اسئلة او ربما لا تفعلان شيء على الاطلاق ،فقط تحملقان ، الى ان اعياهما التعب اخيرا و تحركت بعض قطرات الماء على جفنيتيهما راغمتا اياهما على ان ترمشا ، تماما فعلت العينين الاخرتين التان كانتا هما ايضا بنفس القدر من التعب ، صفع و جعه بحفنة مزدوجة من ماء الصنبور و عاد يحدق مرة اخرى الى المرأة ، محاولا ان يجد شيء ما ، شيء شعر هذا الصباح انه قد فقده فجأة ، لقد كان بين يديه كل هذا الوقت ، تماما كالدي يقف هناك خلف المرأة ، لاكنه الان عاجز عن ايجاد اي يشيء يربطه به ،
-من انت ؟
-مذا تقصد من انت ؟
-انا من يسأل الاسئلة هنا لا تخلط المور (قالها في نوبة دعر صارخا )
- انا انت
-كيف يمكن ان تكون انا ، لا، انت و انا لسنا شخصا واحدا ، وإلا لماذ اسألك من انت ، لو انك انا لسألت من انا، (تم يصرخ مرة اخرى ) بالله عليك فل تقل من انت و إلا .. و لم يشعر بيده حتى ضربت المرأة و كسرتها الى قطع سقط بعضها على الارض و و بقيي جزء منها معلقا ينضر اليه
- اترى لا يمكنك ضربي لا يمكنك قتلي و لا يمكنك التخلص مني ، اتعلم لماذ ؟ لاني انا انت و انت انا ،نحن واحد لقد كنا معا كل هذا الوقت و الان فقط تأتي لتسأل من انا ؟
-منذ متى و نحن معا ؟
-منذ ان كنا معا اول مرة ، الا تذكر ؟ابهاده البساطة نسيت كل تلك الدكريات
عادت الىيه صور في مخيلته كأن شريط فيديو قد شُغل داخل رأسه ...
امام باب المدرسة ،كان هناك جماعة من اربعة او خمسة مراهقين بعضهم يحمل على كتفيه حقيبة مدرسية ،اخرون يدخنون سجائر ملفوفة بالحشيش و يقدمها واحد الى الاخر منهم متى بلغ منه الدخان مبلغه ، نبضات قلبه تتسارع فجأة عندما قال احدهم للاخرين انضر الى تلك السيدة هناك لابد ان تلك الحقيبة بها مبلغ جيد من المال سيكفينا لتدخين اسبوعا كاملا ، ضحك بعضهم لاكن هو لم يكن يضحك كان قلبه يخفق بشدة ، لم يعد يحتمل نضرات اصدقائه اليه و هو دائم الطلب على الدخان ، خرج من بينهم دون ان يتفوه بكلمة و لحق بالسيدة الاربعينية الى ان توارت عن الاندار و خطف حقيبتها من بين يدها و هرب ،في المساء التقى بأصحابه مرة اخرى و كان بين يديه ما لم يسبق ان حصل عليه من المال ، اشترى به مستطاع من مخدرات ، استعملها هو و اصحابه قرب المقبرة حيت لا احد يقترب بالمساء ، لا يزال الان يتذكر شعوره تلك اليلة ، كان يقول لنفسه لقد تغلبت على خوفي ،لم يكن الامر بتلك الدرجة من الرعب كما تصورته ، كمية المخدرات التي تناولها كانت اكبر مما اعتاد عليه من فتات ما يقدمه له اصحابه ، الان هو منتش و يشعر انه اقوى شخص على الارض و ان لا شيء يستطيع الوقوف في طريقه ....
-اتذكر الان ؟ لقد كنت فرحا بلقائنا !انا و انت كنت اقوى شخص على الارض ، انت تذكر ذالك
- ايها الشيطان المارد اخرج من جسدي
-ما بك تتخبط وحدك ، لا وجود لشياطين , انه انا .. انت
صقط على الارض في هده اللحضات و قد بكت عيناه ما لم تبك على فراق والده الدي ودعه و هو صبي ، صرخ كما يصرخ الاطفال بل كما يصرخ الرجال في غرفة مرحاضه ، بلل الارض بدموعه تم جففها بجسه الذي يتلوى كتعبان يحتضر ، لقد صرخ و انتحب و عض يديه و نتف شعر رأسه و صفع وجهه ولم يشعر بالرضى ، بكى حتى نام في مرحاضه القذرة ، و هو يصرخ و يناجي ،من انا ؟اين انا ؟ اين انا ؟ ...
لم يخرج تلات ايام متتالية من البيت لم يأكل شيء و لم يفعل اي شيء غير التدخين و شرب الماء اذا توالت عليه نوبات السعال ، كانت الفكرة التي تدور برأسه الان هي انه لا يستطيع العيش يوما اخر مع هذا الشيطان الذي بذاخله ، ضحكاته الشريرة تُسمع خلف اذنه ، ربما عليه ان يضع حد لحياته البائسة و بأسرع ما يمكن. اخد شيفرة حلاقة بين يديه و ستوي في مرحاضح القدرة على الارض المبللة و هو ينضر الى قطع المرأة المنكسرة التي لا تزال ملقات على الارض
-تعتقد انه لا يمكنني التخلص منك ؟ حسنا فل نرى اينا سينجو من هذا !
امسك بشفرة الحلاقة بإحكام و عض على شفتيه و تسارعة دقات قلبه و عاد ليتذكر المرة الاولى التي شعر فيها بمتل هذا الاخوف
-ها انت ذا اذا ؟ لا تزال خائفا !فل نرى ان كنا اقوى شخص على الارض بعد هذا
-لا لا تفعل ايها المجنون انت فقط تقتل نفسك ، ليس هنالك من احد غيرك في هذا الجسد ، انت الوحيد الدي سيموت اذا قطعت معصمك
-اصمت و افعل ذالك هيا اضرب تلك المعصم الان
-لقد جن جنوني
-دق دق دق
-انتضر قليلا ، نضر الى المرأة محاولا ان يعرف من الدي طلب مِن من ان ينتضر ،و جد انه لن يجد اي جواب في قطعة مرأة تم وقف و وضع اذنه على باب المرحاض ليسمع ماذ بالخارج ،تم
دق دق دق
-لا احد يزورني في بيتي ! لايس الكتير ممن اعرفم يعرف اين اسكن و إن يكن لماذ اكترث للامر و أنا على شفة حفرة من الانتحار ، فل يكن من يكن انا لا اكترث ، قال هذا في نفسه تم عاد و استوى في جلسته مقابلا قطعة المرأة ، حالته تبدو فعلا سيئة حتى بالنسبة لشخص ينوي الانتحار
-حسنانا فل ننهي الامر و بسرعة
رفع معصمه عاليا فوق رأسه كي لا يرا ما يقوم به و تأخده الرأفة بنفسه تم سمع صوتا من الخارج
-احمد افتح الباب انا اعلم انك هنا ، افتح هناك شيء مهم عليك ان تعرفه ، دق دق دق ,افتح الباب سأخبرك بما لدي و أغادر في حال سبيلي و انت افعل ما تشاء
- افعل ما اشاء ؟ هل يعقل ان الدي خلف الباب يعلم بما انوي القيام به ؟ ان الشيء الدي لديه كي يخبرني به قد يغير هذا ,؟ لا ايها الاحمق هذا غير وارد لابد انه اتى من المقهى ليعلمني ان رب العمل قد طردني لغيابي تلات ايام دون اي تبرير ، فل يكن اذن ، سأسمع ما لديه تم اعود اليك انتضرني هنا .
خرج احمد من غرفة المرحاض و توجه الى باب البيت تم سأل
-من هناك
- افتح اولا و ستعرف من انا
فتح احمد الباب فوجد انه يحي تحولت ملامحه فجأة من التعب الى الغضب كأنه تحول الى شخص أخر ،
-ماذ تفعل هنا يا ابن ال
لم يتركه يحي يتم كلامه ، قاطعه بكلمة واحدة كما يقطع السيف رؤوس المحاربين في المعارك
-المتوافاة
صمت كلاهما لحضة تم اتمم يحي
- لقد توفيت امك يا احمد... قبل يوم البارحة ، اتيت فقط لاعلمك بالامر ،(تم انصرف )
احمد مسمر على باب بيته ، تختلط المشاعر في صدره، تارة غضب حقد دفين قد صعد لسطح وتارة حزن كلما فكر فيه حاول الهروب من بؤسه الى امان الغضب و الحقد ، مشاعر الغضب و الحقد تمنح صاحبها قوة ، لاكن حزنه كان اقوى هده المرة من يتغلب عليه الغضب ، انحنى بروية حتى ستوت ركبه مع ارضية باب بيته في الطابق العلوي من البناية ، كانت كل دموعه قد جفت ، لقد سبق و بكى فراق امه قبل ان يعلم بموتها ، الان فقط يستطيع ان يتخيل كم احبها ، لقد كان شيء ما يجمعهما حتى وإن اقنع نفسه بأنه تخلى عنها بعد ان تخلت عنه ، لاكن احد منهما لم يتخلى عن الاخر في الحقيقة ، لقد كانا منفصلين فقط .
و ماذ الان ،ربما امكني الاجتماع بها مرة اخرى اذا انا رحت اليها الان ، اه يا امي قالها بروية و هو يلقي بنصف جسده على الارض ، لاكنها لم تشفي غليله فأخرجها صرخة مدوية الى السماء حتى طار بعض الحمام كان قابعا فوق الجزء المكشوف من السطح , حمل نفسه و عاد الى المرحاض و رمى بما تبقى من جثته هناك و نام مرة اخرى بين القذارة

ملائكة السعير حيث تعيش القصص. اكتشف الآن