الجُزء الرابع

738 10 1
                                    


-
-
-

( الفصل الأول )
الجُزء الرابع


" يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى إِنَّا مُنتَقِمُونَ "
.
.



استرددت عافيتي واستعدت نظام حياتي , لم تعد تراودني تلك الكوابيس الدامسة , انتظم نومي وانتعش ذهني , لا أعلم تحديدًا سبب هذا التغيّر الإيجابي في حالتي النفسيّة على مدى خمسة عشر يومًا ماضيًا غير أني عزيت السبب لإبتعادي عن هذه البؤرة من الفساد , وعن أمّي من بعد شجارنا الأخير المُحتدم ورفضي العيش في هذا المكان المُترع بالذنوب والآثام وبجوارها تحديدًا وتحت جُنحها وبعد كل ما أقحمتني فيه من أهوال .

اشتد عزمي يومها من شدّة كمدي فكان استقلالي هو أوّل قرار أتخذه بشأن نفسي فغادرت القصر مستئجرًا إحدى الشقق الفاخرة بالمدينة وجعلتها نُزلاً ألفته لي وآنست الإقامة فيه , لم أبارحه غير وقت ذهابي لعملي .

اليوم فقط عدت لموطئ قدمي الأوّل , ولا أنوي المكوث . إنه يومٌ إستثنائي وجب عليّ لزامًا الحضور والتواجد وإن لم أشأ ولم أرغب .

لم يبقى لي حتى يكتمل صفو عيشي وهناءه غير محاولة إسترضاء أخي "ضياء الدين" الذي خاصمني خصامًا لم أقوَ احتماله ولم أطق عليه صبرًا فرحت أسوق عليه إخوتي جميعهم وحتى أبي حتى أمسيت أضحوكة للجميع وأنا بهذا الانهزام العاطفي المُتنامِ والمُتصاعد فقط من خصام ضياء الدين لي .

تركت له ذات مرّة ورقة فوق مكتبه كتبت فيها " ياضياء , إن الماء إذا لم يجرِ أسن , سامحني أرجوك " . وعدت في نهاية اليوم وقت انتهاء العمل لأجده قد كتب تحت مكتوبي فالتقطته جذلاً تلتهم عيناي أحرفه بلهفه " إن الماء طهورٌ لايُنجسه شيئ إلا ماغلب على ريحه وطعمه ولونه , هكذا كنت يابدر دومًا .. طهورًا حتى تنجسّت .. فـ ليأسن ماؤك لاحاجة لي به " .

أذكر يومها دموعي المُسالة تلك , مستهترًا في إراقتها , لو أن ضياء الدين نفسه رآني بتلك الحالة لضحك ملئ شدقيه , لا أعلم لما غدوت حساسًا هكذا سريع التأثر , إني أشمئز من نفسي ومن فكرة أني رجلٌ بهذه العاطفة الجيّاشة المهدورة .

لم أيأس حتى اللحظه , فلقد رأيته لتوّي وأسرعت تجاهه والكلمة تنزلق من رأس لساني فإذ به قد عبس وتولّى وعنّي قد تلهّى ليحاول عماد الدين أخي الأكبر أن يهوّن علي لاستشعاره عظيم حرجي من هكذا موقفٍ تجاهلني به ضياء ولكنّي لم أعبأ فرحت أصيح به ضاربًا الأرض بقدمي ثائرًا كطفل اهتف له: سألتك بالله تكلمني ياضياء ..

تدخل عماد الدين ضاحكًا على هيئتي الذليلة تلك معقبًا لضياء: ياخ الولد ذابح عمره يراضيك , لو انه اخطا نعلمه خطاه ونوقف معه مو نقصيه , وتدري انك أكثر واحد بدر يحبّه ويتعنى له يعني انت اللي ضروري توقف معه وتعلمه وتنبهه , ياضياء المسلم لا خاصم فجر , وخصامك ياخوك تعدا ثلاث أيام مايجوز ..
هل تأثر ضياء بما قاله عماد ؟!

لقد استأذن انصرافًا وغادرنا ببرود سحقني به وعماد , فما كان لعماد إلا أن ينظرني بقلة حيلة وهو يشد شفتيه المطبقة أسفًا .


وها أنا الأن أقِفُ في ناحٍ منزوٍ , أراهن على هيئتي الصمّاء البلهاء هذه بأني جمادٌ غير مرئي لآ يعبأ أحدًا بوجودي وأنا أقِفُ هكذا كموظف استقبالٍ لآ أفعل شيئًا غير تبادل الإبتسامات المصطنعه مجاملة إذا ماقابلني بها أحدهم حتى أقدم صوبي شمس الدين شقيقي فبقيت أنظره بعيون مُتسعة مُلتمعة تشع ألقًا وكأنما أنظر شيئًا فريدًا قيمًا أميلُ له إنجذابًا وأنحاز له إعجابًا , ظللت هكذا حتى وقف جواري وهمس لي دون أن تتلاقى أعيننا: خبر بمليـووون

إزداد حماسي أوجُه وأنا ألتفت بجسدي كلّه تجاهه وأسأله بفضول طفل: وشــو !

أخبرني دون أن ينظر تجاهي , كانت عيناه مُتلألأة تجولُ إبتهاجًا بين الحضور , لم يخبو ألق إبتسامته الآسرة تلك: زوجة عمي هاشم هذيك إللي من الشمال هي وبنتها اليوم موجودات

كادت عيناي تخرجان من مقلتيهما ذاهلاً بإبتسامة شفيفة غير مصدقة بينما استطرد شمس وبعينيه شيئ من التعالي والكِبر يرمقني بهما نظرًا لتفرده بأخبار قيمة كتلك التي أخذ يرويها: مروّا من جمبي كتف بكتف بس حسافه ماعرفت أشوف البنت مغطيه وجهها , بس ريحتها ياخي , خيااال .. وعلمن ثاني .. أخونا وآلـي ذاك أبو عيون زرق شفته برّا .. والجنرال مراس الدين وسراج بعد

إقشعّر جسدي وانكمش أنفي وكأني أشتم ريحًا كريهًا أتقزز منه وأنا أعاود الوقوف بجواره أستطرد قوله: شفت سراج من اسبوعين بمجلس جدّي .. ومراس توّ مسلّم عليه , ياخ ذا مايبين عليه العمر أبـدّ ..

....: تلقى الحين عمي عابد نافش ريشه بعياله , مراس ونصر وسراج , مابقى إلا تاج !

أحسست بغصّة في حلقي إثر ذكر هذا الإسم الذي أمقت "تاج الدين" , لا أبقى الله له في دنياه تاجًا يشمخ به .
زفرت بقوّة أعقب بتململ: الله لا يجيبه ..

أطلق شمس ضحكة قصيرة أشبه بالزفرة ثم أردف وهو يربط يداه خلف ظهره بينما عيناه تمرّ سريعُا على الجمع الكثيف من الرجال المتجمهرين أمامنا بحللهم البيضاء الرسميّة: أوووو شوف شوف , كابتن جـاد الدين , ياخ كيف كشخـه كذا ماشالله , طيّار طيّار يعنـي .. يا إني أحسد عيال عميّ هاشم حسـد

....: أنا أحسدهم إن أبوهم هو هاشم بس مو أكثر
....: بدر بدر إنتبـه , جاينا بـاز ..
....: أفففف ياخي , خلقه ما أداني بـاز ذا , أنا بمشي

أوشك شمس أن ينطق لولا أن قاطعته تجاهلاً وأن أوليه ظهري أسلك مسلكًا آخر غير الذي قابلنا به ذاك الملاكم الأسمر , لا طاقة لدي لمواجهته بعد ماحصل , إن تذكره كفيل بأن ينغص عليّ صفو اللحظة ويكدّر ماتبقّى من هذه الليلة .

تركت جوار شمس ووقفت بجانب علم الدين الذي كان قد تزوج حديثًا منذ قرابة الشهر من أختي أرام , إن علم الدين هو الإبن الثاني لعمي هاشم بعد شهاب , يليه تمام ثم جـاد وأخيرًا بـاز .

تأبطني علم الدين تحت ذراعه يمازحني بهمس لايُسمع: آهـ منك إنت , يطلع من وراك كل ذا العلوم والسلوم يالورع ..

إتسعت عيناي دهشة أنظره أعلاي بينما إتسعت إبتسامته وهو يغمز لي بمكر خبيث لم يرُق لي ثم استطرد: تخبيصك مع الشغالات .. قسم بالله إنك داهيـه
أطرقت رأسي في خجل وغصّة غلفت أحبالي من شدّة الحرج فلم يخرج صوتي وبقيت هكذا للحظات ادركت فيها اني محاط بأبناء هاشم شرف الدين الخمس .. شهاب وعلم وتمام وجاد وباز الذي هربت من مواجهته فـ لحق بي وتحلق مع إخوته حولي .

لم يكد شعور الخجل من النفس ذاك يغادرني حتى إتسعت عيناي دهشة أوحت بمدى بلاهة هيأتي وشهاب الدين زوج أختي أريحا يحييني سائلاً عن أحوالي فأجيبه بتوتر بادي وعيناي تنتقلان باضطرابٍ مُرتبك ومُتحرّج بين كلاً من تمام الدين وبـاز نظرًا لسابق الأحداث المكروهة التي جمعت بيننا في وقت آنف .

ولم أكد أنهي حديثي مع شهاب الدين حتى إنزوى بي تمام مخرجًا إيّاي من دائرة إخوته يسرّ إلي بحديثه دون أن تغادره الإبتسامه: ما أشوفك إلا ورع , توّك بنظري بزر .. وكل يوم أتفاجئ بمصايبك وبعقلك إللي متأكد إنه أكبر من جسمك , بس أبي أشكرك اليوم .. أيّا كانت نواياك يوم سالفة تيماء فأنا مستانس الحين , إيه فضحتني بين رجالنا بس ما أمداك وإنفضحت إنت بعدي , فـ ماحد أحسن من أحد .. فهمت يالبزر !

زفرت بضيق من تكرار هذا الأمر الشائن المُهين على مسامعي بأني فتىً أمرغٌ لعوب أضاجع الخادمات , يالهكذا خزي شنيع قد إرتبط بإسمي .
إبتسمت بأسىً وأنا مُطبق الشفتين مخزيٌ لا أعلم بماذا أعقب , إكتفيت برفع عيناي لأعلى بهيئة أوحت بثقل هذا الحديث على قلبي ولم يمرّ من اللحظات قليلها حتى قاطع وقوفنا سويّة باز الدين مرّة أخرى , تبدى لي أنه يلاحقني , يبدو أن بجعبته من التُرهات مايقوله إذا فـ لأنهي هذه المُطاردة وهذا الترصد وأسمع مالديه .

إنصرف تمام بعدما ضرب منتصف ظهري براحة يسراه ضربة من شدّة قوتها كاد بها قلبي أن يقفز خارج صدري , بقيت أسعل وأنا منحني الجذع أنظر ظهر تمام بعيون بازغة بينما أمامي من جهة اليسار كان باز ينظرني إستنكارًا وقد رفع حاجبه الأيسر وربط فوق صدره ساعداه فاضطربت وانقبضت أحشائي ورحت أعدل وقوفي بطريقة أظهرت مدى إرتباكي , إن نظراته لي مُريبة وكأنه يتفحص شيئًا ما بي , يُمرر عيناه الجارحة عليّ من أعلاي لأسفلي بجرأة ودون أي إحتراز , أثارت حفيظتي تلك النظرات الخادشه , إنه وقح .

رفعت ذقني أنظره بـ كِبر مصطنعٍ وتعالي ورحت أصيح به ضائقًا ضاجرًا من تتبعه إيّاي: خيـر إنـت ملاحقنــي
....: طلع لك صوت الحين وتنافخ !

أطبقت شفتاي بغيظ دون أن أنطق بينما اقترب هو مني ليبين علنًا صريحًا ذاك الفرق الشاسع بين طولينا وإذ به يدنو بعنقه ثم يهمس بصوت خفيض مُتحفظ: شخبارك الحين ! أحسن !

كنت مازلت أشعر بشيئ من الإرتياب في حضوره , لم أرتح له أبدًا ولكني تماهيت معه إيجابًا وهززت له رأسي أن نعم ليعاود همسه وهو يرفع يمناه لجبيني متحسسًا إياه: والحمّـى ! راحـت !

يالهذا الخفق العنفواني المجنون لقلبي الذي بدأ يضرب حصون صدري ..
أخفضت سريعًا عيناي عن عيناه الداكنة تلك ولا أعلم ما إعتراني تحديدًا في تلك اللحظة .

إزدردت ريقي أهز رأسي إيجابًا بقوّة , لآ أعلم لما غادرني صوتي , إنه عصيّ على الخروج آلمني كتمانه . يا إلهي ركبتاي لا تحملانني , أكاد أُفضح أمامه , أكل فضائحي وخباياي لن تكشف إلا أمامه !

من على بُعدٍ لمحت أخي المنبوذ لأمـه , أخي الذي عانى من ويلات العُنصريّة وممارساتها التجهيلية , إنه الطبيب الذي قالت أمي أنه من حواشي القوم وأرذالهم وليس من نبلاءهم وأشرافهم . إنه جميلٌ فاتن المُحيّا وإنني مأخوذ ببديع خلقته تلك , ويالسعادتي العارمة بوجود هذا الرابط الأخوي بيننا , و لكم تمنيت قلبيًا أن يتوطد .

رغمًا عني ودون شعورٍ تبدت ابتسامتي مُشرقة واسعة وأنا أنظره مشدوهًا مما أرغم باز الدين على الإلتفات وراءه ليعلم سبب إلتماع عيناي وولعهم بما ينظرانه هكذا وما كان له إلا أن يرى أخي الطبيب "والي الدين" ذا الرأس المصقول الأصلع والعينان الزرقاوان .

همست له كما المُغيب , أتعجل بالإنصراف لأقابل وآلـي أخيرًا وأسلم عليه وأحادثه , هذا ما كنت بإنتظاره وأرغب به وبِشدّه لولا أن قاطع حماسي الداخلي المُتدفق باز الذي أخمد اتقاد اندفاعي بعدما حجب عني رؤية وآلـي وهو يقف أمامي مباشرة فتجاهلته دون قصدٍ وأنا أشرئب بعنقي , هممت أن أحيد عنه وأتقدمه مستئذنًا إياه لولا أن قبض على مرفقي وأحالني جمادًا لا يتزحزح فحدجته بنظرة مستنكرة مستغربة استهجن فيها فعله ليهمس لي بصوتٍ بدا مغتاظًا حنِقا: أكلمك أنا تـرا !!

كانت عيناي تتبعان وآلي وتحركاته وابتسامة شفيفه تنبض من عيناي المُشعّة انبهارًا تجاهه مما أثار حنق باز وغيظه وليشهد الله أني لم أتعمد تجاهله وتنقيصه بتلك الطريقه وإن بدا الموقف حينها كذلك .

لم أشعر إلا بقبضة يمين باز تحكم على مرفقي الأيسر وتقودني إجترارًا وراءه كمن يسوق شيئًا لا يكترث بأمره إن شاء أن يتبعه أو لم يشأ , تعثرت مرارًا وكدت أن أسقط أكثر من مرّة لولا يده القابضة عليّ التي كانت تُدركني في كل مرّة حتى انزوى بي خارج صالة استقبال الضيوف من الرجال وبالقرب من دورات المياه والمغاسل .

كانت حركة بانورامية تلك لم استوعبها وقتما جذبني من خلفه حتى انتقلت أمامه فالتصق ظهري بالجدار من ورائي بينما ساعده الأيسر كان كما قفل الأمان فوق صدري من الكتف إلى الكتف .

بقيت أنظره والذعر طافرٌ من عيناي أسأله بهما ماذا يفعل ليجيبني فحيح أنفاسه المحترق: حذاري يابدر .. حذاري تتجاهلني مره ثانيه بهالطريقه ..

بيداي الواهنتان أمسكت يده المقيدة لي ولكني لم ابذل فوقها أي جهد يذكر لإزاحتها عني , بقيت انظر عينيه الغاضبة المتوعدة التي تقدح انذارات الوعيد والتهديد , وكم دام عناق النظرات هذا طويلاً حتى لانت قسمته الصلبه المكفهرة وهدأ انفعال وجهه المتجهم المُحتدم , تراخى جفناه واسبل اهدابه يزفر بقوّه نفسًا بدى مرهقًا مجهداً فـ حلّ بنفسه عني وثاق ساعده يلفظ اسفه بنبرة صوتٍ بدت محمومة مُهلكه: آســـف

أطلقت أنا الآخر زفرة مهمومة قصيرة أشبه بالنفثة قبل أن أردف بصوتٍ دَمِث ونبرة رهيفة: لا تعاملني بطريقه مختلفه ياباز , لا تشيل همٍ لي .. انا الحمدلله بخير وتجاوزت صدمة الموضوع ذاك

لاحظت تراخي كتفيه حتى تقوسا بينما أرجع رأسه للخلف ينظر أعلاه ويمرر لسانه بين شفتاه يهز رأسه نفيًا فتساءلت عن الخطأ بقولي حتى يلتزم هو الصمت بتلك الطريقة الغريبة فسارعت بسؤاله مهتمًا أعني به حقًا: علامــك !!

....: أبي أخاويك

ساد الصمت قرابة الدقيقة , كان موقفًا غريبًا مريبًا وثقيلاً على كلانا , لم أدرك معنى قوله بداية ولم أستوعبه , بقيت اكرره في ذهني مرارًا طوال فترة الصمت الوجيزة تلك بيننا حتى أدركت ببطئ مراده وهو ما أثار هلعي أشدّه فـ تدفقت في خُلدي أُلوف من النوايا الخبيثة تختلج به بينما تفجرّت الظنون التشكييّة الماكرة في عقلي وأخذت تجوس به , اتراه يعلم بأمري , أم يشك بي ويريد الاقتراب مني للتأكد .. ماغرضه تحديدًا !

توجست منه , ماج داخلي واهتاج , تأرجحت .. تذبذبت .. واضطربت .. ولكنّي وقبل أن تحاصرني الهواجس وتتمكن مني الوساوس أعلنت المُجابهة مكرًا بالمواراة سريعًا بهيأة ادعيت فيها عدم إدراكي لمعنى قوله أسئله راغبًا بإيضاح: وش قصدك يعنـي ! , حنّا خلقـه عيال عمّ عادي ..

تهدل كتفاه مطرقًا رأسه الذي أخذ يهزه يمنة ويسره ويبدو عليه استصعاب شيئٍ ما يحاول ان يحكم عليه زمام أمره .. بقيت أنظره دون مقاطعة بانتظار ماسيفضي به وهو ماصرّح عنه أخيرًا بكلمات مترددة متباطئة غير مترابطه: لآ , يعنـي .. مو بهالشكل يابدر .. شلون أفهمك .. يعنـي مو بس عيال عمّ , نصير أكثر , ربـع مثلاً .. أصدقاء .. تعال معـي نسافر , رافقنـي ببطولاتي .. كذا

تغضن جبيني استغرابًا من غرابة ماتفوّه به , أهو بكامل قواه ! أيعاني مرضًا ما ؟ أيمر بحالة إكتئاب ! أيشعر بالوحده ! ماذا دهاه !

تقوّست شفتاي أهز رأسي ببلاهة وعدم فهم لقوله وأنا استطرد بنبرة بليدة مترددة بعض الشيئ إذ أني لم أستوعب بعد فحوى ماقاله والسبب من وراءه: ءآآآ .. أكيد مقـدر .. مانيب عاطل يعني , وراي أشغال .. ومسئوليات .. تراني راعي شغل يابـاز , أنا مهندس وعندي شركه أنا مديرها مع ضياء أخوي .. مافيه أي منطق بكلامك ورغبتك ذي .. يعني لا أنا ولآ أي أحد من رجال الدين أجمع يقدر يخاويك بهالطريقه , كلنا ورانا أشغال وإلتزامات

....: مابي أحد من رجال الدين , كلامي موجه لك إنت
هززت له كتفاي أمط شفتاي وأجيبه ببرود قبل أن أستأذنه للإنصراف: مقـدر ..

قلتها مقتضبة ناهية وتركته ورائي لا أعلم بما يُفكر ولآ أعلم حقيقة بما أُفكر أنا الآخر فقد إنتابني شيئ مثل الخُبلِ والبلاهة سيطرا عليّ فأحالا وجهي كما الجاهل الأبله تائهًا ضائعًا يبحث عن شيئٍ في رأسه أو حوله .. ولآ يعلم في الحقيقة ماهـو !

-
-
-

رجال الدينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن