الفصل الثامن

15.8K 484 37
                                    

الفصل الثامن

***

فتحت خديجة باب الغرفة ودلفت بخطوات بطيئة بسبب ظلامها.. توجهت لفراش والدها لتراه نائمًا وبين ذراعيه صديقتها الجديدة المريضة.. صعدت على الفراش بجانبه ووضعت كفيها على صدره تهزه بتذمر :
- استيقظ بابا.. استيقظ كي نذهب للنادي.. .

لم يستيقظ عبدالله وكأنه لم يشعر بها.. بينما استيقظت أسيل على هتاف الصغيرة.. ففتحت عينيها ونظرت لها بنعاس هامسة :
- ماذا تريدين حبيبتي.. .

نظرت لها خديجة وقالت بتذمر:
- لقد اخبرني أبي الأسبوع الفائت أننا ينذهب للنادي.. ولكنه لم يفعل للأن.. .

فرقت أسيل عيناها وأعتدلت بجذعها العلوي ثم بدأت بنكز عبدالله كي يستيقظ ، فتأفف عبدالله بنزق ونام على جانبه متجاهلاً الأثنتان.. فهو لم يحظ بنومًا كافي.. وإن كان أنهما سيتركانه وشأنه فهو خاطئ..
فخديجة دفعت كي ينام على ظهره مرة أخرى ثم قفذت تجلس على معدته وكفيه يداعبان وجهه بمرح هاتفة كي تستيقظ :
- لن أدعك وشأنك بابا.. بل ستستيقظ أنت وصديقتي أسيل كي نذهب للنادي سويًا.. هيا الأن.. .

ضحكت أسيل بخفوت وهي تقول مؤيدة الثغيرة :
- صديقتك استيقظت ديجو ومستعدة للذهاب الأن.. .

تململ عبدالله في نومته ثم فتح جفنيه بنعاس وقال بضجر:
- ألا يستطيع الإنسان النوم بسلام.. ماذا تريدين أيتها القردة.. .

ابتسمت خديجة وهي تقول :
- قردتك تريد الموز ثم الذهاب للنادي الذي كان يجب الذهاب إليه منذ أسبوع.. أتذكر ذلك.. .

عبث عبدالله وبكى بدرامية وهو يقول :
- أنا من جلبته لنفسي أيتها القردة... أنا من كنت أتوسل لوالدتك أن تسرع في إنجابكِ.. لم أكن اعلم أنكِ ستكونِ مصيبة حياتي.. .

عبست أسيل قليلاً من ذكره لزوجته المتوفاه بينما ضحكت خدبجة وهي تقول :
- لم أتأثر البتة بابا.. فهيا كي نذهب.. سأذهب لشروق لتطعمني وارتدي ملابسي وسآتي لكي أراااك.. .

وقالت جملتها الأخيرة مبتعدة عنه مهرولة للخارج.. فزفر عبدالله بضجر وتقلب لينام على جانبه فيكون وجهه مقابل لأسيل الذي لاحظ نظراتها العابسة.. فامسك بكفها ولثم راحته بحنو هاتفًا :
- ما بها طفلتي عابسة هكذا.. .

رمقته أسيل بتردد.. تريد سؤاله عنها.. هل كان يحبها كحبه لها الأن.. هل مازال يكن لها مشاعر خاصة لأنها والدة أبنته...
لاحظ عبدالله تخبطها بعينيها فاعتدل بجليتها حتى أصبح ملاصقًا لها وضم وجنتيها بين راحتي كفه وهو بهمي لها :
- ألن تخبريني ما بكِ.. .

فليذهب كل شيء للجحيم ستسأله ويحدث ما يحدث.. تنهدت بيأس قبل أن تسارع بالقول :
- هل تزوجت والدة خديجة عن حب.. .

صمت عبدالله قليلاً قبل أن يتحدث بصدق.. لأن لا وجود للكذب والخداع بينهم :
- لن أكذب عليك وأقول أنني لم أكن أحبها.. ولكن زواجنا ليس عن حب.. بل كان تقليدي.. كانت هي فتاة بسيطة طاهرة مختمرة.. أمي رأتها فأعجبتها ثم أعجبتني أنا الآخر.. تزوجنا وبعد الزواج أحببتها.. فقد كانت ودودة لا تكن الكراهية لأحد.. لكن رحمها الله كانت مريضة سرطان.. وماتت بعام خديجة الخامس.. حزنت عليها وعزمت أن لا أتزوج بعدها.. لكن أتيتي أنتِ وقلبتي كياني.. جعلتيني عبدالله آخر لم أكن أعلمه.. عشقي لكي يختلف عن عشقي لها.. فعشقكِ هو من يروي روحي.. عشقكِ يختلف كثيرًا أسيل.. كثيرًا.. .

ووقع صريعًا لهواها حيث تعيش القصص. اكتشف الآن