اختلت بنفسها في غرفة نومها بعيدًا عن أصوات عويلهم التي تخترق آذانها ، استلقت مارية على فراشها واضعة يدها على أذنيها ودموعها مُنسابة على وجهها تبكي بحرقة غير مستوعبة إلى الآن ما حدث في ليلة وضحاها ، ضغطت على شفتيها واغمضت عينيها كاتمة لحزنها العنيف لفقدان والدها اليوم على يد من احبته ، فقد قتله بدم بارد دون أن يرمش له جفن ، وصلها الخبر كصاعقة قذفت عليها للتو ولم تصدق ما حدث رغم صراخهم المُهتاج الذي يملأ المكان ، لم تتخيل أن انتقامها بات لأقرب من دق له قلبها واضحى حبها له منبوذًا ممن حولها ، ولجت والدتها الغرفة وهي تتطلع عليها بنظرات جامدة ميتة تتَوَغَّن للإنتقام فقط ، تحركت للداخل وأعينها مسلطة عليها ، كانت مارية تشعر بها وأدعت النوم لتهرب من حديثها الغاضب ولكن والدتها كانت تعلم بإفاقتها ، دنت لتقف خلفها فقد كانت توليها مارية ظهرها وتشعر بنظراتها التي تخترق جسدها من الخلف ، تصلب جسد مارية رغم ارتجافتها من الدخل حين تحدثت والدتها بنبرتها الغاضبة والمهتاجة رغم انخفاض نبرة صوتها المريبة:
- متفكريش انك هتمثلي النوم ، انا عارفة كويس أنك صاحية .
ثم مدت يدها لتجعلها تستدير لها ، ادارتها والدتها ناحيتها لتنظر لها مارية بأعين باكية خائفة مضطربة ، بينما حدقت فيها الأخيرة بنظرات غاضبة شرسة ، استأنفت بقسوة :
- الدموع اللي في عنيكي دي نازلين لابوكي اللي اتقتل ولا على حبيب القلب اللي قتله .
نظرت لها مارية بأعين زائغة وجسد يرتعد من الداخل لم تعرف بما ترد عليها فهو أفضل في وضعها هذا وفضلت الصمت لأن حديثها ربما يزيد الوضع سوءًا ، نظرت لوالدتها التي تعرف غضبها مما حدث فلم تتوقع أن يضعها القدر في وضع أن حبيبها قتل والدها واضحى عليها الإختيار بين والدها الذي حبها له يختلف عن الآخر وما عليها الآن أن تبقى على انتقامها منه فهذا ما يريده الجميع ولزامًا عليها ان تعلن هذا امامهم ، انتظرت فريدة ردها الذي اعلنته نظرات مارية التي محت حزنها وبات فيها الشر والإنتقام يتلألأ في عينيها ، اثنت فريدة ثغرها بابتسامة جانبية اظهرت اعجابها مع اهتزازة خفيفة برأسها لتقول برضى :
- هو دا اللي أنا عوزاه منك ، ابوكي لازم ناخد حقه ، راح علشان يطلب السماح ويقدم كفنه غدروا بيه ، ودا مش هيبقي غير بطريقة واحدة.
حدقت فيها مارية بنظرات تساؤل وتحفزت حواسها بفضول جارف لتكمل الأخيرة حين تفهمت عليها ، اعلنت فريدة بنبرة متشددة غاضبة :
- هتتجوزي فؤاد ابن خالك ، هو دا اللي هيخليه يتجنن علشان يقع برجله في موته ان شاء الله .
لم تتفهم مارية كيف ذلك ولكنها شعرت بالتوجس مما هو قادم حيث ألقى الجميع عليها مهمة الإنتقام وما عليها الآن سوا التنفيذ رغم شعورها بما هو مضمر في نية والدتها في زواجها هذا وجهلت كشفه واضطرت لإطاعتها ، حركت مارية رأسها لتقول بصوت متحشرج :
- حاضر يا ماما ، هعمل اللي لازم اعمله ....
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
في قصر ما يجلس رجل كبير على رأس طاولة الطعام ومن حوله على الجانبين أهل بيته يتناولون طعامهم في صمت كعادتهم اليومية ، وجه سلطان بصره على المقعد الفارغ المجاور له وقطب جبينه ، نظر لزوجته الجالسة على الجانب الآخر واستفهم بصوت أجش :
- فين عمار ؟ ، مش دا المفروض وقت الأكل ولازم يكون معانا .
ابتلعت زوجته راوية الطعام لتُجيب بجهل فهي تعلم ضيقه مما فعله بالأمس رغمًا عنه ،كادت ان تجيب عليه ولكنها حينما لمحته يهبط الدرج اتسعت ابتسامتها السمحة وردت بنبرة هادئة :
- نازل أهو يا حاج .
زم شفتيه ليتوقف عن الطعام وينتظر قدومه ، تحرك عمار نحوهم بخطوات ثقيلة تأبى رؤية من حوله فقد اجبروه بالأمس على قتل والد حبيبته وانصاع لقرار والده الصارم الذي خيره بموته أو بقتل الآخر ، أحس عمار بعدها بأنه اذا استسلم لحدفه لكان رحم قلبه مما يُقاسيه الآن من ويلات الحزن ومنظره في نظر حبيبته التي ربما لم ترتضي بذلك ، دنا عمار منهم وامسك المقعد ليزيحة قليلاً كي يجلس عليه وسط نظرات والده القوية ونظرات الجميع التي تركت تناول الطعام وتسلطت عليه ، وكذلك نظرات والدته الحانية التي تشعر به دون الجميع ، جلس عمار ونظر له بأعين مهزوة قائلاً بثبات زائف :
- آسف يا بابا على التأخير ، كنت...
اشار له سلطان بأن يصمت ،قال بنبرة قوية ذات معنى :
- شكلك مش مريحني يا عمار ، انبارح انا كنت مبسوط منك قوي علشان انتقمتلنا من اللي قتل عمتك ، دلوقتي حابس نفسك ومش معانا خالص .
تنهد بعمق ليتابع بصوت منزعج :
- أنا عايزك غير كدة ، انت ابني الوحيد ، يعني من بعدي هتمسك كل حاجة ، واللي انت فيه ده مش عاجبني ، عايزك ترفع راسك والكل يخاف منك ، انت دلوقتي دايس على الكل وبقوا بيخافوا منك .
ابتلع عمار كلماته المائعة بثقل ونظر له مدعي القوة والثبات ، رد بنبرة تستنكر ما تفوه به رغم صدقه :
- أنا بس يا بابا أول مرة أقتل ، فعلشان كدة مش واخد على الموضوع ، سامحني يا حاج .
ابتسم له سلطان باعجاب وهو يردد بحب ورضى :
- انت كدة ابني الغالي على قلبي واللي لازم الكل يخاف منه ويعمله الف حساب .
ابتسم عمار بتصنع ليُخفي لمعة الحزن في عينية ثم نظر لوالدته المشفقة على حالته ونظرت له كأنها تُهدأه بنظراتها المريحة ، ابتسم لها عمار بحزن ليتنهد بعدها مستسلمًا لقادم مجهول سيقسو بالطبع عليه ....
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
بعد انتهاء الطعام وقف عمار برفقة ابن عمه مكرم في حديقة القصر ، حدق عمار امامه بشروط وظلوا في فترة صمت لا بأس بها ، وجه مكرم بصره ناحيته بعد أن ضجر من ذلك الصمت ، حدق به مطولاً شاعرًا بمدى معاناته لما اقترفه بالأمس ، زفر بقوة وتشدق بتفهم :
- انا حاسس بيك يا عمار ، محدش يرضى بالوضع اللي انت فيه دلوقتي ، الله يكون في عونك .
ادار عمار رأسه للجانب بهدوء ونظر له بابتسامة باهتة ساخرة وهو يردد بقلة حيلة :
- كل حاجة انتهت ، حبيبتي انبارح بس راحت من إيدي .
عاود النظر امامه ليتابع بشرود ونبرة حائرة :
- زمانها بتقول عليا ايه دلوقتي ، زمانها بتفكر فيا ازاي ، اكيد كرهتني ، انا قتلت ابوها ، يعني بقيت عدوها .
اغمض عينيه بحزن قاسي وهو يستأنف بنبرة ضائعة :
- خلاص راحت مني وبقينا اعداء .
هتف مكرم متسائلاً بفضول :
- يا تري علاقتك بيها هتبقى عاملة ازاي ، هو الحب ممكن يتقلب في لحظة كدة .
نظر له عمار كأنه يقول هل جننت بأنها ستحبه وهو من قتل والدها ، رد عمار باستنكار :
- لو قتلت ابوك هتحبيتي يعني ، تلاقيها بتفكر تنتقم مني .
نظر له مكرم دن ان يتكلم بينما تابع عمار بنبرة قاسية :
- بس مهما حصل هتبقى ليا ، ومش هديها فرصة تنتقم مني لأنها هتبقى تحت رحمتي ، مهما كان اللي عملته أنا عندي حق ، هو قتل عمتي ، وهي لازم تفهم كدة وترضى باللي حصل .
تنحنح مكرم وسأله وهو غير مُقتنع بحديثه :
- حتى لو بقت معاك يا عمار ، يا ترى هيبقى دا من حب ولا غصب عنها ؟ .
نظر له عمار بشرود والحزن لامع في عينيه فهي بالتأكيد لن تتأقلم بسهولة مع قاتل والدها ، حملق عمار في الفراغ وظهر الحزن على طلعته ، حزن مكرم لوضعه الذي لا يحسد عليه أحد ،ثم تنهد بهدوء وربت على كتفه وهو يقول بتروي :
- هدي نفسك يا عمار ، محدش عارف القدر مخبي لينا ايه .
اخرج عمار ضحكة شاردة ساخرة وهو يهتف بعدم اقتناع :
- اللي القدر مخبيه معروف ، ولازم استعد له من دلوقتي...
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
امسكت بخرطوم المياة لتروي الزرع بشرود لتُشغل وقت فراغها الذي بات فقط للإنتقام ، التفكير فيه فقط يجعلها تنتفض من الرهبة لما هو قادم ، فقط اصبح على عاتقها بمفردها ، تنهدت مارية بضيق وكلحت ملامحها وهي تخطط بقتل حبيبها لا تعرف هل مُجبرة ام من واجبها تجاه والدها المغدور ليرقد بسلام في قبره ويفتخر بانتقامها كما تظن في مُخيلتها ضيقة الحدود ، انتبهت لأشخاص ما قادمون من خلفها وتأهبت حواسها وهم يقتربون منها ، التفت مارية تجاههم فقد كانت والدتها وابن خالها فؤاد ، وقفا الإثنان امامها ونظرات والدتها القاسية تكاد تقتلها وكأنها تنتظر منها التخلي عن انتقامها ، لم تعطيها مارية الفرصة لتبدأ بالحديث فقالت هي جدية منزعجة :
- شوفوا عايزين اعمل ايه وأنا هعمله ؟ .
خطفت والدتها نظرة لفؤاد ثم نظرت لها وهي تهتف بعزيمة :
- فؤاد جاهز يكتب عليكي بإذن الله ، جهزي نفسك علشان اللي هيحصل ده هيبقى البداية للي جاي .
تفهمت مارية ونظرت لفؤاد الناظر لها ، زيفت ابتسامة وهي تخاطبة بمغزى :
- انا جاهزة يا فؤاد ، ومستعدة لجوازي منك .
اماء فؤاد رأسه وهو يرد عليها باقتناع تام :
- لازم تعرفي يا مارية اننا بنعمل الصح ، جوازي منك هيخلينا ننتقم ، الكل عارف عمار بيحبك قد ايه ، ومش هيستحمل جوازك من حد تاني ، ودا اكبر عقاب ليه .
انصتت له مارية بتفهم فهي تُجبر نفسها الآن على العيش مع آخر للإنتقام منه كما تتخيل هي ، "عمار" الذي ارتبط ذكر اسمه باسمها ، اضحى اليوم عدوها الذي تتربص للإنتقام منه ، سخرت في نفسها من تحكمات القدر التي لم تتخيلها يومًا ، نظرت لوالدتها التي ترى الأمل فيها ، ثم نظرت لفؤاد الذي ينتظر رغبتها الجارفة للإنتقام بدون استعطاف منها له ، تنهدت مارية بعمق لتهتف بامتثال تام لما رسمه القدر من عداوة :
- خلاص ، انا عايزاكوا تطمنوا ، انا حكمت وانتهى ، اللي قتل ابويا عمري ما هسامحه .
ثم صمتت لتتابع في نفسها العاشقة التي تلعنها :
- ليه يا عمار وصلتنا لكدة ، كان في إيدك نبقى مع بعض وتحل كل حاجة..
استمعت اسماء من الخلف لحديثهم بقلب ينفطر من الحزن ،"اسماء هي ابنة احدى الخادمات لم يدق قلبها إلا لفؤاد سيدها "، لمعت عيناها بدموع شارفة على البكاء ، هربت نحو الداخل متوارية عن انظار الجميع وهي تتقطع من الداخل ، كانت والدتها تراقبها وحدجتها بغضب لحبها الغير مقبول هذا ، سارت خلفها لتدخل عليها غرفتها وتوصد الباب خلفها بعنف ، انتفضت اسماء التي ارتمت على الفراش تبكي ورفعت بصرها لوالدتها التي ترمقها بنظرات ضروسة ، هتفت معنفة إياها :
- قصدك ايه من اللي بتعمليه ده ، انتي عارفة ان كدة غلط ، ولا مفكرة ابن الاكابر هيبصلك في يوم .
نظرت لها اسماء بأعين حزينة وهيئة غير مستعدة لسماع المزيد ، دنت والدتها منها وتنهدت لتقول بتعقل :
- عيب يا اسماء ، لازم تنسي اللي بتفكري فيه ده ، لأن حبك دا مش هيقدم حاجة ، وهو هيتجوز اللي من توبه ، احنا خدامين هنا وعمرنا ما سمعنا ان ابن البيه اتجوز بنت الخدامة .
ابتسمت اسماء بحسرة ونكست رأسها بحزن ، ردت بانصياع :
- حاضر ، هنسى كل اللي بفكر فيه ده ، ادعيلي بس اقدر انسى ، لأنه صعب قوي.....
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
ولجت مارية غرفتها تبكي بحسرة لما آلت إليه الأمور ، جلست على طرف الفراش دافنة وجهها بين راحتيها كاتمة لأصوات بكاءها المرير ، لعنت حظها السيئ ولعنت حبيبها فقد خلف بوعده معها بأنه سيقبل بالصلح بينهم لتتذكر مارية مقابلتها له ...
"عودة لوقت سابق...
وقفت تنتظر قدومه في مكانهم المُعتاد ، نظرت مارية حولها وهي تزفر بقوة لغيابه عليها ، فركت كلتا يديها ببعضهما وباتت اعصابها مشدودة خائفة من عدم حضوره وخشيت رؤية احدهم لها ، بينما كان الأخير يتطلع عليها من على بُعْد يراقب حركاتها المُنزعجة لتأخره عليها ، تأمل وجهها الذي يعشق تفاصيله بمعني الكلمة ، تنهد عمار بحرارة وهو يجوب ببصره هيئتها وتمنى في نفسه ضمها لأحضانه حتى تتكسر ضلوعها بين ذراعيه من شدة حبه لها ، اخذ قراره بالذهاب إليها حينما بدا الإنزعاج ظاهرًا عليها ، تحرك عمار صوبها وهو يبتسم بمكر ، دنا منها ليُفزعها من الخلف وهو يكمم فمها:
- واقفة هنا بتعملي ايه ؟ .
صرخت مارية صرخة مكتومة مُستغيثة وهي تُجاهد على الإفلات من يده ، ضحك عمار لتكف مارية عن المقاومة لتعرفها عليه ، همس الأخير في اذنها بنبرة والهة وهو مازال يكمم فمها :
- خوفتك يا حبيبتي ، تلوت بجسدها ليبتعد عنها ، تفهم عمار وازاح يده من على فمها ولكنه اسرع بمحاوطة خصرها ليجذبها إليه ، نظر لها بحب ولكنها ضربته عدة مرات على صدره وتحاشاها بقبضه على رسغيها واحكم عليهم بقبضتيه خلف ظهرها ، عبست بملامحها كالأطفال وهتفت معنفة إياه :
- ابعد عني يا عمار ، انا كنت خايفة قوي .
ضحك عمار بصوت عالي وهو يُهدأها بنبرة ذات مغزى:
- يا عبيطة هو فيه حد يعرف المكان دا غيرنا .
ظلت قسماتها عابسة فابتسم عمار بمكر لينحني مُختطفًا قبلة من ثغرها المُكتنز ، شهقت مارية وارتبكت من قبلته المُباغتة ، عنفته بخجل :
- عمار مينفعش اللي بتعمله ده .
تجول بأنظاره على وجهها وهو يرد بنبرة عاشقة رزينة :
- أعمل ايه بس ، بحبك قوي .
نظرت له لتسأله بحزن :
- هنفضل كدة لحد امتى ؟ ، انا تعبت يا عمار ، كل يوم بسأل نفسي هشوفك تاني ولا ....
صمتت مارية لتمتلئ عينيها بالدموع ، ادرك عمار وضعهم الميؤس منه بسبب ذلك الثأر اللعين الذي تجذر بين عائلتيهما ، حدق فيها عمار وهو يردد بنبرة قادرة على فعل الكثير :
- انا بكرة هعمل المُستحيل علشان يتم الصلح ، متخافيش يا مارية ، بكرة هينتهي التار دا وللأبد .
اتسعت ابتسامتها وهي تهتف بامتنان ممزوج برجاءها الضعيف:
- ربنا ما يحرمني منك يا عمار ، اعمل اي حاجة ، انا عاوزة نبقى مع بعض ونتجوز .
ابتسم لها بعذوبة وهو يرد بمغزى :
- هنتجوز يا عمري .
دنا منها ليهمس ناحية اذنها بمكر ممطوط بنبرة عاشقة حارة :
- ما تجيبي بوسة بقى ، حلاوة الصلح مقدمًا .
عضت على شفتيها السفلية باستحياء ، ونكست رأسها بخجل ، رفع عمار رأسها بأطراف اصابعه لتنظر اليه ، قالت هي بابتسامة ناعمة ونبرة ذات معنى :
- بعد ما يتم الصلح بكرة هبقى ملك إيديك الأتنين"..
عودة للوقت الحالي...
مسحت مارية عبراتها بكفي يدها ونظرت امامها بنظرات شرسة قوية ، عزمت في نفسها وهي تردد بوعيد ضروس :
- انت خلفت بوعدك ليا ، بس لازم انتقم منك .....
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
ولجت والدته الغرفة وهي حاملة بيدها قهوته المفضلة ، ابتسم لها عمار بلطف وهي تضعها امامه ، جلست بعدها بجانبه ونظرت له وهي تسأله بنبرة مُحببة :
- عامل ايه يا عمار ؟ ، لسه زعلان من اللي حصل ؟ .
نظر لها عمار بوجوم ، ليرق قلبها وتشفق على حالته فهي تعلم بحبه لمارية ، تنهدت بضيق لتلعن بصوت عالي :
- الله يحرق التار على اللي عمله ، بنمَوَّت في بعض والسبب ممكن تلاقيه ولا حاجة ، بس بياخد احسن الناس معاه .
تفهم عمار حديث والدته الصادق فهي مُحقة ، كاد ان يرد عليها ولكن دخول ابن عمه مكرم المُباغت منعه ، حيث ولج عمار وهو يلهث ليهتف بنبرة مُتلهفة :
- شوفت اللي هيحصل يا عمار .
انتفض عمار من موضعه لينهض متجهًا نحوه وكذلك والدته التي تتطلع عليه بعدم فهم ، سأله عمار بنبرة قلقة :
- انطق يا مكرم ، ايه اللي حصل ؟ .
التقط عمار انفاسه ليرد مُحركًا رأسه بمعنى لا مفر :
- مارية هتتجوز فؤاد .
تجمدت انظار عمار المصدومة عليه ، حيث بدأت هي في الإنتقام منه بطريقتها فهي تعلم جيدًا أنه لن يرتضي بذلك وإن كلفه الامر قتل من يتجرأ على لمسها ، وقفت والدته من خلفه متوجسة لردة فعله ونظرت له بحزن ، وكذلك مكرم الذي ينتظر ماذا سيزمع له ، واخيرًا قال عمار بنبرة شرسة رغم هدوءها :
- قبل ما يفكر يكتب ورقة جوازه عليها هكون كاتب شهادة وفاته قبلها ، انا من النهاردة هفرجهم أنا مين ..................
،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
أنت تقرأ
حكمت وحسم الامر فهل من مفر
Romanceللكاتبه الهام رفعت وضعها القدر في موقف بات حبها له منبوذًا بينهم ولم تجد امامها غير أن تمتثل لرغبتهم في الإنتقام لا تعرف هل نابعة منها أم واجب عليها ، وفي النهاية حكمت وحسمت أمرها بالتنفيذ ، فهل لها من مفر ؟؟.. بقلم/الهام رفعت مارية فتاة في العشرين...