الى القاعة وانا مبتسمة، ربما كانت محاولة ابعاد ليلى واخرجها من حياتي خاطئة،
عندما وصلت كانت تجلس على احدى المقاعد تنظر للسماء , عندما لمحتني نهضت ولوحة لي وهي تبتسم ابتسامتها الطفولية , تكلمتُ في عجلة
(اسفة لقد تأخرت واخرتك)
(لا بأس)
سارت بجانبي الى ان وصلنا للباب , توقفت ثم استدارت نحوي ,
(لا تتحدثي فقط سيري واجلسي اتفقنا)
(حسنا)
طرقت الباب ودخلت قبلي , استوقفها الأستاذ ولكن ليمزاحها ليس الا فلم ينتبه لدخولي الخاطف , كنت فرحة بالخطة الماكرة التي نفذناها , حتى جلست على المقعد وانا اتأكئ عليه براحة , لبرهة نسيت ما ينتظرني هناك , ثم عدت وتذكرتك وتجهم وجهي , خفت ان التفت , واجدك , اجد ابتسامتك وعينك تنظر مباشرة نحو عيني , لذا تصنمت اجلس بثبات لا أميل وكأني على اجلس على سفح جبل , واستمر ذلك طيلة الساعة الكاملة , نهض الأستاذ يأخذ حضور الطلبة , وعندما وصل لاسمك , لم تجبه , ولم اسمع أي حركة من خلفي , انت لم تكن خلفي , لم تكن حاضرا من الأساس, نهض احد رفاقك واخبر الأستاذ بـأنك قد اتصلت به وتخبر ان احد اقربائك قد توفى , فلن تستطيع الحضور , اكمل الأستاذ عمله ,خرج الطلبة , انا جالسة ,
من الذي توفى, هل هو احد عزيز عليك , كان دقات قلبي تتسارع , أخاف فتح الباب لما يطرق بيبان تفكيري , كل تلك الأفكار المشؤومة, بان احد اخوتك او الأسوء احد والديك هو من تأذى , اريد الاطمئنان عليك وانا عاجزة عن فعل شيء ، رأيت
ليلى تقف امامي , وقربها سارة وريم , التفتت ليلى تحادث الاخريات بينما انا انظر اليهم بعيون فارغه , وعقل غير حاضر,
(اذهبوا انتم الان سأوافيكم لاحقاٌ)
ذهبن هن وجلست هي قبالي تطالعني بقلق , سألت
(هل انت بخير؟)
اجبتها بعد لحضات عندما استوعبت سؤالها
(نعم ......انا بخير)
(تكذبين يا رهف...)
(توقفي عن ترديد هذه الكلمة )
كنت قد نهضت عندما تشبثت بمرفقي بكلتا يديها
(فقد دعيني اساعدك.....انا اعلم انك تعانين من خطب ما.......فقط دعيني اكن بجوارك فلن تستطيعي تخطي الامر بمفردك)
(ليس هنالك ما يجب ان اتخطاه)
(توقفي عن ذلك بالله عليك ....ان اعلم انك على خلاف معه وانك تعانين من ذلك , فقط توقفي عن الانكار)
استدرت اليها بالكامل وانا مصدومة مما قالت لتو
(ماذا؟)
(كما سمعتي كنت قريبة منك و منه بما فيه الكفاية لأعلم ان بينكما شيء مخفي, والان انتما تتجاهلان بعضكما بالكامل ..لست بتلك السذاجة يا صديقتي)
(جيدٌ لكِ ,,, والان ماذا تريدين مني؟)
بدأت عينها تمتلئ بالدموع بينما صوتها يترجف
(اريد انا اساعد ..فقط ...انتما ........كنتما اعز أصدقائي والان كلاكما لا تتحدثان معي وكأني شيء اخر من الماضي تحاولان دفنه )
صدمت من ردة فلعها تلك ، دائما ما اقول الكلام عبثا دون التفكير بما سيعثه من خراب
(ليلى ليس الامر كذلك ...اه و لماذا تبكين الان ...انا الذي فيني يكفيني )
مسحت وجهها وامسكت كف يدي بأحكام
(انتِ تريدين الاطمئنان عليه أليس كذلك )
كنت يائسه عندما اطرقت رأسي ارضاً واجبتها
(اجل ..اريد)
نظرت لي بحزم ...
(اذن اتركِ ذلك لي )
..............
كنت اطالع كوب القهوة بين يدي , كان الجو رائعا والنسيم يداعب شعري بخجل ...كان جواً يناقض ما يعصف بداخلي , شعرت بمن يقف قربي , رفعت رأسي لليلى التي كانت تبتسم
(لقد سألت عبدالله ,, واخبرني انها جدته ... وانه بخير ولكنه سيتغيب لفترة طويلة)
(حقاُ)
جلست على يميني واخذت كوب القهوة وهي تضع اغراضها بجانبها
(ليلى لا تكذب )
بصقت القهوة وهي ترفع الكوب عالياُ تطالعه وكانها تمسك سماُ
(انها مرة )
ضحكت من تصرفها ذلك , ثم اتكئت انظر للغيوم التي غزت السماء, جائني سؤالها المتوقع
(ألن تخبريني الان عنما حدث)
(سأفعل ولكن لاحقا ...اما الان لدينا امتحان فلندرس)
نهضت وتوقفت امامي مشدوهة
(لا اصدق اجتهادك ,,, لقد تأجل الم تنتبهي للاستاذ عندما اقتحم القاعة واخبرنا بذلك صباحاُ)
(هل فعل؟)
عاودت الجلوس , وهي تستدير نحوي , تطالعني بتركيز ,
(سحقا...عموما اليوم سأبقى معك ....فلتتكلمي والا فلن اتركك ابداُ . فانا ليلى الحشرية)
أخرجتُ اه تكتم صدري ,لا اجيد الحديث عن نفسي ، بل لا اعرف كيف افعل ذلك، تمتمتُ بشرود
(وان اردت الحديث ....من اين ابدأ)
اجابت بسرعة
(فقد ابدئي وان كان من النهاية)
سحبت كوب قهوتي من يديها ،
(انت لن تخبري احداُ وسيبقى سرا بيننا)
زمت شفتيها ثم اجابت
(لا تحتاجين لائتماني)
وجهت نظري نحو السماء ..تتحرك الغيمة بهدوء امامي, وكانت ذاكرتي تفعل المثل , عدت الى نقطة البداية , الى تلك اللحظات الأولى التي جمعتني بك ,
كنت اجلس في القاعة الكبيرة للغاية وانا متقاعسة عن الحديث مع من حولي , اؤجل ذلك يوم بعد اخر ولحظه بعد أخرى , كانت السنة الدراسة قد بدأت لتوها وكنت الفتاة المراهقة التي تركت المدرسة والتحقت بالجامعة لتوها ,والتي ترفض التخلي عن اصدقاءها القدامى وحياتها البسيطة , كشعب يرفض الاحتلال كنت ارفض التأقلم مع العالم الجديد,
شعرت بشيء يرتطم بظهري , كان ككتاب او شي اشد صلابة ولم اعلم ما هو
التفت اليك لأجدك قد نهضت فجأة , والجميع أيضا , عداي انا
سمعت صوت الأستاذ يتكلم ويسأل احدهم , وكنت ما زلت اشتاط غضبأ اراقب اسفل ذقنك وانا جالسة,
(انسة ....ألن تتكرمي وتنهضي)
انزلت رأسك , وكنت قد ابتسمت ....همست لي بأولى كلماتك
(من الأفضل لو تستدري)
عقفت حاجبي وانا لم افهم ما يعنيه ذلك, لكني استدرت, وليتني لم افعل , نهضت بحركة لا ارادية تداركاُ للموقف ولكن بعد فوات الأوان ,فباشر الأستاذ بأنتقادي وجعلي مثال سيء يستحسن عدم الاقتداء به ,
كانت المحاضرة قد انتهت عندما قطعت عليك الطريق امنعك من المرور,
(ولن تعتذر حتى؟)(المعذرة؟)
ابتسمت له بسخرية.
(لقد ضربت بأغراضك ظهري , ولقد تعرضت لتأنيب أيضا بسببك )
(عفوا ولكنك انت من استدرت وتجاهلت النهوض,.. وعن اغراضي التي ضربتك, فأنت التي كنت مسترخية بكامل ظهرك وتجاهلتِ جلوس غيرك على المقعد, لم يكن ضربك متعمدا من الأساس فعلام اعتذر؟)
(حبذا لو انذرتني عندما جلست افضل من ضربي)
ابتسمت مجدداُ(لو كنت اعرف اسمك لفعلت )
(وهل هذا عذر حتى)
(كلا ليس عذرا انه السبب في هذه المشكلة التي تحاولين افتعالها)
ضحكت بسخرية وانت تحاول قلب الطاولة ولعب دور الضحية
(حسنا .....أسمي رهف ...كي لا تضربني مرة أخرى)
(وانا مازن كي لا تحاولي الانتقام مني يوما ما)
(يوما ما ....خيالك واسع)
انحنيت اسحب هاتفي من الحقيبة عندما مررت بجانبي , لكنك همست قريبا مني
(ومن يعلم ما تخبئه الأيام؟ رهف)
عدت للحاضر وانا استدرك انتظار ليلى وتحديقها بي ,
(حسناُ من ماذا ابدأ يا ترى)
(يا ألهي ما زلتي لم تقرري بعد! بماذا كنت مستطردة تفكرين اذن)
(اسفة ,لقد سهوت قليلا, حسناُ كان شجارنا قائم منذ بداية السنة الأولى ,ولكني لم ادرك انه لم يكن شجارا عادياُ , بل كان جرس الخطر الذي رن الالاف المرات تحذيراٌ لي ولكني تجاهلته)
(ليتك توضحين اكثر)
(كان يتشاجر معي على الصغيرة والكبيرة , كان يغار ويتحجج واحيانا يفعل ذلك دون قصد ,كان واضحا ومشاعره واضحة و لكني تجاهلت ذلك )
عبست ليلى بوجهها وعلامات فقدان الصبر بدأت تكسو ملامحها
(حسنا , وعندما كان الامر اعتياديا كما تقولين, لماذا الآت بكم الأمور الى هذا النحو)
(قبل سنتين , كانت أمور عائلتنا قد ساءت واخي لا يكاد يعود الا بين الأشهر والاشهر , ثم جاء ذلك اليوم المشؤوم وكنت بالفعل فاقدة لصوابي , عندما اتصل بي ليلا........)
........
كنت اصرخ بأعلى صوتي لا اتوقف الا بضع ثواني كي ألتقط انفاسي , ثم اعاود الصراخ
, كانت حالتي هستريه وكانت والدتي تحاول جاهدة إيقافي لكن عبثاً , نظرت من حولي من بعد استيعابي انه كان مجرد حلم , وانه الحلم ذاته الذي يتكرر منذ سنوات, بعد اختفائه, والدي ,
سمعت همس والدتي بمجموعة من الآيات القرآنية اثناء مسحها على رأسي بحركة رتيبه, سألتها وكان صوتي قد فقد خامته ,
(ماذا حدث لي)
(كنت نائمة عندما سمعتك تصرخين مجدداُ )
بدأت تبكي بعد ان احتضنتني ,
(لماذا تعانين هكذا بمفردك , اخبريني ما بك كي اساعدك, )
(ليس هنالك ما اخبرك به يا امي, مجرد كوابيس تأتي وتذهب)
تأففت ومسحت عينها بيدها , ثم عبست بوجهي ,
(ماذا؟)
(منذ ان كنت صغيرة وانت كتومه , لم اكن ادرك انك مريضة بالزكام الا بعد عدة أيام لانك لا تشتكين ولا تفصحين شيئاَ )
(امي لست كذلك)
(بل انت كذلك , والان الامر يتكرر مجدداُ , واخبرك ان علامات مرض زكامك تتفاقم , لذا حان الوقت لتسمحي لي بالتدخل)
(يا ألهي ......امي اريد العودة لنوم ارجوك.....تصبحين على خير)
ضربت رأسي بخفة, ثم نهضت من السرير , انحنت لتضع فوقي الغطاء,
(علَك يا ابنتي تتغيرين يوماُ)اغمضت عيني وانا أتذكر تفاصيل الحلم الذي غادرني منذ قليل, شارع طويل مليء بالأشجار , وهو يقف في نهايته ,ثم يستدير ويمضي الى اللانهاية , ابدأ بالجري وانا اصرخ اطالبه بالتوقف ولكنه لا يستجيب , ولا تهتز له شعره ,وينتهي الامر بي بمفردي في ذلك الطريق , حلم لا يزيد عمره عن ثواني , ولكني اشعر وكأنني اجري به لعقود
احسست بوجنتي وقد أبتلت, تجاهلت مسحها واغمضت عيني بشدة اتجاهل التفكير بأي شيء
كان اليوم التالي قد حل وكنت أحاول التركيز بأمتحان لعين وانا في اسوء حالاتي , نظرت عبر زجاج النافذة وكان السواد قد احتل السماء ولم تعد الأشجار و زهور سناديني المعلقة بائنة
اهتز هاتفي فجأ’ واضاءة شاشته يتوسطها حروف اسمك , ابتسمت بتعب , ربما الكلام معك قليلا يزيح القليل من تكدري , امسكت الهاتف ووضعته على اذني
(مرحبا مازن)
(اهلا)
كانت ترحيبك ينذر بما هو آتيٍ, تعمدت و تجاهلت الخوض بعراك علَك تتجاهل ايضا
(كيفك حالك اليوم )
ضحكتك الساخرة عبرت الهاتف, اراها واراك وكأنك تقف امامي الان , وكان ذلك كفيلاً بإيقاظ غضبي وزيادة تكدري اضعافاُ واضعاف ,
(يبدو من ضحكك انك بخير)
(لم أتوقع ان حالي سيهمك بعد أسبوع من القطيعة)
ابعد الهاتف عن اذني واخرجت آهه ,استعذت من شياطين الدنيا بأجمعها, ثم اعدت الاستماع لسخريتك مجدداُ,
(وهل انتهيت الان؟)
(مما أنتهي ؟ هل ازعجك الاستماع لي لعدة لحظات بعد أسبوع كامل من تجاهل رسائلي)
انا كنت قد عاشرتك لسنتان , اعلم نقاط ضعفك ونقاط غضبك , استطيع بكلمة واحدة , تهدئة حالة الهياج والتنمر التي تمارسها عليً الان , ولكنني لم افعل , فكما استطيع إطفاء النهار , استطيع جعلها تحرق غابة !
(بالضبط ليس لدي وقت)
عاودت الضحك , ولم تكن هذه المرة سخرية
(بمن كنت منشغلة كي لا تجدي وقتاُ ؟)
(بغيرك)
صوت انفاسك المتقطعة , كانت كفيلة لتشفي انتقامي , تكملت ببطئ وكأنك تخاف فقدان استقامة لسنانك ,كان صوتك يرتجف
(اخبرتكِ انني لا احب هذا المزاح)
(أي مزاح؟ ,سألتني واجبت)
(توقفي )
تسحب انفاسك بصعوبة , وكأنك هواء الأرض بأكملها لم يعد يكفيك , أكملت
(فقط اخبريني سبب تجاهلك رسائلي تلك الايام )
(ليس هنالك شيء ازيده على الذي قلت )
صرخت بأسمي عبر الهاتف , شعرت بأن طبلة اذني قد انشقت الى انصاف, فأدركت جسامة فعلتي ,ادركت انني قد تماديت , تماديت للغاية , وان عليَ التراجع فوراُ ,
ولكن .......كنتَ قد أغلقت ....... عاودت الاتصال بك ليخبرني المجيب الآلي انك قد اغقلت هاتفك حالياُ..... وعليَ الاتصال بك لاحقا, ......لاحقاً عندما تهدأ ربما كان يعلم انك تحتاج للهدوء , ولكنه لم يكن يعلم انك قد أغلقته في وجهي للأبد وان فترة هدوءك ستطول الى ان تتجاوزني ،
ثم تتركني كي لا اعرف هدوءا من بعدك.
كم عدد المرات التي اتصلت بك تلك الليلة , وكم عدد الرسائل ؟ , لا تحصى , لكن في كل تلك الرسائل لم انكر ايً مما قلت لك , لم أحاول تبرير ايُ مما قلت , نعم لأنني كنت منشغله بغيرك , بوالدي يا مازن , وليتك لو سألتني( بمن ؟) ........أكان حالنا سيكون افضل ؟
أنت تقرأ
ليت الوقت يعود
Romance"لا حل وسط....اما ان نعود كالسابق واما ..ان نعود غرباء " نظر الي عيني مباشرتاً ليخبرني دون تردد "نعود غرباء" ابتسمت بأكنسار "حسناً" ادرت ظهري وسرت ..... الرواية تدور حول رهف ومازن طالبان جامعيين ..بعد صداقة دامت سنة تبدأ الامور بالتغير ....هي دو...