المضحية

10 1 4
                                    

  كان ذلك في عام ١٩٦٧م  وكنت يومها مدرسة في احدى المدارس في جنوب ((طهران )) في ميدان ((غار)) دخلت الى صف الاول مره وبعد برهة قدمت نفسي للتلميذات ،ثم أخذت أقرأ الاسماء في دفتر الحضور والغياب وكان يهمني أن اعرف أسماء الطالبات .
ومن بين كل الطالبات استوحذت طالبة نحيلة شاحبة الوجه على اهتمامي ،وبدأت ألاحضها في دقائق ((الفرص))وأراقبها من بعيد.
أصبح لغزاً مستعصياً أن أراها كل يوم تتعمد مغادرة المدرسة حتى اللحظة الأخيرة ،حتى قررت أن اسألها ذات يوم عن سر ذلك .
أجابت الفتاة بحسرة وحزن :أنا مضطرة لذلك ، فابي العجوز ألاعمى الذي يجلس في رأس الزقاق هو ابي وأجمع ما ترميه الطالبات في سلة المهملات من أوراق لأكتب فيها واجباتي البيتية !!!

مضى على ذلك عدة شهور ، وبدأ فصل الشتاء وكان الجو قارس البرد ،
هطلت الثلوج ثلاث مرات ، وكان معظم الطالبات يحضرن بأحذية متهرئة ،خاصة تلك الطالبة التي كانت ترتدي حذاء رجالياً ممزقاً ، حتى أناا نمضي وقتا طويلاً من اجل تدفئة أقدامهن ،وأضطررت ان احسم جزء من مرتبي الشهري الاشتري به عدة أزواج من الأحذية .

وجئت ألى المدرسة ذات يوم وأنا احمل ثمانية أزواج من الأحذية وأخفيتها في الصف ، انتهاء الحصص ذلك اليوم ، طلبت من الطالبات الائي في مساس الحاجة الى  حذاء أن يتأخرن في مغادرة المدرسة ،
وحصل ذلك وكنت أتوقع في اليوم التالي أن ارى الجميع وهن يرتدين أحذيتهن الجديدة الدافئة.
ولكن ما حصل أن تلكالطالبة الفقيرة جاءت وهي ترتدي ذات الحذاء الرجالي الممزق .

شعرت بألغيظ من أجل ذلك ، ولكني تظاهرت بالامبالاة ،وفي اخر الدوام استدعيتها وسألتها عن سبب عدم ارتدائها الحذاء الجديدفأجابت بأقتضاب:
     

      _  يا سيدتي لقد رأيتني دون حذاء فاشتريت لي ذلك ولكن هل رأيت ((فاطمة))في الصف الآخر ؟!..

قلت :   كلا

      سكتت لحظةوقالت :صحيح انني يتيمة الأم ،ولكن لي أب أعمى يستطيع أن يهيىء لي حذاءً ، لكن ((فاطمة)) المسكينه ليس لديها أم ولا أب ،وهي تأتي كل يوم حافية الى المدرسة ...من أجل هذا اعطيتها حذائي !

مرت لحظات شعرت انني أغوص في نفسي .....لقد علمتني درساً لن أنساه طوال حياتي ، لقد فجرت في أعماقي روخ الفداء والتضحية ....شعرت أنها تحطم الرقم القياسي في العطاء ذلك لانها وهبت ما كانت في أمس الحاجة اليه .

        مر عام على تلك الحادثة وانتقلت ألى مدرسة اخرى وانقطعت عني اخبار تلك الطالبة .

    وعندما انفجرت الثورة الاسلامية لمحتها في زحمة المتظاهرين من الشباب الجامعة ،كانت وما تزال نحيلة الجسم شاحبة الوجه تأكدت انها هي تلك الطالبة التي تعرفت عليها منذ أحد عشر عامأ.
   وهي الان السنة الثالثة في الكلية الطب بجامعة طهران شابة في مقتبل العمر تموج نشاطاً وحماساً من أجل  أن تصنع لنفسها ولغيرها عداً أفضل .
___________________________________

اذ احببت القصة لا تنسى التصويت والاعجاب
  والتعليق
لان رائيك يهمنا ويشجعنا 

   

قصص الفتيات حيث تعيش القصص. اكتشف الآن