Hibiscus Syriacus

78 12 13
                                    

حثَثتُ الخطىٰ أشُقَّ الظلامَ علىٰ ضوءِ القمر حتىٰ حاذيتُ المبنىٰ الذي لا زلتُ أعتقِدُ أنَّه ميتمٌ،
جُدرانه الخارجية رَطبةٌ، كمَا كان قبل عشر سنوات، رطوبةٌ لَزِجةٌ أجزِمُ أنَّها حَزازةٌ أَكَلَ الدَّهرُ عليهَا و شَرِب،
الحشائشُ الجانبيَّة تكاثرت و تطاولت إثرَ إهمالِها..

أُريدُ أن أتذكَّر أكثر..

سرتُ ببطئٍ أبحثُ عن تفاصيل ذكرىٰ مُحَدَّدة غرستُها بيَدَيَّ في مكانٍ خاصٍّ عقبَ الدار،
سرتُ حافيَ القدمينِ تلدَغُني رؤوس الأعشاب الضارَّة،
كنتُ معَ كلِّ خطوةٍ أخطوها أحظىٰ بقسطٍ أَوفَرَ من نور القَمَرِ المكتَمِلِ حديثًا..

لَمَحتُها و هي علىٰ بعدِ مترٍ و بضع أشبار،
بِماذا يَسَعُني أن أَصِفها ؟
عروسُ البحر ؟
هيَ كذلك، عروسُ بَـرٍّ تعكس الضوءَ المعكوسَ، تنتظر بُزُوغ بَـنـَاتِـها من بين أحضانها،
هيَ في أجمل حُلَلِها..

ترَكتُها ضعيفةً مُستَندَةً علىٰ الحائط قبل عشر سنواتٍ،
لأعود اليومَ من غيرِ موعدٍ و أراها في أبهىٰ حُلَّة..

وصلت سعادتي بلحظة لَمحتُها إلىٰ ذروة النشوة،
ما هذا ؟
هل هذه حقيقة ؟
هذا الشعور منبعثٌ من صميم نخاعي،
لا أصدِّق،
مع هذه الابتسامة الفارعة علىٰ محيايَ،
حتمًا أبدو كالأبله،
لكنني لم أستطع السيطرة علىٰ تلابيبي للأسف..

اقتربتُ منها أكثر لأتأمَّلها عن قرب،
تُربَتُها نظيفةٌ و أوراقها صحِّية،
هل اعتنىٰ بها مُرَبُّو الميتم ؟
لا أعتقدُ ذلك، لم يفعلوا ذلك من قبل..

لقد نَمَت في غيابي، و أصبَحَت قائمةً علىٰ جذورها،
لَم أكن موجودًا و هيَ تنمو لتُصبح بهذا الحسن..

لَكمتُ الحائط الرطبَ الباردَ بجانبها بغير تَرَدُّدٍ لأسمع مفاصل يدي تصطدم ببعضها،
مثيرٌ للشفقة في جميع الأحوال..

FLASH BACK 10 YEARS AGO :

- جيمين-اه، أسرع هنا !

جاءني صوتُ المُربِّية لينلين الناعمُ من بين جدران الدار،
حملتُ الدلوَ المعدنيَّ الصَّدئَ بسرعةٍ و رحت أحاول جلبَ بعضِ الماء إلىٰ هنا من الدَّاخل،
تَرَكتُ حذائي الموحلَ خلف الميتم،
و حاولتُ التسلُّل بدوم أن ألفت الانتباه أو أثير ضجَّة،
كان ذلك وقتَ الظهيرة و بقية الأطفال نِيام،
سرتُ علىٰ أطراف أصابعي متوجِّهًا إلىٰ أقرب حنفيةٍ بالمطبخ.

- جيمين !

صُراخ لينلين الحادُّ أجفلني لأُترك الدلو من يدي يسقطُ مُرتَطمًا بأرضية المطبخ :

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jan 06, 2023 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

Upside Down || P.JM ✔حيث تعيش القصص. اكتشف الآن