الفصل الثاني

5.1K 127 72
                                    

#لست_عارا

#الفصل_الثاني:هُروبْ
--------------------------------------------------------------------------

دلفت "داليا" إلي الغرفة،وظلت تجوبها ذهاباً وإياباً بخطوات زائغة،زفرت بضيق ثم توجهت للفراش وجلست عليه،وهتفت بصوت عالٍ نسبياً بنبرة تميل إلي الغيظ:
  - هتفضلي تستحملي لحد إمتي يارغد
أغلقت رغد الباب بهدوء ثم تقدمت نحوها وجلست جوارها،لتقول وهي تربت علي فخذها وتتظاهر بإبتسامة لم تبرع فيها قائلة:
- هفضل طول عمري يا داليا،عشان دول اهلي،هعمل ايه يعني،لازم استحمل
نظرت لها داليا،وعينيها بدأت تتجمع بهما حبات الدموع،لتقول بأسي:
- بس كده كتير عليكي يا رغد،هما ليه كده،انا عمري ما شوفت حد بيعمل كده في بنته،المفروض يعملوا حساب إن فيه ناس بيتمنوا الخلفة
لتنساب عبراتها واحدة تلو الاخري بقلب مهموم،أمسكت رغد بيدها لتقول بإبتسامة گمحاولة لتهدأتها:
- يا قلبي إنتِ بتعيطي علشاني
وكزتها داليا بخفه في يديها وهي تقول بتأنيب:
- لو معيطش عشانك هعيط علي مين، إنتِ روحي يا رغد،وروحي مكسورة وبتعاني،لازم اعاني انا كمان
تلألأت العبرات بمقلتي رغد هي الأخري إثر حديثها الذي حرك مشاعرها وخفق قلبها له،لتجذبها بقوة إلي صدرها،وتدفن وجهها بين منكب داليا،لتزداد دموعها هطولاً وقد أذنت لشهقاتها بالإرتفاع لتعلن عن كم الالم الذي هي به،لتشدد داليا من ضمها،وتأخذ دموعها مجراها هي الاخري..وساد السكون التام الغرفة،عدا من صوت شهقاتهما
صداقة من نوع نَادر،مُختلف،قلما نجده أو لا نجده،صداقة بين قلوب نقية غير ملوثة،صداقة مهما طال بينها الزمان،لم ولن تنتهي مطلقاً....

                            ****                           

بعد مرور بعض الوقت..
إبتعدت عنها "رغد" بعد أن أصبح وجهها بلون الاحمر القاني،كفكفت بقايا دموعها براحة يديها،ثم هتفت لتلك الذي وجهها لا يقل عنها قائلة بمرح لتخفيف الأجواء:
  - ينفع كده،اهو فضلنا نعيط ومتكلمناش
  صدرت ضحكة خافتة عن "داليا" دون وعي ثم قالت:
  - معلش يا ستي قدامنا وقت نلحق نتكلم فيه.
 
تحدثتا في أمورٍ شتي حتي بتر حديثهم دلوف "يوسف" للغرفة دون إستئذان كالعادة وهو يقول بإبتسامة بلهاء تشق شفتية:
- مساء الخير،ممكن ادخل
رفعت "رغد" أحد حاجبيها رامقة إياه بتعجب،ثم قالت بتهكم واضح :
- هو إنتَ لسه مدخلتش عشان تستأذن
لتتابع وتحولت نبرتها إلي الخبث الشديد:
- جاي ليه يا وَحْش هنا،المفروض احنا بنات وقاعدين بنتكلم،عايز ايه بقي يا شقي
قالتها وهي تغمز له وتوجه أنظارها إلي تلك الجالسة وقد كسي وجهها بحمرة الخجل،ثم نكست رأسها أرضاً،تفرك أصابعها ببعضها..
توترت قسمات وجهه وقد أدرك ما تقصده فأردف بتعلثم قائلاً:
- ها،لا انا كـ نت جاي اطـ من عليكي مش اكتر
ضمت شفتيها بمكر أنثوي وهي تقول:
- يا راجل؟! ،جاي تتطمن عليا انا برضه
وهنا قد طفح كيل داليا،لتنتفض من مكانها بخجل قائلة بتعلثم شديد:
- طيب انا لازم امشي اتاخرت
وقفت رغد هي الاخري وقالت بإستغراب:
- ليه يا داليا لسه بدري؟
حدجتها بنظرة حادة وقالت وهي تكز علي أسنانها:
- لا ابداً،اتاخرت جدا وكمان عشان المواصلات
حاولت كبح ضحكاتها، علي صديقتها ،عالمة بخجلها  لتقول مشيرة  للخارج تحاول بشتي الطرق منع ضحكتها من الظهور قائلة:
- طيب تعالي اوصلك
أومأت لها ثم تقدمت أمامها ولم تعير ذلك المتأمل أدني إهتمام
ودعتها رغد ثم عاودت الدخول إلي غرفتها ليوقفها مكانها صوت والدتها المستزئ:
- علي فين يا حلوة،قعدتي طول النهار مع صاحبتك وسايبة هنا المواعين بالاكوام
قطبت جبينها بتعجب وقالت بخفوت:
  - أنا غسلتهم الصبح يا ماما
  وضعت "فاطمة" يديها علي خصرها قائلة بصوت حاد ونبرة محذرة:
  - اتوسخوا تاني...عندك مانع
  تنهدت بحزن شديد وقالت بطاعة:
  - حاضر يا ماما هغسلهم
مصت فاطمة شفتيها بتهكم ثم مرت بجورها،ودفعتها بقوة من كتفها،ثم تركتها وإتجهت لغرفتها بعد أن رمقتها بنظرة مستهزئة..
كبحت دموعها قدر المستطاع، ثم أستدارت وولجت إلي المطبخ لتباشر غسل الأطباق،غافلة عن تلك العيون الملتمعة بالحزن الشديد لأجلها،زفر بضيق شديد ثم تقدم تجاه المطبخ..
بينما كانت تقف هي تغسل الاطباق،وتنساب عبراتها بغزارة گصنبور المياه الذي أمامها،لتترك ما بيدها فجأة وهي تشهق عندما شعرت بقبلة حانية علي مقدمة رأسها،إلتفتت بسرعة،لترتفع إبتسامة سعيدة وهي تجده،ومن غيره شقيقها "يوسف" الواقف أمامها عينيه تقطر أسفاً لها
مد يديه وكفكف دموعها بإبهاميه،يعلم أنها المرة المليون التي تبكي بها اليوم،ليس اليوم فقط بل كل يوم
إرتمت هي بأحضانه وتبثت بخصرة ضامة إياه بقوة ورأسها علي صدره،تنهدت بخفوت وقالت:
  - أنا مش عارفة من غيرك كنت كملت حياتي إزاي
  لم تسمع منه رداً سوي يده اللتي تربت علي ظهرها بشرود..
إبتعدت عنه وقالت بمزاح دافعة إياه للخارج:
  - يلا بقي إمشي من هنا قبل ما ماما تيجي وتديني محاضرة
  إغتصب إبتسامة ضعيفة علي شفتيه ثم تركها ودلف إلي غرفته
بينما كانت تعلم هي بحزنه الشديد عليها،لتعود إلي الصحون تباشر تنظيفهم..

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jun 10, 2019 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

لست عارا للمبدعه  منه ممدوح حيث تعيش القصص. اكتشف الآن