صرخه قلب أنثى
كانت جالسه بغرفتها حزينه، يبدو على وجهها الكبر عشرات السنين من شدة ما عانت معه طوال سنوات عمرها، فقد اصاب برأسها الشيب مبكراً، ظلت على حالها تبكي بصمت على جراح فؤادها الذي ينذف دماً، على خذلان أغلى حبيب، كانت شارده تتذكر كم أحببته واخلصت في حبه، وهو اذاقها من بئر الخيانه الذي لا ينتهي، لم تنتبه دلوفه إليها حتى افاقت على حديثه مردد :
- لحد أمتى هنفضل كده، كل واحد فينا في مكان؛ مشتاقتيش لمكالماتنا سوياً، أنتي ساكته ليه؟ مفيش اي كلام بينا خلاص؛ بصيلي، صرخي، قولي اي حاجه، بس بلاش التجاهل ونظرة اللامبالاة دي منك، أنا خلاص مش قادر استحمل إهمالك أكتر من كده
رفعت رأسها ونظرت له باحتقار، واجابته بنبره حاده تحمل بداخلها الكثير من الآلام والشقاء، والمراره مردده :
-دأنت اللي مش قادر تتحمل؟ ! أنت الجاني وبتقول كده، أنت بأى حق بتتكلم أصلا، إزاي جتلك الجرأة وتقول كده، زعلان اوي إني اهملتك... مضايق من عدم الكلام معاك، ياااه بيفرق معاك اوي كده عدم كلامي.
مكالمات اية اللي لسه متوهم إني ممكن أشتاق ليها ! أنسى زي ما أنا نسيت، وكفاية اللي حصل منك، أنت عمرك ما أكتفيت أبدا بمكالمتنا، دايماً الخط على طول مشغول.اقترب منها ولامس يديها بشوق جارف وقال برقه :
- طبعا يهمني، واشتقت لكلامك معايا، ولمستك بين ايديا، مهما انشغل الخط فأنتِ الخط الأساسي اللي مقدرش استغنى عنه.
ازاحة يده بقوه وعنف، كأن عقرباً ساماً لذغها، والسم انتشر بين شراينها تريد التخلص منه، ثم قالت بألم والدموع تنهمر من مقلتيها مردده :
- أبعد إيديك دي متلمسنيش، أنا كرهت لمسه أيديك ، كرهت حتى عيني أنها شيفاك قدامي، مش قادره اتحمل لمستها على جسمي؛ حاسه أنها جمره نار بتحرقني، أبعد وسبني اربي عيالي، أنا عايشه عشانهم وليهم وبس، لكن أنت ملكش وجود في حياتي.
نظر لها بغضب والشرار يتطاير من عيناه قائلا :
- ليه كل ده يعني، حصل ايه؟ غلطة واعتذرت عليها، الدنيا مش هتنتهي، ولا هتعلقي ليا حبل المشنقه.
رمقته بأعينها نظره سخريه، وبنبرة َوجع والم قالت :
- تصدق صح غلطة وايه يعني، الغلطه اللي بتقول عليها دي كسرتتي، دبحتني، موتتني بالبطئ، مهما اوصفلك وجعي عمرك ما هتحس بيه؛ لأن وجع الست غير الراجل، إيديك دي كرهت أشوفها ، من بعد ما شوفتك معاها... وشوفت إزاي إيدك محوطاها بتملك وحب... وبتلمس كل أجزاء جسمها بشوق، شوفت بعيني شغفك بيها، عيونك اللي كانت بتلمع وهي بين إيديك ، تصدق أنا قرفانه أصلا ابصلك، ولولا ولادنا أنا كنت سبتك من زمان.
اقترب منها للمره الثانيه، وقام بهزها بعنف، والدموع تلمع داخل أعينه قائل لها :
- أنتي إيه؟ رجعت ندام وركعت اترجاكي تسامحيني وتغفري غلطتي، وقولتلك نذوه ومش هتتكرر وأنتي قلبك ده قاسي حجر، شهور عدت كل يوم أطلب منك تسامحي وأنتي رافضه حتى تبصيلي حرام عليكي ده ربنا بيسامح.
ابتعدت عنه ونفضت يداه بعنف؛ واولته ظهرها، وجففت دمعه من مقلتيها خانتها وأعلنت عصيانها عليها، وقالت بنبره مخنوقه :
ربنا بس اللي بيسامح، وأنا مسامحتش قبل كده كتير، كل مره بتغلط تقف نفس الموقف وتقولي توبه مش هتتكرر، وبرضو بتتكرر... أنت إنسان خاين، ملكش أمان ، أنا اكتفيت منك، أنا قرفت منك أصلا ، خلاص اللي بينا خلاص راح وأنتهى، اللي بيربطنا ببعض العيال وبس، وجودي هنا عشان خاطر عيالنا، هربيهم واكبرهم وبس مش عايزه حاجه تاني من دنيتي، سبني وكفايه لحد كده، وروح للساقطات ولياليك القذره بعيد عني، أنا خلاص شبعت منك قسوه وخيانه
كان مطأذأ الرأس، لا يستطيع مواجهتها، فأجابها بحزن :
- يعني خلاص مفيش امل تسامحيني، خلاص حبك ليا راح، أنا لسه بحبك ومقدرش استغني عنك، أوعدك أتغير.
ضحكت بسخريه و قالت بحزن شديد والم :
- حب... حب إيه اللي بتتكلم عنه، الحب أبعد من أنك تنطق حروفه.... الحب اسمى شئ في الوجود؛ أنت خنقت الحب بأيدك موته في كل مره دبحتني بيها، وفي كل مره أعرف بعلاقاتك، واسامح وأغفر ، وأنت بتزيد فيها؛ أنت عارف مش أنت اللي غلطان، أنا اللي غلطانه واستاهل أكتر من كده... عشان غفرت في أول مره جيت وطلبت فيها السماح، وأنا سامحت لو كنت وقفت وقولت لأ مش هسامح مكناش وصلنا للموقف ده، فياريت بلاش تلعب على وتر الحب لأنه مش لايق عليك أبدا ، واي وعد بتتكلم عنه! ما أنت ياما وعدت وخلفت وعدك ليا؛ وعدتني إني هكون ملكه على قلبك وخالفت؛ وعدتني إني هكون أسعد إنسانه في الكون، وفشلت وخلتني اتعس واحده على وجه الكره الأرضيه، وعدتني بالأمان ، وفقدته معاك الف مره ومره... وعدتني بالحب، ولاقيت منك الغدر والألم، والقهره، وعدتني بالبيت الهادئ الحنين؛ ملقتش غير أشواك وشوك ، ونار في كل مكان بتحرقني، وعدتني بالأمل في المستقبل، لاقيت يأس وظلمه وحزن.... كفايه وعووود لأنك عمرك ما نفذت ولا وعد.
ظل صامتاً لا يتحدث كأنه فقد لغة الحديث، فهي محقه فيما تقول فهو مريض بداء الخيانه، لا يستطيع أن يرى امرأة ولا يتقرب منها وتقوى العلاقه لأكثر وأكثر ، وفي كل مره يطلب منها الغفران وتغفر، لكن هذه المرة لا تقبل، نعم يحبها، لكن حبه للشهوات أكبر من حبها، فما الحل، كم حقا وعدها بكل هذه الوعود ولم ينفذها، إلى هذه الدرجه أنا إنسان عديم الضمير، مستهتر حقير، نعم هي تراني هكذا، وإذا انتبه لها حين قالت :
- أعتقد مفيش كلام تاني ممكن يتقال بينا، كل الكلام خلص، ونصحتي ليك روح اتعالج الأول ، وبعدين أطلب من ربنا السماح والغفران مش مني أنا ، لأن ربنا وحده اللي بيسامح مش البشر.
بقلم إيمووو كمال ✍️