شعر ارشد باشعة الشمس تلفح وجهه،وضوؤها قد اضعف الرؤية بعينيه السوداوين، وراح يحجب اشعتها عن وجهه بيديه.
لقد كانت فترة صعبة، تلك التي قضاها في السجن،كانت سبع سنوات من العزلة والابتعاد عن الحياة، حين انهى بيده عذاب امه ،بقتل زوجها الظالم.
كان يبلغ من العمر حينها، عشرون عاما فقط، عندما قرر ان يغرز السكين بقلب زوج امه، الذي كان سكيرا وظالما له ولامه،وينهي ذلك البؤس والذل الذي عاشاه بسببه.
كان دفاعا عن امه،بعد ان ابرحها ذلك الزوج المتغطرس ضربا وتعنيفا.
فدخل السجن بتهمة قتل زوج امه،وخرج اليوم ليعود للحياة،وحيدا،كما في السجن،فقد توفت امه بعد دخوله السجن بعام واحد.
الان هو رجل في السابعه والعشرين من عمره،وكان ذو جسم هزيل لكنه قوي،وبدت على كفيه اثار القوة والتعب، حيث مارس اعمال الحداده و تصليح السيارات في السجن. وخرج يمشي في الطريق،وكانه فاقد للذاكره،لا يدري اين يذهب واين يلجأ،للراحة من تعب كل تلك السنين.
جلس قرب احد محلات الاسواق الغذائيه، وطلب قارورة ماء كبيرة، وراح يرتشف الماء ويرشق وجهه بما تبقه منه.
وبينما هو جالس،اذ راعه منظر فتاة تتعرض للتحرش من قبل شاب يصغره بعام او عامين، تقريبا، وكانت الفتاة مذعوره،وتوقفت لتصفع الشاب، لكنه تجرأ ليمسك بيدها ويحاول ايذائها،وكان الوقت هو الظهيرة والجو حار،ولا وجود لمارة في الشارع،فانتفض ارشد من مكانه،وهم مسرعا نحو الفتاة، وامسك بالشاب،وابرحه ضربا، بدون اي تفاهم.وركله ركلة اخيره،وتركه والتفت للفتاة،وسالها ان كانت بخير.
لكنه حين نظر اليها، ورأى تلك العيون العسليه الناعسه،والبشره الحنطيه اللامعه،والشعر الاسود المسترسل ع كتفيها برقه ونعومه،لم يدر مالذي اصاب قلبه،
فنبضات قلبه راحت تتضارب بسرعة،وتشخصت عيناه بعينيها.
فشكرته هي ،وكانت لازالت تشعر بالذعر والرجفة تعتريها من قدمها حتي اخمص قدميها.
فامسك بيدها،بعد ان ادرك انها ليست على مايرام، وقال: لا تخافي،لن يجرؤ علي التعرض لك مرة اخرى..اهدأي.
لكن انفعالها ورجفتها استمرا،واحست انها ستفقد وعيها،ويغمى عليها، فطلبت منه ان يساعدها ويوصلها لاهلها.
فاوقف سيارة اجرة، واخذها ليوصلها لمنزلها.
بدت هيه توصف لارشد طريق البيت، ووصلوا اخيرا.
نزل ارشد والفتاة،وسارت هي بخطوات مرتجفه،ونفس ثقيل.
وكانت المفاجأه الكبرى، حين توقفت قربهم سيارة فخمة،ونزل منها شاب انيق و معه حارسه الشخصي الضخم.
صاح الشاب الانيق بفزع: ما هذا..مابها جوري?
امسك باخته جوري،وبدا قلقا جدا عليها، ونسي النظر لارشد الذي حررها من يديه وسلمها لاخيها.
لكن ارشد ابتسم ،حين امعن النظر لاخيها الشاب الانيق الثري،وصاح بكل سعادة وذهول:يسار. !!
التفت اليه يسار،وتفاجأ هو الاخر،حين شاهد اعز اصدقائه يقف امامه،مع ان السنوات غيرت ملامحه وكبر كثيرا،فصاح هو الاخر: ارشد..الغالي !!
ورغم المفاجأه والفرحه التي اصابتهما،برؤية بعضهما،إلا انهما لم ينسيا حالة جوري المتعبه، فنادى يسار على الخادمه والخادم، ليستلما جوري ويدخلاها المنزل.
والتفت لارشد وتعانقا بشده،ودمعت عيونهما.
واراد ارشد ان يقول شيئا،لكن يسار اسكته،وقال:لا تحكي لي اي شئ الان..انت تبدو متعب ومنهك..لندخل ونتحدث.
دخل ارشد المنزل الفخم،وانتظر ان ينهي يسار اتصاله بالدكتور الخاص باخته جوري.
وبعد ان انتهي يسار من المكالمه،التفت لارشد وقال: اخبرني متى خرجت من السجن..وكيف التقيت بجوري ?