الفصل 3

232 31 5
                                    

عدت مساء اليوم التالي من بيت عمي لوسيان وقد هدني التعب وكلي شوق لرؤية الويفرن مرة أخرى ، كم أتوق لمعرفة المزيد عنه!

طرقت الباب الخشبي المهترئ ووجدت أمي على غير العادة منهمكة في إعداد الطعام بالصالة، بدت عليها أمارات التعب واﻹنهاك لكنها تجاهلت كل شيء وحافظت على رغبتها.
ألقيت التحية دون ان تردها لي، لعلها لم تسمعني فالريح من خلفي قد جاوز صوتها صوتي،خلعت ردائي الأحمر السميك، وحذائي البلاستيكي البالي الممزق. تقدمت حافية القدمين بلا جوارب حتى أخذت لي مكانا أمام المدفأة جلست فيه.أخذت فجأة أستمتع بالصوت الذي تصدره النار وهي تلتهم بنهم أخشاب أشجار التوت البري، والتي جلبتها من الغابة صباح اليوم.

مستغرقة في التفكير كنت، بطريقة للخروج من المنزل للذهاب إلى الغابة المحرمة، لما أيقظني من غفلتي صوت أمي وهي تناديني: "بريم روز،بريم روز!أيتها الساحرة الصغيرة!! ألا يمكنك أن تردي على نداءاتي؟!"
أجفلت منها محدقة في عينيها اللتين خبا منهما بريقهما اﻷخاذ، فتوهجتا تحت أشعة الشمس الباردة التي تسربت من زجاج النافذة، وبدتا كعيني الويفرن الذهبيتين.

تبرمت أمي مني ورددت بانزعاج: "اجلبي الماء من البئر،نفذ مخزوننا السابق للشتاء وظني أننا سنضطر كغيرنا لجلبه من البئر."
أفاضت الجملة اﻷخيرة لنفسها لكنها بلغت مسمعي. يا لأمي اللطيفة والساذجة!!
هتفت وأنا أسير إلى المطبخ: "سمعت أن عاصفة قوية ستهب غدا لذا لن نستطيع انتظار والدك ليحضره..لكن لا تقربي البئر الجديدة، فقد صارحتني إيسابيل أنها رأت ثعبانا فيها"
ترددت قليلا قبل أن أقفز في مكاني كمجنونة. استشعرت حينها بأني أكثر شخص محظوظ في الكون بأكمله، قفزت ثانية بعد أن رسمت على وجهي ابتسامة عريضة . إنها فرصتي، وأي مكان أفضل من البئر القديمة التي تقع في طريقي للجبل!!

لكنني انتفضت على صوتها ثانية وهي تقول بنبرة تعجب واستغراب: "لماذا تبتسمين يا مشعوذة؟قلت لك أحضري الماء،لا أن اقفزي كالمجنونة في مكانك."

أمي تحب مناداتي بأسماء غريبة، لكنني تعوذت اﻷمر. تقول في غضبها: "أيتها الشنيعة!!عقل الوحش!! وجه الغول!"  ولما تكون سعيدة وراضية تتهافت كطفلة علي مرددة: "يا وجه الشمس!! مقلة عيني! مشعوذتي الصغيرة"وربما نادتني ب : "روزي الحبيبة، سيدة سانشين الجديدة!!"

أخبرتها أنني تذكرت شيئا مضحكا بشأن ثيودور ولهذا أبتسم،توهجت ملامحها في رضى وسعادة، وجعلت تغمغم بكلمات لم أفهم منها شيئا.

توجهت نحو المطبخ ﻵخذ جرة المياه. ارتديت ردائي وأحكمت إغلاقه، وكنت ممتنة بل وبالغة اﻹمتنان لسيمون، التي صنعت فيه عقدا محكمة أضفت عليه تألقا وشكلا بديعا.
لاحظت امي هيأته الجديدة دون أن تبالي، اكتفت بقولها: "سأصنع لك فساتينا خلابة ترتدينها في الحفلات، وسأعلمك الرقص كاﻷميرات بحيث تعجزين عقل آل ثيودور وعقل الصغير جونيور."، أمي دائمة التمسك بأحلامها.

جبل أبولوحيث تعيش القصص. اكتشف الآن