وعندما تفقد الامل #13

12 1 0
                                    

بدأت أفقد إيماني بانتصار الحق على الباطل، نحن مكبّلين، من أين سيظهر الحق أعطني بصيص أمل!

ج/ [إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد - يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار]

هذا وعد الله لأوليائه، والله لا يخلف الميعاد، لكننا أحيانا نضيِّق فهمنا لمَعنى النصر، وأحيانا نتعجل وقوعه بكل وجوهه ونغفل عن سنن الله في كونه، وأحيانا نطلبه ونحن ما وفَّينا بشرطه أصلا.

ومَن تأمل قصص الأنبياء في القرآن، وسيرة سيدنا ونبينا محمد ﷺ وأحسن الفهم = رأى سنن الله في كونه ماضية، وحكمته في خلقه بالغة، لا يخلف وعدا، ولا يُقدِّر أمرا يخالف مقتضى العلم والحكمة، سبحانه وبحمده.

نقرأ في القرآن قول الله تعالى: "كتب الله لأغلبن أنا ورسلي"، أليس كذلك؟ ثم نقرأ في القرآن أيضا: "كلما جاءهم رسول بما لا تهوى أنفسهم فريقا كذبوا وفريقا يقتلون"، هؤلاء رسل يقتلون قتلا، بل بعض الأنبياء نشر بالمنشار نشرا كسيدنا زكريا، وبعضهم ذُبِح ذبحا كسيدنا الحصور يحيى، وقتل من قتل من أتباع الأنبياء، قال تعالى: "وكأين من نبي قُتِل معه ربِّيُّون كثير، فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا.."، ثم نعود فنقرأ قول الله تعالى: "ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين - إنهم لهم المنصورون - وإن جندنا لهم الغالبون" ... ولا منافاة بين هذا كله ولا تعارض بين آي القرآن ووعود الملك العظيم الجليل الذي له الخلق والأمر سبحانه .. ذلك أن الغلبة على قسمين: غلبة بالحجة والبيان، وهي ثابتة لجميع الرسل، وغلبة بالسيف والسنان، وهي ثابتة لبعضهم.

فانتصار الرسل وأتباع الرسل بالقوة والسنان وحصولهم على الغلبة والقهر لأعدائهم يقع بين حين وحين، يُبتلى أقوام بالضعف وصولة الباطل، ويبتلى آخرون بالتمكين، فيرى الله من أوليائه القيام بالعبودية في كل الحالات، ويحقق الله وعده، فينصر أولياءه ويخذل أعداءه حينا، ويبتلي أولياءه ويملي لأعدائه حينا آخر ويستدرجهم من حيث لا يعلمون، ويملي لهم حتى إذا شاء أخذ وعاقب، يبتلي الله العباد بعضهم ببعض، ويداول بينهم الأيام، ويدفع بعضهم ببعض، نظام حكيم أراد الله أن تكون هذه الحياة الدنيا عليه [الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا] [ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض، والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم] [وليعلم الله الذين آمنوا ويتخذ منكم شهداء] [ولينصرن الله من ينصره].

وفي الحديث الصحيح: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين لا يضرهم من يخذلهم حتى يأتي أمر الله". قال النووي: يحتمل أن هذه الطائفة مفرقة بين أنواع المؤمنين، منهم شجعان مقاتلون، ومنهم فقهاء، ومنهم محدِّثون، ومنهم زهاد، وآمرون بالمعروف، وناهون عن المنكر، ومنهم أهل أنواع أخرى مِن الخير، ولا يلزم أن يكونوا مجتمعين، بل قد يكونون متفرقين في أقطار الأرض. أهـ .. فهذه الطائفة موجودة دائما بحمد الله إلى قرب قيام الساعة، ظاهرون دائما بالحجة والبرهان، وقد يظهرون أحيانا بالسيف والسنان كما مر، وقد يبتلون، فتكون للباطل صولة وجولة، ثم تكون العاقبة لأهل الحق، ويزهق الباطل، ولا يلزم أن يشهد النصر كل فرد شهد البلاء "وإما نرينك بعض الذي نعدهم أو نتوفينك فإلينا مرجعهم".

الحاصل: أن سنن الله ماضية، لا تقلق بشأنها، ذلك ملك الله، والله قدير، والله حكيم، لكن المطلوب منك أنت أن تقوم بعبودية الله اللائقة بمقامك الذي أنت فيه، فإن كنت في زمن بلاء قمت بالعبودية المطلوبة منك فيه، وإن كنت في زمن رخاء فكذلك، فتكون عبدا لله في كل حال بحسبها، ترجو رحمته وتخشى عذابه.

والحق منصور وممتحن فلا .. تعجب فهذي سنة الرحمن
لكنما العقبى لأهل الحق إن .. فاتت هنا كانت لدى الديان

الشيخ القاسم الأزهري

قِطّوِفِّ مَنِ أّلَ ⓐⓢⓚحيث تعيش القصص. اكتشف الآن