غدر القدر
___________الخامسة عصرًا - المنزل
"هل ما زالت تؤلمك؟.."
قلتها بنبرةٍ تفضح شفقتي وحنقي في الآن عينه..
"قليلاً ولكن لا بأس.."
نطقت بذلك متصنعةً رباطة الجأش وهي تُمرر قطعة القطن المبلل تلك برفقٍ على المكان المحروق من جانب ساقها الأيسر.
"أما زلتِ مُتأكدةً بأن ذلك كان حادثاً فقط؟.."
قلت ذلك بنبرةٍ تختبئ في طياتها الحميَّة.
"ما بالك يا عماد؟، بالتأكيد هو مجرد حادث، هيام ليست شخصًا بهذا السوء!.."
قالتها وهي تضحك بزيْفٍ وخفة لأردف أنا بتنهيدةٍ عميقة غائرةٍ في صدري وأنا أقلِّب عيني بضجر فقد سئمتُ من هذه الطيبة الممقوتة التي تتحلى بها شقيقتي ميساء.
فأنا أعلم بأن ما حصل ليلة البارحة لم يكن حادثًا عرضيًا عندما أوقعت تلك الفتاة المريضة هيام كأس الشاي الساخن جداً على ساق ميساء.
حفل الخطوبة المشؤومة هذا لم يمر بسلامٍ كما توقعت، وخصوصًا بعد أن حدثتني والدتي عن سماعها الغير المقصود لهيام وهي تُحادث والدتها بسخطٍ في إحدى الغُرف ليلة البارحة، وتتوعَّد بإفساد هذا الزواج بين شقيقتي وشقيقها هيثم، وقد كانت تُقسم بأغلظ الأيمان أن هذا الزواج لن يتم إلا على جثتها!.
لا أعلم بحق الله ما سر هذا الحقد والمرض بقلب تلك الفتاة لشقيقتي؟!، لا أصدق أن السبب هو فقط أن ميساء التي تُشاطرها العمر ذاته سوف تتزوج قبلها!.
ولكن هذه هيام!، وهذه أخلاقها وفكرها السقيم منذ سنوات..
تنهَّدتُ بعمقٍ وعدت لأنظر بطرف عيني المنكسرتين نحو ميساء الرقيقة وهي تُطبطب بقطعة القطن على ساقها وتحاول أن تخفي ألمها رغم ارتعاش كفها.
يا لسذاجتكِ يا أختي المسكينة..!
ليس لديك أدنى فكرةٍ عما يُحاك لك من قبل تلك الفتاة التي تستمرين باختلاق الأعذار لها..
تنفيذ هيام لوعدها الخطير سوف يدمر شقيقتي كلياً بكل تأكيد وكذلك هيثم المسكين الذي لا ذنب له، وسوف يدمر العلاقة القديمة والوطيدة بين عائلتينا، وخصوصًا بأن هيام لها كلمتها المسموعة والمُطاعة من قِبل والدها الموقَّر كونها طفلته المدللة عبر السنين وابنته الأنثى الوحيدة..
إنها ورطةٌ عظيمة ومصيبةٌ جسيمة!
ولكنني لن أسمح لذلك أن يحدث، بالرغم من أنني لا أملك أدنى فكرةٍ عما سوف أفعله..