5

80 7 2
                                    

كنت أضرب أزرار لوحة المفاتيح بسرعتي المعتادة ناظرة إلى دفتر السجلات بجانبي على مكتبي الخاص ذو اللون الأبيض والذي كان من المفترض أن يكون " تسريحة" لكني حولتها إلى مكتب حيث إستقرت الدفاتر والكراسات في التجويفات الخاصة بها وععُلقت الكثير من القصاصة الملونة مربعة الشكل على حوافها كتَبتُ عليها العديد من الخواطر.....
إقتربت مني بهدؤها المعتاد وجلست على الكرسي الأبيض والأسود الذي بجانبي، نظرت إلي بعينيها الواسعة والتي ستلمح بريقاً حاد يومض منهما دليل على الذكاء الشديد.....
أطلت التحديق لأشعر برغبتها في الحديث معي كعادتها لألتفت إليها وأخلع نظارتي الزجاجية ذات الحواف الفضية وأبتسم إبتسامة صغيرة وأمد يدي لأداعب رأسها كما تحب هي.......
سألتني بصوتها العذب الرقيق كرقة روحها مع عبوس لطيف يعتري ملامحها :
_ تاتي هل أنتِ بخير....؟
إستغربت سؤالها لكني إبتسمت وأكملت مداعبة رأسها وأنزلت أناملي لأمسح بخفة على عيونها البندقية ذات اللون الغريب جداً عن أفراد عائلتنا، لون القهوة المحببة إلي وقلت لها وأنا أميل برأسي لأصل لطولها وأطبع قبلة رقيقة على عينها الساحرة :
_ لماذا هل أبدو بحالةٍ سيئِة يا حلوتي...؟
عبست مجدداً بلطف ونفخة وجنتيها الوردية المشبعة بالحمرة وحركت لسنها ضد خديها فبدت قابلة للأكل بالنسبة لي وهي تقول بينما تلعب بأطراف فستنها المنفوش تارة وخصلات شعرها البنية تارة :
_ الأمر فقط ، أنكِ تغيرتي أنتِ لم تصرخي عندما سكب "سيدي" (أخي الأوسط) الماء عليكِ بل ضحكتِ وهددته بأبتسامة، ولم تغضبي عندما تقيأ "باسل" على ثيابكِ بل نظفتها بهدؤ، وعندما لعبتي معنا اليوم أعطيتني بعض الحلوى بطعم القهوة وسابقاً كنتي تقولين أن هذا خطر، أنا لا أفهم....
أبتسمت وأنا أخذ علبة الشاي المثلج من الثلاجة بجانبي وأناولها علبة حليب شكولاته وأفتحها لها وأسألها بينما أرتشف المشروب البارد بهدؤ:
_ مالشيء الذي لا تفهمينه حلوتي.....؟
عبست مجدداً عقدت حواجبها المرسومة الدقيقة ونظرت إلي بتلك العيون البندقة وهي تقول :
_ على الرغم من كونكِ مختلفة عن المعتاد إلا أني أشعر بالراحة لهذا الإختلاف إجد أنه شيئاً رائع لا ولقد ظهر في رأسي فكرة أني أريد أن أصبح مثلك هل هذا طبيعي تاتي......؟
ضحكت بخفة وأنا أسألها:
_ كم أصبح عمركِ الآن سكرتي...؟
إبتسمت بفرح وقالت :
_ ثمانية انا الآن في الثامنة.....
قهقهة لفرحه ووضعت علبة المشروب على مكتبي وفتحت شهري لينسدل مغطي عيني وتلك الندوب الصغيرة على وجهي وأنا أقول لها بنبرة عميقة :
_ هذا جيدسألتني هل أنا بخير؟ أجل أنا بخير كل مافي الأمر أني نضجت فقط فلم تعد تلك الأمور تزعجني أصبحت أكثر هدوء واستقرار فهمت معنى العزلة الذاتية.....
تابعت شارحة عندما رأيت التساؤل في عينيها :
_ يعني ذلك أن تبقي نفسك بعيداً عن مشاكل الجميع، لكن ليس لحد الجمود أن تعلم كيف تسعد نفسك ببساطة وكيف تكون في راحة بال.....
نظرت إلي تلك العيون الواسعة مجدداً بتركيز وصاحبتها تسأل :
_ هل يمكن لي أن أصل لتلك المرحلة إيضا تاتي....؟
أجبتها وأنا أرمي علبة المشروب في سلة المهملة الموجودة تحت مكتبي :
_ أجل يا حلوة يمكنك ذلك بكل تأكيد.....
إبتسمت إبتسامة واسعة....
هذه جريمة كيف يمكن لبشر أن يمتلك هذا اللطف ياربي....
قالت وهي تنهض من مكانه بخفة وتقول بصوتها العذب :
_ شكراً لك تاتي أنا سعيدة جداً اليوم....
راقبتها وهي تخرج من باب غرفتي وتغلقه خلفها بأحكام إلتفت إلى مكتبي وأعدت ربط شعري وأرتداء نظارتي وإبتسمت وأنا أتمتم...
" آه~ ياعزيزتي أنتِ إيضاً ستكبرين عندها ستختفي تلكِ الأشياء التي كانت تضايق روحكِ في الخفاء َـ ستكبرين وتنضجين ياحلوتي ~..."
#####################
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.....
كيف حال قلوبكم وأرواحكم أتمنى أنكم بخير....

ملاذ. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن