الفصل الحادي عشر

225 18 4
                                    

بعد أن قال "زاك" جملته الأخيرة أغلق الهاتف دون ان يسمع تهديدات "هاري" وتوعّداته، هنا بالضبط شعر "هاري" أنه ألقى نفسه إلى التهلكة، شيءٌ كان يؤنبه لأنه أخلف وعده ل"كارول" ولم يستطع حمايتها، وشيءٌ آخر كان يحثه على المثابرة وأن عليه انهاء ما بدأه..

صعد الى السيارة وأكتشف أن "لوكاس" لم يعد إلى السيارة بعد، قال في نفسه: "أين ذهب هذا الفتى؟!".
ثم نزل للبحث عنه، لكنه لم يبحث كثيرًا لأنه قد وجده جالسًا في وضعيةٍ أشبه بالاستلقاء على الأرض بجوار السيارة....
توجه إليه مسرعًا وقال في قلقل: " "لوكاس"، ماذا دهاك؟!"
أجابه "لوكاس" وكأنه قد بذل مجهودًا لقول هذا الجواب: "أشعر بالأعياء، وعنقي يؤلمني بشده..".
نظر "هاري" إلى عنقه فوجد أوردته بارزةٌ وكأنها ستخرج من عنقه، وبحكم أنه طبيب بدأ يكون بعض الأفكار عن الأسباب الممكنة.
هاري: سنذهب إلى أقرب مشفى، حسنًا؟.. هيا.

ساعده "هاري" على الصعود إلى السيارة وانطلق باحثًا عن مشفى، بحث كثيرًا ورجا العثور على واحدةٍ في الحال لأن وضع "لوكاس" كان يزداد سوءًا...
هاري: ما الذي تشعر به؟
لوكاس 'في أعياءٍ شديد': أشعر بأن شيءًا يغلي ويسير في عروقي...
  - أنت مسمّمٌ لا محاله..
وضع "هاري" هذه الفرضية بناءً على الأعراض التي لاحظها على "لوكاس".

بعد بحثٍ طويل لم يمرّا على اي مشفى قريبه، وحالة "لوكاس" كانت لا تسمح بالبحث اطول من هذا، وجد "هاري" مستوصفًا أمامه فقال بتمعن: "اعرف صاحب هذا المستوصف، قد نكون في أمانٍ عنده، ليس أفضل من المستشفيات ولكنه أملنا الوحيد الآن، ألست محقًا؟

لم يجد مجيبًا لأن "لوكاس" كان قد وصل إلى مرحلةٍ من الأعياء فقد فيها وعيه...
في هذه اللحظة أدرك "هاري" أن الأمر لا يحتاج الى تمعن، بل إن عليه التحرك من مكانه الآن، وهذا ما فعله حاملًا "لوكاس" وآخذًا إياه الى داخل المستوصف..

بعد الفحص بدأ "لوكاس" يستعيد وعيه ليصل له كلام الطبيب كالحلم وهو يقول: "كنتَ على صواب، لقد تم حقنه بسمٍّ معقد التركيب، يتكون من...(ليس لدي خبرةٌ في هذا المجال؛ لذا لن افتي في المكونات ولكنه قد ذكرها بالتفصيل).
هاري: وما علاج هذا؟
  - صدقني لا علم لي، الشخص الوحيد الذي يعرف العلاج هو من صنع هذا السم، والأمر سيانٌ بالنسبة لتركيبه؛ فلا احد يعرف المكونات سوى صانعه.
  - تعني أنه لن يعيش؟!
  - هذا أمرٌ مجهولٌ ايضًا، لكن حياته معرضةٌ للخطر؛ لذا عليه البقاء هنا لفتره.

قبل ان يغادر الطبيب سأله "هاري": "من فضلك، أين صاحب هذا المستوصف؟
عدل المطروح عليه السؤال ربطة عنقه قائلًا: "انه في اجازةٍ حاليًا".

غادر الطبيب تاركًا "هاري" في حيرةٍ كبيره؛ لم يجد بعد حلًا للمشاكل التي تواجهه، فكيف له ان يتأقلم مع هذه المشكلة أيضًا؟!..
وفي نصف شروده كادت أن تغفو عيناه لكنه سمع صوت "لوكاس" يقول له: "هل ندمت على مساعدتي ام ليس بعد؟".
هاري: "لوكاس"...، لا تتحدث استرخي فحسب.
لوكاس: اجبني هل ندمت أم لا.
  - لا.
  - انت تكذب.
  - توقف عن قول هذا واخلد الى النوم.
  - اجبني.
  - قلت لم اندم.
  - مازلت تكذب.
  - "لوكاس" ما مشكلتك لمَ تعاندني هكذا فجأة؟!، اخلد الى النوم ارجوك اريد الخلود للنوم ايضًا، سنفكر في هذه المشاكل لاحقًا.
  - لمَ نفكر في المشاكل لاحقًا وهي تحدث الآن؟

بدا "لوكاس" وكأنه يريد تضييع الوقت في الحديث وحسب، حتى "هاري" لم يكن يفهمه، بات هو من يتصرف بغموضٍ الآن.

هاري: يا فتى، كأن السم قد أثّر على عقلك، يبدو انك تهلوس سأنادي الطبيب ليجد حلًا لك.

كانت هذه حجةً جيدةً كي يتهرب من الإجابة عن سؤاله..

عاد ل"هاري" نشاطه بعد أن كان يرغب في النوم وبدأ يبحث عن الطبيب..
لم يكن المستوصف واسعًا، يتكون من غرفةٍ ومستودعٍ وصالةٍ شبه كبيرةٍ ومن ثم ممر يوصل إلى الباب.

كان "هاري" يتساءل اثناء بحثه، "لماذا لم يسأل الطبيب عن اي شيء؟!؛ من عادة الأطباء الاستفسار عن معلومات مرضاهم، هل كان كل همه هو إسعافه فحسب؟!، وإن كان كذلك، لماذا لم يطلب نقله الى المستشفى إن كان يعلم ان وضعه خطرٌ وان المستوصف لن يكون الحل الأنسب؟!".

هذه تساؤلاتٌ ربما تغاضينا عنها او لم نفكر في طرحها حتى؛ فقط لأننا كنا منهمكين في معرفة ما يحدث...!

في اثناء تحرك "هاري" في الممر وتفكيره في اجابات استفساراته في نفس الوقت، اصابه الشرود..
ومن منّا لا يحرك أي شيءٍ بلا وعيٍ عندما يصيبه الشرود؟!
فتح "هاري" باب المستودع الذي كان يبعد عن الغرفة التي بها "لوكاس" ببضع خطوات، وهنا اصابته الصدمة، او ربما شيءًا اقوى من الصدمة... لقد انفجع من المنظر الذي رآه عندما فتح الباب، ولربما كانت اصابته صدمة نفسية لو لم يكن طبيبًا جراحًا ومعتادًا على منظر الدماء...!
اجل دماء... فعندما فتح الباب صُدم بمنظر صاحب المستوصف الأصلي، يسقط أمامه والدماء يخرج من صدره بسبب طعنةٍ ادت الى موته لا محاله..
وهذا ما تأكد منه "هاري" عندما حاول تحسس نبضه الذي لم يكن موجودًا البته.

لقد وجد "هاري" اجوبة استفساراته المتعددة، باتت الأمور اوضح الآن، لقد علقا في شباك العنكبوت، وعليهما المحاولة جاهدَين للفرار قبل أن يصبحا فريسةً اكيدةً لهذا العنكبوت الذي صنع الشباك.

ركض "هاري" مسرعًا تجاه غرفة "لوكاس" التي لم تكن بعيدةً كما ذُكِر، امسك مقبض الباب وقبل ان يفتحه ألتفّت ربطة عنقٍ حول عنقه بسرعةٍ هائلةٍ محاولًا من لفها خنقه، ولم تكن هذه محاولة تهديدٍ او ما شابه، بل كانت محاولة قتلٍ صريحه.....

حاول "هاري" الاستدارة لرؤية الفاعل ولكنه عجز تمامًا الى ان سمع صوةً ماكرًا يقول: "هل ظننتما انكما ستستطيعان الهروب من رئيسنا؟!، هذا في احلامكما".

تعرّف "هاري" على الصوت، يبدو ان الطبيب المزيف لم يكن يعدل ربطة عنقه قبل فتره، بل كان يحاول خلعها لاستخدامها كحبل المشنقة...

يال المكر...! يبدو أنه شخصٌ من نفس فصيلة "زاك".....

سمع "لوكاس" صوت ضجيجٍ قادم من الخارج فبدأ بتتبعه واتجه الى باب الغرفة بحذرٍ وامسك المقبض محاولًا فتحه، ولكنه عجز عن ذلك؛ لأن "هاري" بالرغم من الموقف العصيب الذي هو فيه الآن، إلا انه استمر ممسكًا بالمقبض من الجهة الأخرى بقوةٍ كي يحمي "لوكاس" من الخروج ومواجهة نفس المصير الذي قد يواجهه هو بعد قليلٍ إن استمر الوضع على هذا المنوال......
ورغم محاولاته إلا ان "لوكاس" قد صعّب عليه المهمة كثيرًا؛ لأنه كان يحاول فتح الباب بقوةٍ غير مدركٍ لما يحدث، ولم يكن "هاري" قادرًا حتى على اصدار اي صوتٍ ليعطيه لمحةً عما يحدث... وألتزم الطبيب المزيف الصمت فقط ليصعّب الأمور اكثر على كليهما......

انه لموقفٌ صعبٌ وحرج، ويبدو ان الوضع يزداد سوءًا ومن الأسوأ إلى الأسوأ
من سينتصر في النهاية من وجهة نظركم أعزائي؟

عميان البصيرة | "جاري التعديل.."حيث تعيش القصص. اكتشف الآن