نهايه محتومه

37.6K 148 64
                                    

يقولون إن الكلب أوفى وأصدق من الإنسان. لا أعلم من قال ذلك، لكنهم يقولون الكثير من الأشياء، ربما لأنهم يحبون الثرثرة. لكن ما عشته كان شيئًا أبعد من أي مقارنة، أقرب إلى كابوس ممدد.

خرجنا إلى حديقة القصر، حيث كنت أعامل ككلب بالفعل، يسحبني خلفه وأنا على أربع. كانت قدماي متورمتين، ومؤخرتي مليئة بالعلامات والجروح. كنت كالمغيبة خلفه، حتى بدأت أصدق أنني كلبة حقيقية. كان يمشي بي قليلاً ثم يجلس، فأجلس بجانب قدمه، كأنني جزء من أشيائه المملوكة. تلاشى شعور السخط بداخلي، وأصبحت لا مبالية. كانت نفسيتي مدمرة، كأن روحي قد انكسرت. شعرت وكأنني تلاشت في هذا العذاب، وأصبح كل شيء مجرد فقاعة من الألم والمهانة.

عندما شعرت بالحاجة إلى قضاء حاجتي، طلبت ذلك منه دون خجل. قلت: "سيدي"، فأجاب: "لماذا تتكلمين؟ ألا تعرفين أنك في وضع الكلب؟ لا يجوز لك سوى النباح." قلت: "ولكنني أريد أن تنزع الذيل كي أقضي حاجتي." استجاب لي، وقام بنزع الذيل، وكان الألم شديدًا بعد طول الوقت الذي قضاه بداخلي. أخذني إلى أحد الأشجار حيث قضيت حاجتي بلا مبالاة، كأنني أفرغت آخر بقايا الإنسانية في تلك اللحظة.

عندما انتهيت، عاد بي إلى داخل القصر، وأمر كريستين بتنظيف مؤخرتي وإعادتي إلى غرفتي. كنت في حالة إعياء شديد، كأن جسدي قد استنفد كل طاقته. كأنني عدت إلى غرفتي كظل شاحب، ولم يتبقى لي من القوة سوى الدموع التي ذرفت بلا توقف، تنزف من عيني كما تنزف الروح من الجسد بعد تجربة قاسية.

أصبحت الغرفة بالنسبة لي ملاذًا من الألم، حتى لو كانت مجرد جدران صامتة، فهي كانت المكان الذي يتيح لي الانسحاب إلى عالم من الخواء، حيث لا تكون القسوة سوى ذكرى بعيدة.

ظللت في السرير ليومين كاملين، كانت كريستين تعتني بي كما لو كنت جرحًا يجب تضميده. عالجت آثار الضرب على مؤخرتي بالكريمات والثلج، واهتمت بتضميد قدمي التي كانت تتورم من الألم. كانت تقدم لي المضادات الحيوية وتحرص على طعامي وشرابي. خلال هذين اليومين، بدأت أستعيد عافيتي، عدت إلى نظامي اليومي كمن يستعيد حواسه بعد غيبوبة طويلة. أصبحت طاعتي لا تشوبها شائبة، لا أعصي أي أمر، حتى تلك المضاجعة مع الرجل الآخر كانت تؤديها بلا مبالاة، كأن الانكسار الذي اجتاحني قد قضى على كل مشاعري.

مرت الأيام حتى جاءت الليلة الأخيرة. كنت قد جهزت نفسي للسفر في الصباح والعودة من حيث أتيت. توجهت إلى سريري في الظلام كالمعتاد، قبل أن أذهب في النوم، وجدت ماستر آدم يدخل الغرفة. انتظرته كل يوم ولم يأتِ، وها هو يظهر في الليلة الأخيرة. كبل يدي وقدمي كما في المرة الأولى، لكن هذه المرة، اقترب بوجهه من وجهي وقبلني قبلة طويلة. في تلك اللحظة، نسيت كل شيء. نسيت انكسار روحي ونفسيتي المحطمة. شعرت كأنني أرتفع فوق السحاب، غفرت له كل شيء، غفرت قسوته وتدميره نفسي. كنت أدرك أن هذه هي ليلة الوداع، وتمنيت لو أنه يطلب مني أن أبقى بجواره طيلة عمري، لن أرد طلبه أبدًا.

21حيث تعيش القصص. اكتشف الآن