7 سبتمبر 2023
"دكتور... إن صديقك ينتظرك في الخارج" قالت بشرى الممرضة لأنتفض بسرعة... نظرت للساعة مطلقا شهقة قوية... رباه لقد أخذني التفكير مجددا ونسيته... تبا سيأكلني حيا...
نزعت نظارتي ومعطفي الطبي على عجل وخرجت لملاقاة مصيري...
"بربك هاني... ساعتان؟" صرخ فور رؤيتي لأتوقف بعيدا عنه، لايمكنني التنبأ بردود أفعاله... عضضت شفتي السفلى متيقنا أني بصدد التعرض لنوبة غضب طويلة...
"آسف" حاولت تنميقها بأكبر قدر من اللطافة
"كف عن التصرف بصبيانية هاني... هل علي القدوم إلى العيادة في كل مرة نتواعد على اللقاء" ألقى بكلماته ومضى غاضبا لألحق به معتذرا...
"اسلام أنا حقا أعتذر... لم اشعر بالوقت أقسم" تنهد بخفة وركب دراجته... وقف منتظرا لأصعد على المقود كالعادة ويبدأ في القيادة على تلك الطريق الريفية الترابية كثيرة الحفر... كان يقود بسرعة لمعاقبتي فاهتزاز الدراجة على الطريق يؤلم مؤخرتي وهو يعلم هذا... التزم كلانا الصمت... هو غاضب وأنا لست في مزاج للتبرير...
أنا وإسلام أصدقاء منذ الطفولة... مع أني أكبره بعام إلا أنه يبدو أكبر مني بسبب طفولية تصرفاتي اضافة إلى بنيتي الضعيفة نوعا ما...
كان يقطن في المدينة عند جده الذي كان جارنا... لكن بعد تخرجه قرر العودة إلى الريف أين تتواجد عائلته المكونة من والديه، أخويه الاثنين وأخواته الأربعة حيث كان أصغر الذكور هناك وأكثرهم فائدة...
بعد تخرجي من الجامعة عملت في مشفى المدينة لفترة لكن سرعان ما قررت فتح عيادتي الخاصة... كان فتح عيادة في المدينة ضرب من الخيال بسبب الغلاء المبالغ فيه في العقار لذا اقترح اسلام أن أنتقل إلى الريف فقد كان العقار في قريته مريحا... لذا ابتعت عيادة صغيرة واستأجرت منزلا لطيفا...
حسنا... لا أنكر أني استنفرت من المكان في الوهلة الأولى بسبب اختلاف الثقافات والطبقات والمظهر لكني اكتسبت زبائن لطيفين... كانت القرية صغيرة جدا لذا كل السكان يعرفون بعضهم... أغلبهم جهلة ومتخلفون لكنهم طيبون جدا حيث لم يبخلوا علي بكرمهم ولمعرفتهم انني عازب ووحيد فهم يحضّرون لي الطعام وينظفون منزلي ويغسلون ثيابي...
"هل كنت تفكر في ذلك الموضع؟" همهمت خارجا من تفكيري حيث باغتني اسلام بسؤاله... انتبهت إلى أنه خفف السرعة وارتخت ملامحه فعرفت أنه اكتفى من تعذيبي...
"اخبرتني أنك كنت غارقا في التفكير لهذا تأخرت..." أومأتُ ليسرسل "هل كنت تفكر بذلك الموضوع؟"
اتسعت عينيّ وتغيرت وتيرة تنفسي... أدرت وجهي لتتقابل أعيننا... بحق الله!... كيف عرف؟
أعدت رأسي إلى الأمام ناكرا... "لا... لم أكن أفكر به"
أنت تقرأ
سَرْمَدًا
Mystery / Thrillerأين أنا؟ أشعر بقطرات المطر تداعب جسدي... وتخللت إلى مسامعي أصوات الحشود من حولي... تذكرت!... أنا الآن أمام بيت إسلام... وتلك القصة... يا إلهي! لا زلت أشعر بحرارة الدماء على جلدي... يبدو أنني قد غبت عن الوعي لثوان... هل ستكون جثتها أمامي؟... فتحت عين...