غدًا هي ذكرى ولادة المسيح Q، وسأقيم احتفالاً اللّيلة. الضّوءُ فيه هو قلبي الملتهب والمشتعل والّذي يحترق كما الشّمع فيضيءُ مراسم الحفل الملكوتيّة. قطرات دمعي هي درٌّ وجواهرٌ تسطعُ منها الأنوار، ويزيّنُ تلألؤها ساحتي.أعبد الله العظيم1975 ناسين 22 إنّني أختنق، أريد أن أبكي، أريد أن أصرخ، أريد أن ألتجئ إلى البحر، وأريد أن ألوذ بالسّماء. الدّمع يجري على صفحة وجهي الأصفر، أمسحه، أفرُّ إلى الزّوايا كي لا يلتفت أحدٌ إليّ. احترقت عدّةَ ساعاتٍ، وغرقت في حالة من الحماسة والثّورة الرّبانيّة. كان قلبي قد انشقّ، وروحي قد حلّقت. كنت أحسُّ أنّني قد اقتربت من الله. كنت أحسُّ أنّني قد تجاوزت الدّنيا وما فيها. كنت قد تركت الجميع وكلّ شيء، وكنتُ فقط منشغلاً بالرّوح، مجالسًا للغمّ، متكيّفًا مع الألم. وكنت فقط أعبد الله العظيم وحده.كيمياء العشق 1975 ناسين 22 حقًّا، ما العبادة سوى تلك الأذكار التي تُكسب الرّوح سموًّا؟ وتوجد في قلب الإنسان ذلك الإحساس الّذي لا يوصف؟ الإحساس الّذي يُحرق الجسم، يُلهب القلب، يسيّل الدّمع، يجعل كلّ ذرّات وجوده ترتعش، ويجعل الرّوح محلّقة لا ترى ولا تريد غير الله. هذا الإحساس العرفانيّ، الّذي ينطلق من أعماق وجود الإنسان ويحلّق باتّجاه أبديّة الرّبّ، يُسمّى العبادة. أيّها الرّبّ العظيم، كنت أعبدك لعدّة ساعات، وكانت عبادةً عجيبة! عبادة قد نتجت عن التقاء غمّ مع غمّ آخر. هناك حيث تلتقي دنيا الوحدة مع موجودٍ وحيد، هناك حيثُ اتخذتُ لقب العاشق المتألّه، التقيت بملاكٍ قد مُلئ عشقًا من رأسه إلى أخمصِ قدميه. ربّاه! أيّ دنيا قد خلقتَها؟ أيّ سماوات عالية، أيّ ورود متنوّعة، أيّ بحار، أيّ جبال، صحاري، غابات، قلوب مكسورة، أرواح ذابلة، آلام قاتلة، أحاسيس عاشقة، تضحيات، وأيّ دموع وأيّ حرمان؟ عجيب أنّك جعلت رفعة وعظَمةَ الإنسان في الألم والغمّ والحرمان، فلستَ تريدُ العالم دون ألم وأنين وحرمان. نحن كذلك عاشقون لوجودك ونذهب باتّجاهك بقلوب محترقة ودون حيلة. أنت تحرقنا بنار الغمّ، وتبدّل بكيمياء العشق طينتنا التّرابيّة إلى روح سامية فوق الأرض والسّماوات لا تريد غيرك ولا تعبد سواك.أعشقك من الأعماق 1976 يا حسين، أيّها الشّهيد العظيم، أتيتُ كي أناجيَك، وأفتحَ قلبي المليء بالألم لك. لقد فررت من الثّوريّين الكاذبين. إنّني أُبغض التّجارَ عبّادَ المادّة المدّعين للثّورة. إنّني أمقت الّذين يتاجرون بدماء الشّهداء. إنّني هاربٌ من هؤلاء الميكيافيليّين الّذين لا يلتزمون بأيّ قيمة إنسانيّة ويفدون مصالحهم الشّخصيّة وأغراضهم الماديّة الحقيرة بكل ما يملكه النّاس: حياتهم ووجودهم وشرفهم، وحتى اسم الثّورة المقدّس. يا حسين، قلبي مغموم وروحي حزينة. إنّني أتابع نضالي بناءً على وظيفتي فقط يائسًا متألمًا في خضمّ طوفان الأحداث الّتي تسحبنا كما كومة القشّ إلى هذا الطّرف أو ذاك. وأحيانًا أنوء تحت وطأة الضّغط الرّوحيّ فأتعلّق بعباءة الشّهادة فارًّا من الألم والغمّ، لكي أُخرج على الأقل نفسي من هذا النّفق الموحش الّذي ابتلع الثّورة والجميع، وأتركَ هذا العالم الحقير وهؤلاء المدّعين الكاذبين وأنالَ لقاء الخالق بثوبٍ طاهر وكفن دامٍ. أيّها الحسين المقدّس، مرّت مدّة طويلة كنتُ أقدّس فيها كلّ ثوريّ وأقرن اسمه بذكرك، وأجعله في قلبي، وكنت أعشقه كعشقي لك، وكنت أقدّسه كقدسيّتك، وفي سبيل مساعدته لم أكن أبخل بأيّ تضحية حتّى بذل حياتي ووجودي.لكنّ التّجربة علمتني درسًا كبيرًا ومرًّا بأنّ السّلاح والقتال والثّورة وحتّى الشّهادة يجب أن لا تُحترَم وتقدّس لذاتها، بل المهم هو الإنسانيّة، التّضحية في سبيل المثل الإنسانيّة، التّغلب على الأنانيّة والغرور والمصالح الماديّة الدّنيئة، والإيمان بالقيم الإلهيّة. ما يهمّ أكثر من أيّ شيء هو الإنسانيّة والقيم الإلهيّة، ولا يمكن لأيّ شيء أن يأخذ مكانها. يجب صنع الإنسان، يجب تحديد الهدف على أساس منظومة القيم، وأنّ المعيار والمقياس يجب أن يقوما فقط وفقط على أساس القيم والإنسانيّة والإلهيّة. يا حسين، اليوم أيضًا أقدّسك، ولكنّه تقديسٌ أعمق وأشدّ وهجًا. يا حسين تعشقك أعماق وجودي وحتّى سماء روحي، وتريدك وتبغي وصالك. يا حسين، إنّني متألّمٌ، كسيرُ القلب، وأحسُّ أنّ ليس من دواءٍ يهبَُُ السَكينةَ لقلبي المحترق سواكَ وسوى طريقك. يا حسين، إنّني لا أسعى للبقاء حيًّا، لست أخشى من الموت، قلبي متعلّق بالشّهادة، وقد غسلت يديّ من كلّ شيء، ولكنّني لا أستطيع تقبّلَ أن تكون القيم الإلهيّة وحتى قداسة الثّورة قد أصبحت لعبة السّياسيين والتّجّار عبّاد المادّة.لم أصبح لائقًا للقائه 1976 لم أذهب للقاء الله بعد. ما زلت أخاف أن أقابل الله العظيم وجهًا لوجه، وأخاف أن أضع قدمي في بيته. ما زلت لا أرى نفسي جاهزةً لتقبّله المطلق، وما زالت هناك رغبات ماديّة حقيرة في زوايا قلبي. ذوات الوجوه الجميلة ما زلن يهززن قلبي، وما زال فؤادي يرتجف من أسر محبّة زوجتي. ما زالت الذكرى الأليمة لأطفالي الملائكة تملأ روحي بالألم والحزن. لم أغسل يديّ من الحياة بعد، وما زلت لم أطلّق الدّنيا ثلاثًا. ما زال حبّ الحياة الخسيسة يجري في عروقي، وحتّى الآن لم أملّ من كلّ شيء تمامًا. ما زلت لم أوقف قلبي وروحي بشكل تامّ لله. قد ألقيتُ كثيرًا من الآمال والأمنيات، ونسيتُ مقدارًا من الرّغبات واللّذات، وقطعتُ أملي بمعظم النّاس، الأصدقاء والأقرباء... لكن... لستُ أخدع نفسي. فما زال هناك في زوايا قلبي آمالٌ ورغباتٌ وأماني. لم أتطهّر بشكل تام بعد. لم يصبح قلبي مكانًا خاصًّا لله بعد. لذلك أتجنّبُ ملاقاته، مع أنّني أناجيه دومًا في حياتي، دائمًا أطلبه، وأذرف الدّمع في محضره. أناجيه في خلوات اللّيالي الحالكة الظّلام على الدّوام. ودائمًا يحترق قلبي وينبض بشدّة ويرتجف من وهج عشقه. أوجّه النّاس إليه. أسير على الدّوام باتّجاهه وهو هدف حياتي. لكنّني لم أجلس قبالته وجهًا لوجه ودون حاجز أبدًا. وكأنّني أخاف أن أصاب بالعمى من شدّة نوره. أخشى أن أنمحي من جلاله. أخجل من أن أجلس في مقابله وفي قلبي وروحي أحدٌ سواه. أحبّه كثيرًا. إنّه ربّي. قِبلةُ مناجاتي. رفيق لياليَّ المظلمة. الوحيد الّذي لم يتركني في أي حال، وأنا أيضًا لم أترك ذكره في ضميري أبدًا. كل وجودي مغمور بعشقه ومحبّته، لكنّني أخاف منه، أخجل من حضوره، أتجنّبه على الدّوام، أناديه، أناجيه من خلف السّتار، أراسله، أدلّ الجميع إليه، أذرف الدّمع للقائه، لكن وعندما يأتي لملاقاتي، أنا من يتجنّب ذلك، أختفي، أغرق في صمت مميت. لا جرأة لديّ على ملاقاته. لست أجد في نفسي صفاء حضوره. هو حاضرٌ دائمًا لملاقاتي في كلّ حين وفي كلّ الظّروف. ولكنّني أنا من لا أرى نفسي لائقةً للقائه. أخجل من خوفي ووضاعتي، فأفرّ منه... صرت دخانًا 1976 كان شمعةً. انفصل عن دنياه، ودخل صرح وجود العالم. وقع في فخ عشق [بروانه] وأصبح أسيرًا، احترق وصار هباءً. لكنّه استفاق من النّوم، وكلّ شخص ذهب إلى شأنه. ذهب الجميع وتركوه وحيدًا، شمعة ملقاة بعيدًا. كنتُ شمعًا، صرتُ دمعًا، كنتُ عشقًا، صرتُ ماءً. كنتُ جمعًا، صرتُ روحًا. كنت قلبًا، صرت نورًا. كنت نارًا، صرت دخانًا. رسالة عشق إلى الإمام الصّدر 1976 ناريزح 30 أوصي من أحبّه فوق الحدّ، حبيبي، الإمام موسى الصّدر، إلى من أعرفه مَظهرًا لعليّ Q، وأعتبره وارثَ الحسين Q، الشخص الذي هو رمز الطّائفة الشّيعيّة في لبنان وفخرها، وحامل ألف وأربعمائة سنة من الألم، الغمّ، الحرمان، التّحدي، والإصرار وطلب الحقّ، وأخيرًا الشّهادة. أجل أضع وصيّتي للإمام. لقد تجهّزت للموت، وهذا أمر طبيعيّ، ولقد تعرّفت عليه منذ مدّة طويلة، ولكنّها المرّة الأولى الّتي أوصي فيها. إنّني سعيد لأنّني أصل إلى الشّهادة على مثل هذا الطّريق. سعيد لأنّني انقطعت عن العالم وما فيه. قد تركت كل شيء ووضعت كل الشّؤون تحت قدميّ. حطّمت القيد والأغلال وطلّقت الدّنيا وما فيها ثلاثًا، وها أنا ذاهب بصدرٍ رحب لاستقبال الشّهادة. لست آسفًا على قدومي إلى لبنان حيث عانيت فيه مشاكل عصيبة مدّة خمس أو ستّ سنوات. لست نادمًا على أنّني قد تركت أميركا، أنّني قد وضعت دنيا اللّذات والرّاحة وراء ظهري، أنّني نسيت دنيا العلم، وأنّني تخطّيت كل المباهج، وذكرى زوجتي العزيزة وأولادي الأحبّاء.تخطّيت تلك الدّنيا المادّية والمترفة، ودخلت دنيا الألم والحرمان، العذاب والانكسار، الشّكوى والفقر والوحدة. أصبحت رفيقَ المحرومين، وصِرْتُ عضوًا في جوقة المتألّمين والمنكسرين. تخطّيتُ عالم الظّالمين وأصحاب رؤوس الأموال، وولجت عالم المحرومين والمظلومين، وفي كلّ الأحوال لست نادمًا. أنت يا حبيبي، قد فتحت لي دنيا جديدة ليختبرَني الله العظيم بشكل أفضل. أنت أعطيتني المجال لأصبحَ فراشةً، لأحترقَ، لأبعثَ النّور، لأعشقَ، لأمكّنَ قدراتيَ الإنسانية الّتي لا نظير لها من الظّهور، لأطأ لبنان من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه وأبيّنَ للجميع القيم الإلهيّة، كي أعرّفَهم طريقًا جديدًا وقويًّا وإلهيًّا، لأصبحَ مظهرًا للعشق، كي أصير نورًا، كي أنفصلَ عن وجودي وأذوبَ في المجتمع، كي لا أعود أرى نفسي ولا أطلب ذاتي، كي لا أرى سوى المحبوب ولا أختار طريقًا سوى طريق العشق والتّضحية؛ كي أعرف الموت وأصادقه وأتحرّر من كل القيود والأغلال الماديّة. أنت يا محبوبي، رمز الطّائفة، وتحمل على كاهلك ألم وعذاب ألفٍ وأربعمائةِ سنةٍ، تتحمّل على الدّوام هجوم وتهمة وأذى وكراهية ألفٍ وأربعمائةِ سنةٍ، وتعاني من أحقاد الماضي والعداوات التّاريخية والحسد والأحقاد الّتي تحرق الكون. تقوم بالتّضحية، وتتغاضى عن كل ما يخصّك. تجعل من حياتك ووجودك فداءً للهدف ولوحدة النّاس، أما أعداؤك فيبادلونك على ذلك بالسّباب والخيانة.يوجّهون إليك تهمًا كاذبة، ويثيرون الجاهلين عليك. وأنت أيّها الإمام، لا تنحرف عن الحقّ للحظة، ولا تبادلهم بالمثل. وكما الجبل في مواجهة عواصف الحوادث، تحث الخطى آمنًا مطمئنًّا باتّجاه الحقيقة والكمال، لذلك أنت ممثّل عليّ Q ووارث الحسين Q. وأنا أفاخر بأنّني أقاتل في ركابك وأتذوّق شراب الشّهادة في طريقك المليء بالفخر. يا حبيبي، ألم تعرفني بعد! ذلك أنّ التّواري والحياء منعاني من أن أكشف لك عن نفسي، أو أسطّر كلامًا في العشق، أو أتحدّث عن حرقتي ولوعة داخلي. أمّا أنا، أنا الّذي أقدّم وصيتي، أنا الّذي أحبّك... لستُ شخصًا عاديًّا. أنا من أرباب العشق والعبادة، أنا ممثّل الحقّ، عنوان الفداء والسّماحة، التّواضع، الثّورة والقتال. البركان الّذي في داخلي يكفي لحرق أيّ دنيا. نار عشقي وصلت إلى حدّ أنّها قادرة على إذابة أيّ قلبٍ قاسٍ، تضحيتي وصلت إلى درجة قلّما وصل إليها أحد. لقد أصبحت مميّزًا بثلاث خصال: العشق: حيث يرشح العشق من كلامي ونظراتي، يديّ وحركاتي، حياتي ومماتي. إنّني أحترق بنار العشق، ولا أعرف هدفًا للحياة سوى العشق. لا أريد شيئًا في الحياة غير العشق، ولست حيًّا بغير العشق. الفقر: إذ إنّني حرّ من قيد كل شيء، ولست محتاجًا، ولو أرخصوا لي السّماء والأرض فلا يؤثر ذلك الوحدة: الّتي تصلني بالعرفان وتعرّفني بالحرمان. من هو محتاجٌ للعشق يحترق في دنيا الوحدة بالحرمان، ولا يستطيع أحدٌ غير الله أن يكون أنيس لياليه الموحشة، ولن يمسح دموعه إلا النّجوم، ولن يسمع مناجاته غير الجبال العالية، ولن يحسَّ بآهات الصّباح سوى ديك السّحَر. أنا من يبحث عن إنسان لينطويَ بين يديه أو ليعشقه، ولكنّه كلّما بحث أكثر، كلّما تضاءل وجود مثل هؤلاء. هذا الّذي يوصي ليس إنسانًا عاديًّا، لقد حاز أعلى المراتب العلميّة. ذاق برودة وحرارة الحياة. تعامل مع أجمل وأشدّ قصص الحب. قطف من ثمر شجرة لذّاتها. كان له نصيب من كلّ ما هو جميل ومحبّذ. ولكنّه في أوْج الاكتفاء والكمال، قد ترك كلّ شيء، وقبِلَ حياة الألم والدّموع والشّهادة من أجل هدف مقدّس. أجل، يا حبيبي، مثل هذا الشّخص يوصي إليك. وصيتي لا تتعلّق بالمال والمنال، لأنّك تعلم أنّني لا أملك شيئًا. كلّ ما لديّ يرجع إليك وإلى الحركة والمؤسّسة. ولم آخذ من كل ما قد وصل ليديّ شيئًا لحاجاتي الشّخصيّة، ولم أرد شيئًا غير حياة بسيطة. حتّى زوجتي، ولدي، أبي وأمّي كذلك لم يصلهم منّي شيء. وحيث إنّ وجودي بأكمله هو لك وللحركة، فمعلومٌ أنّ كلّ ما أملكه يرجع لك أيضًا. وصيّتي ليست حول القرض والدَّين، لستُ مديونًا لأحد، وفي الوقت الّذي قد أقرضت فيه الآخرين الكثير، فإنّني لم أُسِئْ إلى أحد. لم أستسيغ في حياتي سوى المحبّة، التّضحية، التّواضع، والاحترام، ومن هذه الجهة لست مديونًا لأحد. أجل، إنّ وصيّتي لا تتعلّق بهذه الأشياء. وصيّتي هي حول العشق والحياة والواجب. أحس أن شمس عمري قد وصلت إلى حافّة الأفول، ولم تعد لديّ فرصة لأوصيك. أوصيك في الوقت الّذي قد وضعت فيه روحي على كفّي، وأنتظر في كل لحظة أن أودّع هذه الدّنيا ولا أراك بعدها. إنّني أحبّك. وهذه المحبّة ليست لجهة الحاجة أو التّجارة. لست محتاجًا إلى أحد في هذه الدّنيا، وحتّى أنّني أحيانًا أحس بالاكتفاء والرّضا حتّى عن طلب الحاجة إلى الله العظيم أيضًا. ولا أطلب منه شيئًا. لا أحسّ بالاحتياج ولا أريد شيئاً[[[. لا أشتكي وليس لديّ أيّ أمنية. عشقي سببه أنّك لائق بالعشق والمحبّة، وأنا أجد عشقك جزءًا من عشق الله، وكما أعبد الله وأعشقه، أعشقك أنت ممثّله على الأرض أيضًا، وهذا العشق بالنّسبة لي طبيعيّ كما التّنفس. العشق هو هدف حياتي ومحرّكها. ولم أرَ شيئًا أجمل من العشق، ولم أرد شيئًا فوق العشق. 1. هذه حالة عرفانيّة تُعرف بالرّضا حيث ل يريد حتّ تحميل الرّبّ أمنيته وطلبه، فيض بكلّ مإنّه العشق الّذي يجبر روحي على الانطلاق ويوصل قلبي إلى درجة الغليان، يظهر قدراتي الخافية ويبعدني عن الأنانيّة والتّكبّر. إنّني أحسّ بعالم آخر، وأضمحلُّ في عالم الوجود. لديّ إحساس لطيف، قلب حسّاس، وعينٌ ترى الجمال في رجفة ورقة، نورِ نجمة بعيدة، حشرة صغيرة، في نسيم السّحَر اللّطيف، موجِ البحر، وغروبِ الشّمس. كلّ هذه الأشياء تأسر إحساسي وروحي، وتنقلني من هذا العالم إلى دنيا أخرى. وكلّها من تجليّات العشق. إنني أضحّي من أجل العشق. أنظر بلا مبالاة إلى الدّنيا وأبحث عن أبعادٍ أخرى من أجل العشق. أرى الدّنيا جميلة وأعبدُ الجمال من أجل العشق. ومن أجل العشق أحسُّ بالله وأعبده وأقدّم له حياتي ووجودي. أعلم أنّني في هذه الدّنيا قد أحببت أشخاصًا كثرًا وحتّى قد عشقتهم ولكنّني لم أحصل سوى على الإساءة جوابًا. إنهم يفسّرون العشق بالضّعف، وحسب تعبيرهم: قد تذاكوا واستغلوا المحبّة! لكن هؤلاء الجهّال، لا يعلمون أيّ نعمة عظيمة هي العشق والمحبّة، هم محرومون. لا يعلمون بأنّهم لم يدركوا أعظم بُعد للحياة. لا يعلمون بأنّ تذاكيهم ليسَ سوى إفلاس وسوء حظّ ومذلّة. وأنا أرى قدْري أكبر من أن أحرم أحدًا محبّتي، حتّى وإن لم يدركها، وأساء الاستفادة منها.