من مذكّرات إيران |• أمّاه ها إنّي أعود 1979 طابش 17 أمّاه[[[، حضرتِ عندما كنت أغادر مطار طهران، وخلال الوداع قلتِ لي: [مصطفى، أنا كبّرتك، ربّيتك بروحي ومهجتي، والآن وأنت تذهب، لا أريد منك شيئًا ولا أؤمِّل منك أمرًا، فقط أوصيك وصيّة واحدة وهي أن لا تنسى الله العظيم].
أمّاه، ها إنّني أعود إلى وطني العزيز بعد اثنين وعشرين عامًا، وأطمئنك بأنّني خلال هذه المدّة الطّويلة لم أنسَ الله حتى للحظة واحدة. كان عشقه قد امتزج مع ذرّات وجودي إلى حدّ أنّ لحظة 1. هذه الرّسالة كان الدّكتور شمران قد كتبها في اليوم الأوّل لوصوله إلى طهران موجّهًا الخطاب إلى أمّه الّتي لم تصلها الرّسالة قط.واحدة من حياتي لم تكن ممكنة بدون حضوره. إنّني سعيد يا أمّاه، ليس فقط لأنّني أعود إلى حضن الوطن بعد هذه الهجرة الطّويلة، بل لأنّ أكبر طواغيت العصر قد هُزم، وقد اجتُثّت جذور الظّلم والفساد، وهبّ نسيم الحرّيّة والاستقلال.بهشت زهراء - طهران[[[ إلى مزار الشّهداء [ولا تحسبنَّ الّذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا بل أحياء عند ربّهم يُرزقون][[[. ما هذا البستان المليء بالورود! هدايا أمّة بطلة إلى الرّبّ العظيم. إنّهم الأخيار اللاّئقون، ورود سلّة التّاريخ. ترى هل يمكن لأمّة أن تتحرّر وتستقلّ دون أن تضحّي بأفضل أعزّائها؟ثورة الأمل1357 نمهب 29 السّلام الحارّ والعميق من شيعة لبنان إلى شعب إيران البطل. إنّ انتصار أهل إيران المسلمين، الّذي لا نظير له في هزيمة الطّواغيت وإخضاع المستكبرين، عميق ومفاجئٌ إلى درجة أنّه قد أدهش العالم، وغيّر توازن القوى، وزلزلَ الأنظمة الفاسدة والظّالمة، وأهدى للمحرومين والمستضعفين في العالم البشرى والبركة والرّحمة. شيعة لبنان هم الّذين قد قُتِلوا لسنين طويلة، وظُلِموا من الدّاخل والخارج. قد عانوا الأمرّين تحت الاحتلال. وقد أوصلهم الظُّلم والفساد إلى يوم أسود. ومصيرهم المظلم والمبهم لا يداويه سوى معجزة سماويّة. وهذه المعجزة الكبيرة قد حدثت اليوم، وهي هذه الثّورة الإسلاميّة الإيرانيّة المقدّسة بقيادة أعلى مرجع للتّقليد لدى الشّيعة حضرة آية الله الخمينيّ. لدى شيعة لبنان ارتباط قلبي واشتراك مذهبي مع شعب إيران، ويمكن لهذا الشّعب الآن أن يتخلّص من المؤامرات الإسرائيليّة والأميركيّة واللّعَب السّياسيّة الدّوليّة القذرة، والنّكبات المتتالية إلى الأبد. بعد قرون طويلة من الذّل والجور والأسر، بعد تحمّل الأذى والعذابات، بعد مضيّ أيام الوحشة والظّلمة المؤلمة، أخيرًا نزلت الرّحمة والعناية الإلهيّة على لبنان والمحرومين الشّيعة خصوصًا، ووُهِبوا قائدًا حكيمًا وحنونًا وقديرًا هو السّيد موسى الصّدر الّذي استطاع خلال مدّة بسيطة 3ن يفعل الكثير، أن يمنحهم الفخر والعزّة والاحترام، أن يقطع أيادي سرطان الفساد والظّلم والقهر عنهم، أن يواجه القوى الّتي تريد بلبنان شرًّا بكلّ شجاعة، ويحارب كلّ الطّواغيت، أن يزرع مفهوم الجهاد ومفهوم الشّهادة العميق في عروق المؤمنين بالإسلام والحسين (ع). الأعداء لم يستطيعوا تحمّل وجود مثل هذا القائد، لذا فقد خُطف هذا الرّمز الكبير وسُجن. وقد مضت ستة أشهر على غرق مصيره في ظلام الحقد وظلمة المؤامرة. وقد أصبح شيعة لبنان أيتاماً. لقد فقدوا روحهم. إنّهم مكسورو الأفئدة، حزانى، يغلون من شدّة الغضب، يصرخون من شدّة الألم. ولكنّهم من أجل سلامة قائدهم يلجمون أحاسيسهم الثّائرة ويصبرون، يحترقون ويسكّنون قلوبهم الملتهبة بالدّمع. هؤلاء الشّيعة المظلومون وذوو القلوب المنكسرة قد نظروا بعين الأمل إلى إخوانهم الإيرانيّين المسلمين. ممثلو شيعة لبنان يطأون بقلوب مليئة بالحماسة وأرواحٍ مفعمة بالأمل كعبة آمالهم كي يتحسّسوا شُعَل هذا البركان المقدّس للثّورة الإسلاميّة بلحومهم وجلودهم أيضًا، ويتنفّسوا في الهواء الممتلئ فخرًا من جلال وعظمة الحكومة الإسلاميّة، ويشحذوا الهمّة من الأرواح المبارَكة لشهداء هذه الأرض الطّاهرة، وينقلوا لأهلهم شيعة لبنان نفحة من إيمان شعب هذه البلاد وتضحياته الخالصة ومحبّته الجيّاشة. قدرنا نحن شيعة لبنان مرتبط بقدركم أنتم شعبَ إيران العزيز. عندما تكونون أحرارًا وأقوياء ومنتصرين، ففي ذلك عزّ لنا، ونصركم هو أعظم أمنية قلبيّة وحياتيّة لشعب الشّيء الّذي يفسد الحياة )1979 راذآ- طابش( - 1357 دنفساإنّ الأمّة الّتي قد أسقطت أكبر الطّواغيت وهزمت أقوى الجّيوش قادرة على التّغلب على المشكلات الفرعيّة. وجود المشاكل ضروريّ لتكامل أيّ نهضة. إنّها تربّيها وتقوّيها. قضت سُنّة الله أن يكون صراع الحقّ مع الباطل أبدًا. وأنّ التّكامل يحصل من خلال المواجهة. يصبح النّاس خلال الصّعاب والمشاكل ناضجين ومتعلمين. وإنّ السّلام والرّاحة والرّخاء توجد الإهمال والتراجع. الغنى والاكتفاء والنّصر الدّائم يدعو إلى الفساد والطّغيان. .[[[]ىنغتسا هآر نأ ىغطيل ناسنلإا ّنإ[ لو نام شخص في سريرٍ من الحرير دائمًا، واحتضن طائر السّعادة على الدّوام، وانتصر دائمًا في كلّ المعارك، عندها ستذهب لذّة انتصاره وسعادته، وسيبقى عاطلاً عن التّكامل. 1. سورة العلق، الآيتان 6 و 7. 4إنّ خطّة أميركا هي إثارة الهرج والمرج، عدم الاستقرار والقتل والتّخريب، الحروب الدّاخلية وإرهاق النّاس، تقويض النّظام الإسلاميّ وتدمير قصر الأمنيات وتهيئة الأجواء لفتنة عسكريّة، وإيجاد حكومة عسكريّة من قبل ضابط شاب معارض للشّاه ولكنّه خادم لأميركا. تقولون حلِّوا الجيش وأنشِئوا جيشًا شعبيًا. أليس حرس الثّورة الّذي أُنشئ جيشًا شعبيًا؟ إنّ الحكومة بصدد إصلاح الجيش وحصر عمله في حراسة الحدود والأعمال التّخصّصيّة. إضافة إلى إيجاد جيش شعبيّ باسم حرس الثّورة، هذه اللّجان قد قامت وتقوم بهذه الأعمال في الوقت الحاضر إلى أن يسيطر الحرس على كل الأمكنة. بناءً على هذا، فعلامَ هذا الاختلاف؟ ما هي حجّة التّهجّم والخداع؟ تُرى هل نريد الاعتماد على حماية النّظام عبر الجيش النّظاميّ الموجود؟ أفهل نسينا ذكرى الثّامن والعشرين من مرداد؟ (91 آب، حرب أميركا لإرجاع الشّاه). إنّ بناء الجيش الوطنيّ أو حرس الثّورة، وحتّى اللّجان الموجودة ليس عملاً بسيطًا، يأخذ ذلك وقتًا، ويلزمه تنظيم وتربية أخلاقيّة ولياقة. إن كنتم تفكّرون في أنّ تحمل نفس هذه الأحزاب والتّنظيمات الموجودة السّلاح وتسمي نفسها حرس الثّورة، فأنتم تحيون ذكرى لبنان المرّة الأذهان حين حملت الأحزاب السّلاح، وزال القانون والجيش والشّرطة، وفي كلّ ليلة كانت تحصل حوادث السّرقة والقتل والاغتصاب، ولا تعلمون أيّ أعمال قبيحة تلك الّتي كانت تقع! وإذا كانوا قد اختاروا مثال لبنان ليقلّدوه، فذلك في غاية السّوء إذ إنه بعد سنتين من السّيطرة المسلّحة للأحزاب، تخلّى كلّ النّاس عنهم، وحتّى أنّهم أحيانًا كانوا يفضّلون العدوّ الخارجيّ «إسرائيل» على هذه الأحزاب. فهل تريدون من هذا المثل السيئ والمكشوف أن تقتديَ به الثّورة الإسلاميّة الإيرانيّة المقدّسة والطّاهرة؟ أيّ خطأ لا يغتفر هذا، وأيّ جريمة هذه؟! ألا يوجد اليوم عشرون ضابطًا من السّافاك؟ بلى يوجد، بل يوجد المئات. أليست جاهزة لتدفع عشرين مليون دولارًا لتوجد الفتنة؟ ألا توجد فِرَقٌ قذرة؟ بلى، وكثيرة هي، مجموعاتٌ ترفع شعارات ماركسيّة ولكن أميركا هي الّتي تحرّكها. إذن، لماذا لا يقومون بانقلاب؟ جواب ذلك، أنّ أرضيّة الانقلاب ليست موجودة؛ لأن النّاس لا يقبلون. لقد ثار النّاس، والنّاس لديهم كلمة موحدة. وبوجود الإمام الخمينيّ العظيم، مثالِ الإيمان والطّهارة والإخلاص والنّور والهداية، ليس هناك مجالٌ للانقلابيين. كم هم مثيرون للسّخرية أولئك الذين يهزّون وحدة شعب إيران بحجّة الدّفاع عن الثّورة الإسلاميّة والخوف من الانقلاب العسكريّ، ويلتفّون على أمر قائد الثّورة، ويهيّئون عمليًّا الأرضيّة الشّعبيّة للانقلاب طبق الخطّة الأميركيّة، مثل الثّامن والعشرين من مرداد، ويعتبرون أنفسهم ثوريّين أيضًا. الحقيقة هي أنّ هؤلاء ينزعجون من انتصار الثّورة الإسلاميّة ويرَون في انتصار الإسلام أعظم هزيمة لهم، ولا يريدون بأيّ وجه أن يستقرّ النّظام الإسلاميّ. وعلى هذا الأساس فهم يتستّرون تحت الأسماء المختلفة والشعارات الجميلة والثّوريّة كي يوجّهوا أكبر الضّربات لهذه الثّورة الإسلاميّة المقدّسة. على شعب إيران المسلم أن يعلم أن الماركسيّين هم ضدّ الإسلام، وأن انتصار أي نظام إسلاميّ يعني هزيمة نهائية للماركسيّة، وإذا جاء الماركسيّ ودافع عن الخمينيّ والثّورة الإسلاميّة، فهو إما يكذب أو إنّه لا يفهم؛ لأنّ الماركسيّة والإسلام إيديولوجيّتان متناقضتان. أسألكم: ما كان السّبب الأصليّ لانتصار الثّورة؟ الجواب هو توحّد النّاس ووحدة الكلمة. وأسألكم مَن هم الّذين يضربون اليوم توحّد النّاس ووحدة الكلمة؟ الشّعب يعلم بأنّ كلّ من خدش انصهار ووحدة شعب إيران فقد خان الثّورة الإيرانيّة. كلّ من التفّ على أمر الإمام الخمينيّ، قائد الثّورة الإيرانيّة الّذي لا مثيل له، فقد خان هذه الثّورة. أنت نفسك بعد ذلك حلّل واستنتج التّفاصيل. الثّوريّ ليس ذلك الّذي يحمل البندقيّة على كتفه ويلبس ثياب الفدائيّ ويحارب وقت السّلم، ويُخرج نفسه من دائرة الشّعب بالشّعارات المتطرّفة، ويحاول فرض عقائده على الآخرين بالشّعارات والدّعايات والقوّة. الثّوريّ هو ذلك الّذي لا يتظاهر بالثّوريّة وقت السّلم، ولكنّه يدهم البلاد الخطر يقف مقاتلاً العدوّ في مقدّمة صفوف الشّعب. الثّوريّ ليس من يأخذ حقّ الآخرين بالدّهاء والظّلم، ويجبر الّذين لم يكونوا قد أتوا للاستماع لكلامه على أن ينصتوا إلى حديثه لساعات عدّة، ويمنع أولئك الّذين يريد الشّعب سماع خطاباتهم. الثّوريّ ليس ذلك الّذي يقع أسير الغرور والأنانيّة، ولا يسمع كلام أحد. الثّوري هو ذلك الّذي يقبل كلام الحقّ بكلّ تواضع. الثّوريّ ليس ذلك الّذي يريد أن يفرض ثوريّته على الآخرين بالشّعارات المتطرّفة. الثّوريّ هو ذلك الّذي يعمل دون مزايدات، ولا يحتاج إلى شهادات إعلاميّة من أحد.سقط الطّاغية 1358 دادرخفي مواجهة تاريخ من تشويه السّمعة والاتهام، عالمٍ من الظّلم والجور، سماءٍ من الغمّ والهمّ، دنيا من التعاسة والتّشريد، في قبال طوفان من ظلمة الكفر والجهل، وسط عاصفة هوجاء من المصائب والأزمات، أمسك شيعة الحسين Q بأسلحة الشّهادة، ونهضوا في مواجهة كلّ الدّنيا الّتي كانت قد اصطفّت ضدّهم، بقدرة الإيمان والفداء. وعندما كان مطر الاتهام والافتراء يهطل، وأمواج الأزمات والبؤس تتدافع، وكانت وحوش الهزيمة قد فتحت فمها كي تبتلع هؤلاء الّذين يعيشون أيّامًا سوداء، قرّر شيعة الحسين أن يرجّحوا الموت بشرف على العيش الذّليل، وصمّموا على أن يحملوا على أكتافهم رسالة محمّد P وعليّ Q ويسرعوا لاستقبال الشّهادة مثل الحسين Q. أرادوا أن يغسلوا بدمائهم تاريخ الماضي الأسود والمزهق للأرواح، ويمحوا بقعة الذّلّة والوضاعة عن ثوب الشّيعة. لقد انتشرت راية الرّسالة، ارتفعت كلمة الحقّ بصخب شديد من صدور أفراد الشّعب الملتهبة وزلزلت أركان قصر الظّلم والجور.«باوه» التّحدّي العظيم 1979 بآ 17 - 1358 دادرم 26 رسالة الدّكتور شمران إلى شعب إيران[[[ بسم الله الرّحمن الرّحيم يا شعب إيران الشّريف والبطل، باسم كلّ الشّهداء الدّامية أكفانهم في [باوه]، باسم المجروحين وباسم كلّ الجنود المضحّين، أشكركم يا أبناء الوطن الأعزّاء من صميم قلبي على كل هذه الأحاسيس الطّاهرة وكلّ هذه العظمة وكلّ هذا الشّعور بالمسؤوليّة. لم أكن أظنّ أبدًا أن أبقى حيًّا وتصل صرخة استغاثتي مع هذا الشّكر القلبيّ إليكم. وسط طلقات الرّصاص، وسط طاحونة الأعداء، لم يكن لديّ ولو للحظة واحدة أملٌ بالبقاء على قيد الحياة، وقد صمّمت بشكل قطعيّ على أن أذهب لاستقبال الشّهادة بكل افتخار، وأبيّن للدّنيا كيف يخاطر مجنّدو الإسلام بأنفسهم في ساحة الموت والحياة، وكيف يواجهون الموت. كنت أتنقّل من معركة مرعبة إلى أختها، وأركض مسرعًا من ساحة موجعة إلى أخرى، وكنت أسعى، بالتوكّل 1. هذه رسالة كان قد وجّهها الدّكتور شمران [قائد تحرير باوه] إلى الشّعب الإيرانيّ في أوج حرب «مدينة باوه» وبعد هزيمة أعداء الثّورة 7المطلق على الله وقبول ما قد قدّره لنا، أن أثبّت القوات المؤمنة بالثّورة وأمنع تشتّتها، أن أعطيَ الأمل لأصدقائي اليائسين والمنكسري القلب، أذكرهم بالرّسالة الإسلاميّة المقدّسة، وأبلغهم قراري القطعيّ باستقبال الشّهادة بكلّ شجاعة. أصعب لحظات حياتي كانت اللّحظات الّتي كان فيها صديقي المقاتل، الّذي كان واقفًا إلى جانبي، يقع أمامي على التّراب فجأة مقطّعًا ودون روح، وكأنّه لم يكن حيًّا من قبل. وأوجع لحظة كانت عندما كان أفراد الحرس الثّوريّ وأصدقائي الأكراد يصرخون وقد انقلب حالهم، وقد أخذوا يضربون أنفسهم بكل جدار كالمجانين، وأنا كان عليَّ، في حين كنت أغلي وأصرخ في داخلي، أن أصدر بكل صرامة أمرًا بأن يجمعوا القتلى، وحتى أن أصفع أقرب أصدقائي الّذين انقلب حاله، وأجبرهم بالقوّة على العمل والمواجهة. وأكثر لحظات عمري ألمًا كانت عندما أُوصدت كل أبواب الأمل، وطلب عدد من الحرس الرّجوع، وكان الأكراد المؤمنون بالثّورة ينظرون إليّ نظرة مؤلمة ومؤثّرة متسائلة: كيف تريد أن تتركنا في بحر الموت والإبادة وتذهب؟ عندها قلت لهم بصوتٍ قاطع: كلاّ، يا أصدقائي، لقد أخذت قرارًا قطعيًا بأن أستشهد معكم. أنا لن أعود، ولن أترككم وحدكم. فقط كونوا مطمئنين إلى أنّ الشّهادة هي طريق الله الممزوجة بالفخر والباعثة على اللّذّة. لكن معجزةً حدثت، بشكل حاسم وصاعق لم يكن قابلاً للتّصوّر من قِبَل أحد، تمامًا مثلما حدثت مثل هذه المعجزة العجيبة قبل أشهر، وجعلت الثّورة الإيرانيّة المليئة بالفخر تنتصر؛ صدر أمر الإمام، واهتزّت الجبال، السّهول والوديان. كان الحرس المضحّون يطلقون نداء [الله أكبر] بكلّ حماسة، والأرض والسّماء كانتا تجيبان: [لبّيك]. ما هذه المعجزة الّتي تحدث من قِبَل رجال الله. أطال الله العظيم عمر هذا القائد الجليل للثّورة الإسلاميّة الإيرانيّة. هربت قوات العدو في كل الجهات، واكتسب المؤمنون بالثّورة قوّة وقدرة إلى حدّ أنّهم مضوا قدمًا، وأخضعوا التّلّة الّتي تقع فوق مركز الشّرطة والّتي كانت بيد العدوّ بهجومٍ شجاع وبشهيد واحد فقط، وكذلك طهّروا طريق منطقة [نوسود] الواسعة والخطرة بهجوم قويّ، وقدّموا شهيدًا واحدًا فقط، وسيطروا على المشفى الحربيّ المشهور أيضًا دون أيّة خسائر، وامتلكوا روحيّة وقوّة كبيرة إلى حدّ أنّهم كانوا يستطيعون أن يجتثّوا كلّ عدوّ مهما كان قويّ الشّكيمة. وبعد ذلك وصلت القوّات المساعدة بحماسة ونشاط فائقي الوصف. كانت الطّائرات المروحية تأتي باستمرار وتُنزل قوات جديدة وتنقل الشّهداء والجرحى. حقًا إنّ اللّيلة الماضية الّتي كانت ليلة الشّهادة، ليلة اليأس، ليلة الانكسار والسّقوط، تغيّرت بأمر الإمام بحيث أصبحت اللّيلة التّالية ليلة الهدوء، ليلة الأمل وليلة الانتصار. من كان يستطيع أن يُحدث مثل هذه المعجزة فيخلق من ليلة ونقطة مظلمة مثل هذا التّحوّل الّذي كوّن بداية التّحرك والمضيّ قدمًا باتّجاه الثّورة الإسلاميّة الحقّة! أستطيع أن أقول بجرأة، إنّني، في أيّام المصيبة المتعدّدة الوجوه هذه، لم أذرف حتّى قطرة دمع واحدة، وفي مواجهة أصعب الفواجع الّتي تقلّب حال القلب، مع أنّني كنت أبكي في داخلي، ولكنّني كنت أحافظ بشدّة على قوّتي في الظّاهر، وأحتبسُ كلّ الآلام والعذابات والأحزان في ضميري النّقيّ، إلى اللّحظة الّتي وقفت فيها مقابل صورة الإمام في مقرّ القيادة، فجأة انهمر سيل الدّمع، وهدأت كلّ المشاكل والضّغوط والأحزان دفعةً واحدةً، وكنت أحسُّ جيّدًا أنّ قدرة روحيّة عظيمة داخل رجل التّاريخ فقط قادرة على إحداث مثل هذه المعجزة. وآمل أن يعرف شعبنا قيمة قائده الثّوريّ العظيم، وأن يواجه بثقة كل مؤامرات أعداء الإسلام وإيران تحت قيادته. أنا مطمئن إلى أنّ شعبنا كذلك قادرٌ، بمثل روحيّة الإيمان والفداء هذه، وكلّ هذا الوعي والإحساس بالمسؤوليّة، على أن يحلّ كلّ المشاكل، ويوصل بفخر هذه الرّسالة العظيمة والمقدّسة الّتي وضعها .[[[دوشنملا فدهلا ىلإ ،هتدهع يف ميظعلا هللا1. للاطلاع عل تفاصيل هذه الأحداث يمكنكم الرّجوع إلى كتاب الشّهيد شمران «كردست솑Й