Part 2

355 19 3
                                    

في السيارة .

_عبير: حنيين وحشتييني قوووي ، بتشاوري لمين يابنت ؟!
_ده واحد اتعرفت عليه في القطار ، مارضيش يسيبني لحد لما تيجوا .
_عبير ضاحكة : أنتي لسه ما اتغيرتيش ، لازم كل مكان تروحيه حتي لو دقايق تسيبي بصمتك.

_ضحكت حنين قائله بغرور: مش اي حد ي بنتي . تصدقي إنه طلع مصري كمان ، رغم إن ملامحه مش مصريه قوي.
_ هنا هتلاقي كل الجنسيات والأشكال متركزيش ... المهم ، قوليلي عمو ومصر والناس هناك عاملين ايه ؟؟؟
إجابتها "حنين " وهي تنظر من نافذه السيارة :
_ عمو كويس بس قلقان عليه قوي ، تعبني جدًا عشان يوافق علي السفرية دي .
_خالد زوج عبير: معلش اعذريه يا حنين هو خايف عليكي ، خصوصًا بعد ظروف الفترة الأخيرة .
_عندك حق، فكرتوني ، انا نسيت خالص اكلمه واطمنه أني وصلت .
ظل يوسف جالسا يحدق في مكانها الذي تركته مسرعه وكوب قهوتها الذي لم يلبث بين أصابعها طويلًا ، ولم تشرب منه سوي القليل. جدًا .. فقد شهيته فجأة ، ترك كل شئ مكانه ، وخرج.

ما ان ركبي سيارته حتي أتاه اتصال من "صوفيا" ، صديقته الكندية ، نظر للهاتف بضجر وألقي به علي كرسي السيارة المجاور له ، ولم يعر لرناته المتواصلة انتباهًا ؛ فهي تعلم بموعد وصوله ، ولم تهتم ان تكون في انتظاره .
_ حنين دي أوضتك حبيبتي ، فيها كل اللي ممكن تحتاجيه ، انا رتبتها علي زوقك يارب تعجبك، ولو احتجتي اي حاجه انا تحت خُدي راحتك، نورتيني حبيبتي.
احتضنت حنين صديقتها بشده ، قائله: انا بحبك قووي يا عبير ، الحمد لله انك هنا.

لم تكن عبير مجرد صديقه عادية بالنسبة لحنين . فهي تكبرها بخمس سنوات ، وكانت دائما في مكانة الأم والأخت الكبري التي لم تحظَ بهما في حياتها ، ظلت هكذا حتي تزوجت عبير وهاجرت مع زوجها خالد الي كندا ، تتذكر كم كانت تكنّ لخالد بعض مشاعر الغضب بداخلها ؛ فهو سيأخذ صديقتها بعيدًا عنها ، لم تصرّح بذلك ابدًا لعبير ، ولكنه استطاع بحُسن خلقه وتعامله معها كأخ اكبر لها ان يذيب ما في قلبها من ناحيته ، بل بالعكس استطاع ان يكون اضافة صديق جديد في حياتها تثق به كثيرًا.

خرجت عبير من الغرفة وأغلقت الباب وراءها ، نظرت حنين حولها بسعادة يشوبها بعض الشرود، الغرفة نظيفه ومنقمه ، مصممة علي الطراز القديم الذي تحبه ، مدفأة في الركن الجانبي للغرفة ، اشتعلت فيها شعلة من النيران ، ليعم الغرفة دفء محبب افتقدته في الخارج كثيرًا . أمام المدفأه كرسي خشبي هزاز ، وطاولة صغيرة وهي تخلع عنها شالها وكوفيتها ، لتضعهما جانبًا ، وهي تنظر صوب الكرسي والطاولة ، قالت محدثة نفسها :
_جميل جدًا ، كده اقدر ارسم واكتب براحتي ، اتجهت نحو النافذة، أزاحت الستارة بهدوء ، ونظرت لتري الثلج الهش الذي يتساقط علي الطرقات ، وقالت بتوسل وهي تغمض عينيها : يارب خليك معايا.

لأنها استثناء،حيث تعيش القصص. اكتشف الآن