5

165 13 0
                                    

وأراد أن يسألها لماذا ، إلا أنه لحظ وجهها وصمت .  

كانت " ميريام "قد فقدت والدها في " أوشفيتز" قبل ذلك بثماني سنوات .

وقبل ذلك ، حين دهموا المنزل الذي كانت تعيش فيه مع زوجها ، ولم يكن عند ذاك فيه ، التجأت إلى جيران كانوا يسكنون فوق منزلها. 

ولم يجد الجنود الألمان أحداً ، الا انهم في طريق نزولهم على السلم صادفوا أخاها الصغير قادما إليها ، كان عمره عشر سنوات ، وقد جاء آنذاك ليخبرها - أغلب الظن - أن والها قد سيق إلى المعتقل وأنه الآن صار وحده . 

إلا أنه حين رأى الجنود الألمان استدار وأخذ يعدو هاربا . 

وقد استطاعت أن ترى ذلك عبر تلك الكوة الضيقة التي تتيحها المسافه الصغيرة المتروكة بين  مجموعة السلالم ومن هناك شهدت كيف أطلق عليه الرصاص . 

وحين عاد " إيفرات كوشن" مع ميريام إلى نزل المهاجرين كانت " ميريام" قد قررت العودة إلى إيطاليا . 

ولكنها لم تفلح طوال تلك الليلة ، ولا في الأيام القليلة التي أعقبت ذلك اليوم ، في إقناع زوجها بذلك ، وكانت دائما تخسر النقاش بسرعة ، ولا تستطيع إيجاد الكلمات التي تعبر عن رأيها ، وتشرح  حقيقة دوافعها . 

ألا أن الأمور عادت فتغيرت بعد ذلك بأسبوع واحد ، فقد عاد زوجها من زيارة لمكتب الوكالة اليهودية في حيفا بخبرين مفرحين: لقد أعطي بيتا في حيفا نفسها، وأعطي مع البيت طفلا عمره خمسة شهور !
مساء يوم الخميس ، 22نيسان ١٩٤٨ ، سمعت " تورا زونشتاين " المرأة التي كانت تسكن مع ابنها الصغير بعد أن طلقها زوجها ، في الطابق الثالث ، بالضبط فوق بيت " سعيد.س" ، صوت بكاء طفل واهن منطلق من الطابق الثاني .  

ورغم أنها لم تصدق في بادئ الأمر ما ذهبت إليه أفكارها ، الا أنها تحركت من مكانها بعد أن استطال البكاء الواهن ، ونزلت إلى الطابق الثاني وأخذت تقرع الباب .

 واخيرا اضطرت إلى تحطيم الباب، وكان الطفل في سريره منهكا تماما
فحملته إلى بيتها . 

كانت تورا تحسب أن الأمور ستعود إلى ما كانت عليه بعد فترة وجيزة . 

إلا أن ذلك الحسبان ما لبث أن سقط بعد يومين اثنين ، حين اكتشفت أن الأمر يختلف تماما عما كانت تحسب .

ولم يكن من المعقول الاستمرار بالاحتفاظ بالصبي، فحملته إلى الوكالة اليهودية في حيفا وهي تتصور أن شيئا ما  يمكن أن يقام به لحل تلك المشكلة . 

وهكذا فقد كان من حظ " ايفرات كوشين" أن جاء بعد ذلك بفترة وجيزة إلى  مكتب الوكالة اليهودية ، وحين تبين المسؤولون هناك من أوراقه انه لم  ينجب أولادا ، عرضوا عليه بيتا في حيفا نفسها ، كامتياز خاص ، إن هو قبل بتبني الطفل .

عائد الى حيفاحيث تعيش القصص. اكتشف الآن