حسنا، لدي اكثر من حلم وبعضها احلام سخيفة، استطيع تحقيق جميع احلامي اذا حققت حلم واحد وهو الاهم.
ذلك الحلم، يطمح له كل شخص بالعالم على مدار ملايين السنين، كل بشري، كل حيوان، كل الكائنات الحية تطمح لهذا الشيء.
انه شيء صعب تحقيقه.عندما اعود من المدرسة في الساعة الواحدة ظهراً، من الطبيعي ان اكون مرهقا، فأذهب للاستلقاء قليلا، ربما احاول النوم ولكن اتذكر اني لا اقدر على النوم في الصباح، احاول ان ارتاح بدلا من النوم، ولكن بعد استلقائي في دقائق يرجع اخوتي المزعجين من مدارسهم، يدخلون الغرفة كل دقيقتين ليأخذوا شيئا تافها، لا استطيع منعهم لانها ليست غرفتي لوحدي، احاول ان احظى ببعض الهدوء ولكن اجد والدي الغاضب فوق رأسي، اعرف لماذا هو هنا، واعرف ان وجوده سيسبب لي المتاعب، حسنا انه يريدني ان اذهب الى بيت جدتي لتنظيف تلك الحديقة المقرفة بعدما قام بتوسيخها بعض احفاد جدتي الحقراء، اولئك المغتربين الذين يأتون مرة سنويا، يأتون يتركون اوساخهم في تلك الحديقة لانظفها في ثاني يوم.
مهما جادلت والدي لا استطيع ان افر من هذا التنظيف، انها مجرد حلقة لا نهاية لها لأني بالنهاية سوف اقوم بذلك التنظيف اللعين.
منزل جدتي يقع تحت منزلنا في بضع طوابق قليلة، انه مجرد درج انزله واصعده يوميا، تبا هذا حقا متعب، انزل الى جدتي ويدور هذا الحوار:
- انا: جدتي، قال لي ابي انك تحتاجيني !
- جدتي: نعم يا 0 اريد منك سكب بعض الماء في الحديقة لتنظيفها.
- لما لم تجعلي ابن عمي او اي احد آخر يقوم بهذا العمل فأنا متعب اليوم !
- وما الذي يتعبك في هذا العمر؟ انك غير متعب ولكن تريد ان تتهرب، توقف عن الشكوى والا اخبرت عنك والدك.حسنا ما باليد حيلة، رغم اني متعب جسديا ونفسيا الا انني مضطر لاغلاق فمي والذهاب للتنظيف ودموعي تكاد تنزل.
لما لا اخبر والدي اني متعب؟
في الحقيقة جربت هذا من قبل ولكن جوابه دائما يكون كالآتي :"ما الذي يتعبك في هذا العمر؟ ما انت الا شاب تتهرب، اذا لم ترد القيام بالعمل فقط قل هذا".
- حسنا انا لا اريد القيام بالعمل ماذا اذن؟
- انك حقا ولد عاق وحقير، وكأني اطلب منك الذهاب الى الحرب او غيره، لم اطلب سوى ان تهتم ببعض الأعمال لجدتك العاجزة، حسنا ساذهب انا.
- ولكني يا ابي حقا متعب، لا يوجد سبب كي اكذب او اتهرب من العمل، فقط دع اخي الكبير يقوم بهذا العمل بدل قضاء وقته في اللعب والنوم.
- اخرس.
- حسنا ساذهب انا للتنظيف فقط لا تغضب.ابدأ التنظيف في تلك الحديقة، انا حقا اكره هذا الوقت، اسكب الماء كالعادة وأبدأ في تنظيفها، أجد احد اولاد عمي الثاني يرمون قاذورات من الشرفة اثناء تنظيفي، في تلك اللحظة شعرت بأكبر اهانة في حياتي، لم اتمالك نفسي، كسرت المكنسة وزجاج الباب في نفس اللحظة، صرخت بشتيمة على الذي رمى ذلك الغلاف، انه غلاف علبة بسكويت، سمعتني جدتي فخرجت للحديقة مستغربة من زجاج الباب المكسور والمكنسة، حقا ان هذا يهمها اكثر من صراخي وما يحصل، سألتني ماذا حصل، فقلت لها: "اخبري ابنك المتعالي ان يقوم بتربية اولاده او اقوم بتربيته وتربية اولاده"، انها حقا كلمات جريئة، سيطر علي غضبي في تلك اللحظة، كانت لحظة نزول دموعي أمام شخص آخر لاني احسست نفسي بلا كرامة او قيمة، ادركت يومها انه يتم التعامل معي على اني مجرد رجل آلي مجرد من المشاعر، اردت ترك كل شيء في ذلك اليوم والذهاب في رحلة بلا عودة، ربما الى مدينة اخرى، او دولة اخرى.
لحظة،
هذه الذكريات !
صحيح انها ذكرياتي اثناء محاولة هروبي من البيت قبل بضع سنوات.
ذلك اليوم الذي خرجت فيه من البيت دون تخطيط الى وجهتي، كنت صغيرا احمقا، لقد كانت السنة الاولى في المتوسط، ذهبت وعلى ظهري حقيبة فيها ما يقارب المائة دولار وبعض الملابس، المائة دولار كانت محفوظة في حصالتي وحصالة اخي الكبير، حسنا لقد سرقتهم دون علم احد، استمررت بالمشي على قدمي لمسافة الكيلومترين. اذكر اني خرجت في وقت الغروب. وصلت موقف الحافلات فإذ بي اجد احد سائقي الحافلات يقول لي هل ستصعد؟ ان وجهتنا هي المنطقة الفلانية.
حقا لقد وافقت بدون تفكير، تلك المنطقة يقع فيها بيت جدي الاخر، انهم الاجداد الذين احببتهم عكس جدتي التي تعاملني كرجل آلي، كنت ابكي في تلك الحافلة المتوجهة الى بيت جدي، لا اعرف لماذا بكيت. لقد شعرت في وحدة وظلام قامع في قلبي، كانت اول مرة اركب حافلة لوحدي، انا خائف، متوتر، ليس معي احد، مجرد طفل يبتعد عن منزل والديه، اخرجت نقودي في خوف واعطيتها للسائق ولا اعرف كم سيبقى لي باقي او ان كان سيعيد لي حتى، تفاجأت انه اعاد نصف المبلغ الذي اعطيته اياه، لقد علمت الان تكلفة ركوب الحافلة.وصلت الى الحي الذي يقطن فيه أجدادي، ذهبت الى بقالة واشتريت بطاقة لتعبئة رصيدي، لا اراديا ادركت انه يجب علي الاتصال بوالدي، فتحت هاتفي الذي اقفلته حتى لا يزعجني احد، فوجدت تسعة عشر مكالمة فائتة من والدي وامي، بدأت تنهمر دموعي واتصلت على والدي، فسمعت ذلك الصوت الخافت المليء بالخوف: "مرحبا ! بني ! اين انت؟ ماذا حصل معك؟"
بالنسبة لي في تلك اللحظة احسست بالامان، واحسست بالخوف لاني سمعت ذلك الصوت الخائف الصادر من والدي، تمالكت نفسي وتوقفت عن البكاء وقلت له في وجه مشرق: "لا تقلق يا ابي، لقد ذهبت في رحلة بسيطة الى بيت جدتي، هل يمكنك المرور غدا لتأخذني؟"شتمني ابي في ذلك الوقت وقال لي اني اتعبتهم في البحث عني لساعات.
دخلت بيت جدي بعد اقفال الهاتف، تفاجأت جدتي بقدومي دون اعلامها مسبقا، انه ليس من عادتي ان اذهب اليهم دون أخبارهم اني آتي، اتصلت امي بهم في نفس وقت دخولي البيت، بعد دقائق رأيت الجميع ينظر الي باستغراب، يحاولون كتم ضحكتهم عندما اكتشفوا اني هربت !
امي تتوعد لي على الهاتف تريد ضربي عندما اعود للمنزل.
خالتي تضحك علي وتقول لي احد احلام طفولتي الهرب من المنزل ولكن لم اكن بهذا الغباء.في اليوم التالي جاء ابي ليأخذني.
من الواضح انه غاضب، ركبت السيارة في المقعد الخلفي لان اخي كان في المقعد الجانبي، سلمت على ابي مع ابتسامة خفيفة مني، احسست بهالة غضب وقتها !! لا الومه.عدت الى البيت وكان ابي زعلان مني ليومين وامي قامت بشد اذني كما وعدت واصبحت اضحوكة في العائلة وانتشر الخبر بين اعمامي وخالاتي.
حسنا انه الواقع بعد كل شيء.
لم ارد شيء سوى ان احظى ببعض الحرية.
أنت تقرأ
حلم غير مكتمل
Historia Corta- هي قصة شخص ضائع وحلمه. - الشخصية الرئيسية الرقم 0 في القصة. - القصة من وحي الخيال. - القصة تتكلم عن حياته منذ طفولته حتى موته. - قصة روتينية قصيرة مملة.