"جمال البدايات"١

37 3 5
                                    

بعد يوم واحد
فبراير ٢٠٢٠
هو:

عبرت تلك السلالم التي ظننت لوهله أنها لن تنتهي، نبضات قلبي تتسارع مع كل درجة اعبرها ،الادرنالين يرتفع بدمي ليصيبني بالجنون :
"أنت أقوى من هذا" .

حدثني عقلي غير أنتي لم أصغِ اليهِ، دفعت الباب لأدخل الى تلك الغرفة المرقمة ب٥١٢ حيث وجدت اشعة الشمس تنيرها ،بينما أراها هي راقدة على فراش المشفى ساكنة امامي.

قبل عدة شهور :

لم يمر على وصولي الى ماستاتشوسس سوى ثلاث أيام، ستة سنوات تفصلني عن آخر مرة وطأت قدماي أرض هذا المكان ، جلست مقابلاً للنافذة في مقهى ستاربكس الذي أعتدت القدوم اليهِ في مثل هذهِ الايام الباردة ..أحتضنت أصابعي كوب القهوة الذي كان موضوعاً امامي ..والتي أن كتت صادقاً مع نفسي لم أحبذها يوماً ..لكنني رغم ذلك أحتسي الآن مرارتها، فللبرد مردودٌ سيءٌ على من تعود جسدهُ على أشعة الشمس الحارقة في بغداد.

قد تمر امامي الان صوراً كثيرة حاولت نسيانها مع الوقت الذي مر صعبا وثقيلا في بادئ الامر..غير أن الروتين الرتيب الذي تسير بهِ حياتي ..ومع دخولي عقدي الثالث يمر كمهب الريح في سرعتهِ

" بما أنت منشغلٌ هكذا؟"

سألتني مبتسمة بفضول بينما تحدق بوجهي..ذات الملامح للفتاة التي كانت قد دخلت منذ شهرين في الحادية والعشرين من عمرها..عيناها البنية المحدقة بوجهي بتمعن وهي تتفحصني..تلك الحدقتين الكبيرتين ..وذلك الوجه البيضوي ذا الملامح التي تشع بالأنوثة مع شعرها القصير البني الذي يحاوط ذلك الوجه الذي حفظت كل مليم بهِ ..ذلك الوجه الذي نضح بتلك الروح المفعمة بالحياة والتي لا تكبر مهما حدث :

"أفكر بكِ وحدكِ" أجبتها بهدوءٍ وابتسامةٍ لا تعكس ما يراودني من أشتياقٍ لها :

"عليك التوقف عن ذلك، فانا ما عدت هنا ولا هناك" تحدثت بنبرة لطيفة وهي تشير بسبابتها نحو صدري :

" لم تخرجي من هذا المكان ابداً..بل أنكِ حتى لم تصلي الى عتبة بابهِ الذي أُقفل عليكِ من ستة سنوات "

أجبتها بابتسامة رضا محدقا بوجهها الذي غابت عنه ابتسامته التي أعشقها:

" لكنك تركتني خلفتك ورحلت" عاتبتني بنبرةٍ متألمة ولتتحول بعدها ملامحها الى الاقتضاب

" وها أنا الاخرى ارحل عنك الآن" اردفت هامسة بينما تختفي صورتها كالدخان من امامي.
*****

تركت ذلك المكان خوفاً من أن تعاود صورتها للظهور من حولي مرةً اخرى،وأن يراني الناس أهذي بأسمها..فيظنون أنني قد فقدت عقلي.

أدخلت يداي في جيوب معطفي الثقيل لأحتمي من برودة أوكتوبر التي تقتل.

قادتني قدماي الى تلك الحديقة التي أعتدت الجلوس بها معها..وهذه المرة لم تظهر صورتها امامي كما حدث ..بل أنني أغمضت عيناي لأعود بذاكرتي أليها.
*****
نوفمبر ٢٠١٢

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Jul 29, 2020 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

روزالـيحيث تعيش القصص. اكتشف الآن