الحلقة الخامسة
وصل ياسر إلى الفيلا ليجد والدته بإنتظاره فتقدم قائلاً بمرح :
- اية يا رورو قاعدة زعلانة كدا لية
تحدثت انتصار بلهجة تدل على الحزن مشيرة بإصبعها قائلة :
- بقى كدا يا ياسر مش عايز تحضر حفلة عيد ميلاد اختك ؟
رجع ياسر بظهره للخلف ووضع يديه على رأسه قائلاً بإبتسامة :
- والله كنت حاسس ، يعنى انتى يا ماما جيبانى من الشغل علشان تقوليلى مش هتحضر حفلة اختك لية ؟
اجابته والدته بصرامة :
- ايوة يا ياسر دى اختك الوحيدة بردو ولازم تبقى معاها فى يوم زى ده
ضحك ياسر وخبط بيده على يده الاخرى قائلاً :
- هو عيد ميلاد ولا جواز يا ماما !! انا مش هحضر علشان اللى بنتك بتلبسه ده ، انتى شوفتى الفستان اللى هى عايزة تلبسه !! شيرى من ساعة ما دخلت الكلية وهى بتعمل اللى هى عيزاه ومحدش بيعترض واتدلعت زيادة عن اللزوم ، انا مسمحش لأختى تلبس كدا
قاطعته انتصار قائلة :
- بس ابوك مش معترض وانا مش معترضة ، اختك حرة تعمل اللى هى عيزاه ، دى صغيرة
ارتسمت ابتسامة ساخرة على وجهه قائلاً :
- ما دى المشكلة ، ان بابا وانتى مساعدينها على كدا وده اكبر غلط ، انا بقيت بمشى جنبها مكسوف من نظرات الناس ، اية يعنى اننا من الطبقة الغنية !! ده يسمحلنا نعمل اللى احنا عايزينه ؟ بنتك بتلبس لبس مبين معظم جسمها ، انا بشوف كلام الناس من عنيهم وهم بيقولوا اخوها ده مش راجل ، انا مقولتش انها تتحجب بس تحترم لبسها
نطقت والدته بحزن محاولة استعطافه :
- يعنى لسة عند رأيك انك مش هتحضر عيد ميلادها !!
وقف ياسر مستعدا للرحيل قائلاً :
- لا يا ماما ، مش هحضر حفلة كله بيبص على جسم اختى فيها
***
ظلت تراودها احلام كثيرة حتى استيقظت على صوت تعرفه جيداً بجوارها
- حنين !! حنين ؟
فتحت حنين عينيها لتجد خالد يجلس امامها على السرير وعيناه متعلقة بقلق عليها فوضعت حنين يدها على رأسها قائلة :
- انا نمت قد اية ؟
نظر خالد الى ساعته ثم عاود النظر إليها مرة اخرى قائلاً :
- ساعتين تقريباً
انتبهت حنين له بقلق ثم اردفت بخوف :
- انت قومت كدا ازاى ، ارجع نام واستريح ، القعدة دى غلط على الجرح
ابتسم خالد وحرك رأسه بالرفض قائلاً :
- لا انا كويس ، المهم انا فرحان انك مهتمة كدا بيا .. مش هنسى وقوفك ده جنبى
حركت رأسها حركة تلقائية قائلة :
- انا !! انا اللى المفروض اشكرك .. انت انقذت حياتى مرتين وعرضت حياتك للخطر بسببى ، دى اقل حاجة ممكن اعملها
ابتسم خالد وحاول الوقوف لكنه تألم كثيرا مما جعل حنين تقف وتتحرك تجاهه محاولة إعادته لمكانه قائلة :
- لا متتحركش ، ارجع اسند كدا واستريح
- حاضر
أعادته حنين إلى موضعه ثم جلست على الكرسى مرة اخرى وترددت كثيرا قبل سؤاله هذا السؤال الذى لم يغادر رأسها ولكن استقرت فى النهاية على سؤاله
- انت مين !!
انتبه خالد لها بتعجب قائلاً :
- نعم !!
أعادت السؤال مرة اخرى :
- انت مين !! انت غامض اوى .. فين اهلك ! فين صحابك ! فين عيلتك ، انت بجد مين ، انا حاسة انى بتكلم مع شخص ملوش ماضى .. شخص عايش لنفسه بس
ارتسمت ابتسامة خفيفة على وجهه ثم أسند رأسه الى السرير قائلاً :
- انا مليش اهل ولا عيلة ، تقدرى تقولى كدا حياتى كلها كانت فى ملجأ ، معرفش مين امى ومين ابويا .. كل اللى اعرفه ان فيه ست كبيرة فى السن هى اللى ودتنى الملجأ وانا عندى اسبوع ، تخيلى !! فضلت عايش فى الملجأ بتعذب كل يوم اكتر من التانى ، اقبح الشتايم .. ضرب وإهانة ، كل حاجة وحشة حصلتلى ومكنتش بقدر أتكلم .. هربت فى يوم ومش لازم اقولك هربت ازاى ، هربت وبدأت مرحلة جديدة فى حياتى
تأثرت حنين بحديثه كثيرا مما جعل الدموع تغادر عينيها حزناً على حال خالد لكن لم تكتفى بذلك ونطقت قائلة :
- اسفة انى اتدخلت بس بردو مش فاهمة ازاى ...
قاطعها خالد قائلاً :
- ازاى متعلمتش وازاى مليش اهل وعيشت فى ملجأ وجبت الفلوس دى كلها وعايش فى فيلا ومعايا عربية صح ؟
حركت حنين رأسها بالإيجاب فتابع خالد حديثه قائلاً :
- هى دى بقى المرحلة التانية من حياتى ، بعد هروبى علطول ....