عندما كان يذهب محمد للنادي، لاحظ أن هناك سيدة تجلس دائما وحيدة شاردة، تحتسي القهوة ثم تذهب للجري. كان يراقبها دون أن تعرف ذلك، سأل عنها وعلم أن اسمها زهرة، وأنها متزوجة ولكنها نادرا ما تأتي مع زوجها؛ نظرا لانشغاله الدائم. كان يرى في تصرفاتها الحزن والاكتئاب، كان يشعر أنها تعاني من أزمة ما ولكنه لم يعرف تلك الأزمة.
حاول أن يتتبع أي من معارفها حتى وجد بعض الفتيات من طالباتها، كن مشتركات في نفس النادي، عرف منهن البريد الالكتروني الخاص بها، ومنهن عرف الاسم الخاص بها على شبكات التواصل الاجتماعي.
ولكنه لاحظ اسم زهرة الياسمين مشترك في نفس المجموعة التي تشترك بها زهرة، ولا يعلم لما شعر أنها هي زهرة، ولكنه تأكد من شعوره مع أول مشاركة من زهرة، بل علم ما تعاني منه. لقد شعر بالخوف عليها لما يمكن أن يحدث لها وتتعرض له من صدمات على شبكات التواصل بسبب تعليق مثل ذلك الذي كتبته؛ لذا أرسل لها على البريد الخاص بها تلك الرسالة التي ساعدتها على الوصول لقرار لإنهاء مأساتها، ومساعدتها على أن تجد نفسها.
حزن كثيرا عندما علم خبر فقدانها لحملها ولطلاقها، ولكنه كان يعلم أن طلاقها كان لابد منه، إنها أنثى عنيدة تحمل من الكبرياء ما يمنعها من تقبل الخيانة، كان يعلم أن سبب شقاء زهرة ليس زواج عادل ولكنه جرحها في أنوثتها. من حديثه معها على أنه ساقي الورد، علم محمد أن عادل يهجرها كثيرا، كان يقدم الكثير من النصائح، ولا يحاول أن يتكلم معها مباشرة في ذلك الموضوع ولكن كان يحب أن يتركها تتحدث كما تريد.
كان محمد يشعر بتمرد الأنثى داخل زهرة؛ حتى قبل أن تشعر هي بذلك التمرد. ورغم أن محمد كان يعرف زهرة في الواقع، لكنه لم يحاول أبدا أن يقول لها ذلك. كان يرى أنها تتحدث معه على أنه أب لها، وارتاح لذلك الشعور منها، فهو يعرف أن زهرة كانت تفتقد والدها بشدة؛ لذا وجد أن مكانة الأب الذي وضعته فيه زهرة أفضل وتساعده أكثر على مساعدتها.
وعندما وجد المضايقات التي كانت تتعرض لها بعد الطلاق، ساعدها على الذهاب لطبيب نفسي لأنه –بخبرة الطبيب –علم حالة الاكتئاب التي تمر بها وما يمكن أن تسببه لها من آثار سيئة؛ لذا اقترح عليها الذهاب لطبيب نفسي، ولكنه تهرب من ارشادها لأي طبيب ليجعلها تختار لنفسها ما تريده.
لم يحاول محمد مطلقا التقرب من زهرة في النادي، أو حتى الحديث معها. كان يحب أن يراقبها من بعيد ويعرف حالتها، وكان ذلك يشعره بالسعادة الغامرة. في البداية، كان يتعامل مع زهرة أنها مريضة تحتاج لعلاج، ولكن بعد ذلك أصبحت حبيبة. كان حديثهما في كل شيء علم خلاله ثقافتها واطلاعها، وساعدها على التعرف على نفسها.
بدأ حب زهرة يتسلل لقلبه رويدا رويدا حتى أصبح يملأ عليه حياته، ولكنه كان يشعر أن هذا الحب خيانة لحبيبة أخرى توفت وهي تلد له ولده.
أنت تقرأ
المتمردة
Romansaعندما ننسى أنفسنا ونكرس حياتنا لآخرين، هنا نضيع بلا رجعة لأننا عندما نفيق نجد أننا فقدنا هويتنا وضاعت منا أحلامنا. في هذا الوقت نندم على فاتنا في رحاب الآخرين؛ خاصة إذا لم يشعروا بنا وبما نقوم به من أجلهم. فتبًا لهم وتبا لنا. سحقا لكل من أساء لقلب أ...