𖤐 𖤐

103 7 4
                                    


تمامًا كما اعتادت تلك الطفلة صاحبة الشعر الكستنائي القصير بأن تفعل في أيامها الخاوية , ها هي هنا مستلقية على بساط من العشب مُتأملةً بأعينها الواسعة السحائب في السماء , التي سرعان ما تداخلت غيومها بالبالونات المتلونة ,اعتدلت جالسة بجسدها الضئيل  وأخذت تنظر في الأرجاء باحثةً عن مصدر هذه الفقاقيع البلاستيكية .

اقتربت فتاة في رداء وردي و حلة بيضاء من [ وَجَم ] بينما كانت غارقة في البحث عن مصدر البالونات , وبكل لطف ناولتها بالونًا أصفر اللون وهي تقول : ( إن كنتِ تبحثين عني , فأنا خلفكِ ) .
الصمت بينهما يُلاطِفه النسيم الهادئ الذي لا يريد الحراك , أعرضت [ وَجَم ] عن البالون الأصفر , و أخذت بالصُداح والصياح , ( لماذا ؟ هل يزعجكِ البالون ؟ هل تخافين منه ؟ ) قالت الفتاة المذعورة وهي تحاول أن تخفف من روع  [ وَجَم ] في حين كانت تعقِد بالونًا أزرق اللون بيدها .

في لحظات سريعة هيمن الصمت , واكتفت [ وَجَم ]  بالدموع عوضًا عن التحدث , لتنظر للبالون ويختلج قلبها السلام ..

( لا عليكِ! لا تخافي , إنه كأي لعبة أخرى تملكينها لن يؤذيك , ثقي بي ..  ) . كانت هذه نهاية محادثة الطرف الواحد , ورحلت الفتاة دون اسم يذكر .

استمرت الأيام بالمضي والمضيّ , وكانت الفتاة [ صاحبة البالونات ]  تستهل يومها بالمرور يوميًا بجانب دار الرعاية , حيث تُراقبها [ وَجَم ]  بصمت .

في نهاية الأسبوع وكعادتها الدائمة , أخذت توزع الفائض من البالونات على الأطفال في الدار , ومع تحديق [ وَجَم ] بها اقتربت منها وهي تُخبئ الصفراوات خلفها قائلةً: ( لقد أخبرتني معلمتكِ بأن اللون الأصفر أحد أعداءك فهو يؤذي عيناك ِ! , أهذا صحيح ؟ ) مرت دقائق على محاولاتها الواهية باستخراج كلمة واحدة من لسان الصغيرة , التي بدورها لم تنبس ببنت حرف .

وعندما فقدت الأمل امسكت بطاقة تعريفها لتقرأ :

- الأسم : وَجَمْ

- العمر: خمسُ سنوات

- الحالة : الذاتوية – التوحد

قالت بهدوء : ( إذًا اسمكِ [ وَجَم ]  ؟ ) , كم ارادت الطفلة قول "نعم" لكنها اكتفت بالنظر بعيدًا , لم يستمر الأمر طويلًا حتى عادت لتنظر لها حين قالت : ( ما أجمل اسمكِ ! , فهو يليق بكِ حقًا أيتها الصامِتة , لكن لا يُشترط بأن تلازمك صفة اسمكِ .. على أية حال أنا  [ أبيان ] , بمعنى معاكس لاسمكِ , فبينما تصمتين لوجمكِ , أتحدث أنا لأٌبين مقاصد حديثي ! على كل حال سررت بمعرفتكِ [ وَجَم ] ) .

ودعتها رغم تجاهلها لها , لتعود كل منهما لعالمها الخاص .

وَجَمْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن