ج1

110 11 7
                                    

يومها كانت كل الأشياء العميقة تجذبني, و ها أنا نتيجة على ذلك غارق في القاع. غارق وسط ظلام دامس, لا مجال للرؤية, فقط صدى أصوات غريبة.. من أنت ؟ و من أنا ؟ من الآخرون ؟ من هؤلاء الذين لم يعودوا موجودين ؟ ما الأصل في ذلك ؟ هل هي صورة المراَة أم الشخص الماثل أمامها ؟ هل هي الأنا الحي أم الذكريات ؟. فقط كيف يمكن أن نكون كلينا في جسد واحد ؟ حقا هذا يستفزني. هل يمكن لكل هذا أن يحصل في عالم الكيمياء المرعب هذا ؟. أشعر أنني ممتلك هذه الذات و في نفس الوقت أحس أنني كسجين سياسي داخلها.

كنت في انتظار النوم حين راودتني كل هذه الأفكار اللعينة, كنت أسيرا لأفكاري, منظري و أنا أفكر و أنظر للاشئ كان غبيا جدا. كطفل أول همه أن يشاهد التلفاز و الرسوم المتحركة, فجأة تعطل التلفاز و اختفى عالمه الصغير. أخرجت كل تلك الأفكار اللعينة من رأسي وحاولت النهوض من السرير, لكن لم أستطع تحريك أطرافي, حتى أنني لا أشعر بها. في برهة أحسست أنني فقدت التحكم بذاتي و أن ذلك الأخر هو من امتلك كل شئ. ماذا وراء هذا كله !؟ شعور أن جزءا مني تم نفيه بعيدا, يراقبني على أمل العودة ولا أحرك له ساكنا. بينما أحاول النهوض بجسدي تراود عقلي أفكار غبية من جديد. ماذا لو استيقظت غدا وقد تحولت الى غصن شجرة؟ لا تستطيع أن تتكلم ولا أن تنهض من سريرك حتى؟ و لا تستطيع أن تأكل أو تتحرك؟ تصبح مسخاََ ! و منسيا بين من حولك. هل تقدر على تحمل ذلك ؟

" علي إخراج هذا الهراء من رأسي ", قلت هذا و يدي متمسكتان بجدران الغرفة. وضعت كل تلك الأفكار في رفِِ مهمل في أحد زوايا رأسي, و قررت الخروج, لعل هذا سيساعدني في ترتيب نفسي.

خرجت متسللا بين جدران الحي و خيوط ظلام الليل جعلت السماء كقطعة سوداء متناثرة عليها نجوم منطفئة. مشيت و مشيت دون وجهة, متجردا من كل أفكاري, أسير و خشخشة الأوراق المتساقطة تعزف موسيقى في روحي, فسِرت متأملا في نوافذ المنازل, أضواء الشارع المتوهجة بلونها الأصفر و نباح الكلاب.. أشعلت لفافة من التبغ و تهت في سواد الليل. التبغ يحترق, و روحي تحترق, وهذا الليل الطويل يغريني بالموت. أعلم أن الليل يمكن أن يكون علبا من السجون للوحيدين, أما بالنسبة لي فهو و العدم واحد, و ليس يهم حقا من منهما يقبع في داخل الآخر, ليس لكليهما قوانين تحدهم. تهت في دائرة التفكير هاته و أنا أسمع صوت تلاطم الأمواج في رأسي, كأنك تشعر بشيئ داخلك, تود اخراجه و لا تستطيع ذلك, تحِن للبكاء و شيء يجبرك على اتخاذ الصمت.. توقفت لصنع لفافة تبغ مهلوس و بعدها مضيت نحو المنزل. بينما الحياة بدأت تشع بألوانها القزحية, شعرت بقطرة سقطت على وجنتي فرفعت عيني فاذا .بالمطر يهطل, فأسرعت نحو المنزل

لا أعلم متى, لكن قد عدت الى المنزل, دخلت لغرفتي و أنا أصدر ضجيجا صامت, لا أعلم كيف لاكنني لا أصرخ فقط أصدر ضجيجا بالأشياء. حضرت رداءََ من الصوف لكي أتجنب البرد تم انفردت باحدى الزوايا و معي مذكرتي. أريد أن أكتب, أريد أن أحيي ذلك الميت داخي. بدأت في الكتابة, فجأة لاحظت أنني كنت في غفوة من أمري. مهلا! من كتب هذه السطور, انه ليس أنا. ااه لقد تذكرت أنني قبل ذلك دخنت ذلك اللعين. تبا كأنني في بداية جنوني !؟ رفعت نظري عن تلك السطور التي كتبتها, كل شئ يحيط بي اكتساه السواد كل شئ ممل, كئيب و قاتل, و الصمت يطفوا في الأجواء.

! ضجيجحيث تعيش القصص. اكتشف الآن