ج2

66 8 4
                                    

فقدت الرغبة في النوم, فقدت الرغبة في كل شئ. سأظل مستيقظا داخل غسق هذا الليل, و العالم في رأسي ملغّم. قلق و خوف من شئ على وشك الحدوث..

نهضت من مكاني و فكرت في شئ أفعله فالجلوس وحيدا يجعلني منهزما أمام أفكاري الانتحارية. بخطوات بطيئة ليس لها أي صوت, توجهت نحو المطبخ, صنعت كوبا من القهوة و أنا على علم مسبق أنها فقط ستزيد من حدة هذا الأرق الذي يقبع داخلي, لكن من يهتم !

فتحت هاتفي و نظرت الى بعض التسجيلات في محاولة الاستمتاع بها و القهوة معا, لكن ضايقني كونها تتناول الكاَبة و الوحدة و هذا سيزيد من شهية الشيطان داخلي من التهام ما تبقى من روحي.. عبث أليس كذلك !؟

و في محاولة بائسة مني فتحت محادثة قديمة مع شخص ما, جعلني ذلك أحس بالوحدة أكثر مما عليه. لقد مضيت بعيدا في نسيانك و هاهي رسائلك تعيدني الى الأسر, الى نقطة البداية.

أريد أن أخبرك أنني لم أعد أحيى بالقهوة و القراءة, أنني كرهت الظلام و أن حين تواجده في الأفق ذلك يشعل كاَبتي. لقد غرقت في عالم لا أنتمي اليه, كأنني داخل جحيم لعالم آخر. أريد اخبارك أيضا أنني أصبحت لدي رغبة جامحة في الهروب, الهروب من نفسي, من هذه الحياة البغيضة, الهروب بعيدا للاّمكان و المكوت هناك...

لم تعد لدي الرغبة في المزيد من المحاولات, تركت أفكاري تستحوذ على المكان و خرجت أنا بهدوء.

بعد هذا الفشل الدريع ألقيت بنفسي على السرير, كطفل يلقي بدميته بعدما اِكتساه الضجر منها. تهت محدقا في ذِهان الحائط و متأملا في تفاصيله الصغيرة, كأن عالما مختبئ هناك...

استيقظت و ككل مرة لا أتذكر كيف و متى غفوت. استيقظت على اختلاف, من نام البارحة ليس نفسه من استيقظ. كمية من الحقد و الكره اتجاه العالم لم أشعر بها من قبل.

أحضرت كوب شاي و جلست في الشرفة, تذكرت أنني نسيت أن أحضر السجائر فعدت للغرفة, رمقت مسخا بشعا في المراَة, بصقت عليه ثم ابتسمت و ابتسم هو الاَخر, لكن ابتسامته كانت مختلفة, كأنه على علم مسبق بشئ على وشك الحدوث و أن ذلك سيجعلني منهارا كليا. انه القلق من جديد, لكنه أنا, انه أنا. انني العدو الأول لنفسي..

عدت للشرفة و معي السجائر, و قبل الجلوس بصقت على العالم هو الاَخر ثم جلست بهدوء. شغلت سمفونية " أوغاريت " كخلفية و أمعنت النظر في السماء, أحسست حينها كأنني فزاعة قش يتمنى أن يطير

! ضجيجحيث تعيش القصص. اكتشف الآن