في اليوم التالي، أيقظني دونقهي حتى قبل قدوم الصباح. لذلك استعدينا، وخرجنا من الفندق، وتناولنا الإفطار في احدى المطاعم الصغيرة الدافئة وأخذنا الحافلة مرة أخرى. كانت حديقة الحيوان بعيدة جدًا، لذا فقد استغرقت الرحلة وقتًا طويلًا جدًا، لكن دونقهي أجبرني على سرد قصص حياتي مرة أخرى. ولقد أستمع إليها بقلب كامل واذانٍ صاغية مرةً أخرى، تمامًا مثل أمس.
عندما وصلنا إلى حديقة الحيوان وأخذنا جولة حولها، كنت أضحك طوال الوقت. لا أستطيع أن أتذكر متى كانت آخر مرة ضحكت فيها بشدة مثل هذه المرة. شعرت كأنني أُعدت إلى طفولتي ؛ حيث أذهلني كل شيء ولم أقلق بشأن مظهري او صورتي.
تحدث دونقهي مع الحيوانات كما لو كان بإمكانهم الرد عليه وقام بتقليدها. بدا هذا بغاية المرح مما جعلني أفعل ذلك بنفسي.أنه لأمر ممتع، اهذا لأنه معه؟
عندما حان وقت ما بعد الظهيرة، تناولنا الغداء وجلسنا للراحة لفترة من الوقت. بدأت أتلقى الرسائل من والدتي. لقد بعثت رسالة نصية إليها لأقول لها بأني على ما يرام وسوف أعود للمنزل قريبًا. ثم أغلقت الهاتف مرة أخرى. بعد فترة، أخذت دونقهي إلى الحديقة المائية بجانب حديقة الحيوان.
بدا دونقهي يحب الماء كثيرا. أولًا في الشاطئ، والآن هذا. إذا كان التناسخ موجودًا، أعتقد أنه كان سمكة في حياته من قبل.
أشعر بالتعب الشديد وأتساءل كيف لا يزال لدى هذه السمكة الطاقة للركض، رغم أنه هو الذي كان في المستشفى. لاشك من أنه سعيد جدًا.
عندما أتى المساء، قررنا التوقف. وكنت بحاجة للعودة إلى المنزل أيضًا. غدًا هو الاثنين ولدي المدرسة. لم أكن أعرف ما الذي يجب علي فعله مع دونقهي، أفكر في نقله إلى منزلي. ولكن سوف يرسلاه والدي بالتأكيد إلى منزله. غرق قلبي حزنًا من هذه الفكرة، ولكن هذا هو الأفضل له.ركبنا الحافلة مرة أخرى، وجلسنا على نفس المقعد عندما التقينا للمرة الأولى. نظرت إلى دونقهي، كان نائمًا.
رأيت بعض الطفح الجلدي على وجهه ويديه، أو ربما هذه اثار حروق الشمس؟ أو كان متعباً فقط؟ لست متأكداً.
أقوم بما لم أقم به مع أحدًا غيره من قبل، مرة أخرى. أخرجت سترتي وقمت بتغطيته وأسندت رأسه على كتفي. أبتسمت .. لقد بدا أكثر راحة، أنه لطيف .
بدأت تتساقط بعض القطرات في الخارج، ستمطر بغزارة قريبًا. نحن محظوظان لأنها لم تمطر بينما كنا في الحديقة المائية.
شعرت بحرارة طفيفة على كتفي، لمست جبين دونقهي. لديه حمى. أوه، ماذا عليّ أن أفعل؟ يجب أن آخذه إلى المستشفى.
مهما كان يكره المستشفى، لن أسمح له بالمرض.عندما مرت الحافلة على الطريق بالقرب من المستشفى، أبعدت رأسه عن كتفي ببطء، كي لا يستيقظ، وضغطت على الجرس. وحين توقفنا، مسحت على شعره حتى أستيقظ .
بدأت تمطر. نحن أستقلينا الحافلة حتى وصلنا الى محطة للحافلات.
"اين نحن؟" سأل، ينظر حوله.
"أريد أن أرسلك إلى المستشفى."
"انها تمطر!" هو قال.
أجبته: "لا بأس، علينا فقط السير من هذه الجهة، حينها لن نجري تحت المطر"، ظننت أن دونقهي لا يريد أن يتبلل بالمطر.
"لا، أقصد أنها تمطر! لطالما أردت اللعب في المطر!" قال مبتسما مرة أخرى بحماس.
قلت: "ماذا؟ لا، دونقهي، استمع إليّ. أنت تعاني من الحمى. أنت مريض. لن أسمح لك بذلك"، قلت، وفي الوقت المناسب أمسكت به قبل أن يركض تحت المطر.
"لا تقلق. اني أصاب بالحمى طوال الوقت. لكن هذه هي فرصتي الوحيدة للعب تحت المطر!" أجاب دونقهي، وكأن الحمى ليست شيئاً سيئاً.
"عليك أن تذهب إلى المستشفى!" أصررت.
"أنا لا أريد! أنا متعب !!"
"لهذا السبب أريدك أن تذهب! لن أسمح لك بالمرض!"
"مرض؟" ضحك دونقهي.
"هيوكجي، أنا أموت! كان يجب أن أموت منذ زمن طويل ولكن والداي يجبرني على العيش ... المنشطات والزرع هنا وهناك، والعلاجات، والعمليات، إنه أمر مؤلم! لم أعد أريد ذلك. اليوم الذي هربت فيه من المستشفى كان هو اليوم الذي يجب أن أجري فيه عملية زرع كلى، مرة أخرى! إلى متى؟ ما هي الحياة عندما لا تمتلك جسدك؟ نعم صحيح بأن كل ثانية هنا تسممني، لكنها تستحق كل هذا العناء. سأجري وألعب وأمرح هنا وأنا لن أندم. لن أندم على ذلك حتى لو أخذني هذا الى الموت ... " لقد انتزع يده من قبضتي وركض تحت المطر.
لقد فوجئت..كنت في حالة صدمة. موت؟ هل أخبرني بأن ما به هو الموت؟ لقد كذب عليّ. قال إنه لا شيء! كان يستخدمني! لذلك أراد ان يجرب كل ذلك. لم أكن أعرف أنه كان يموت ببطء. كان يقودني لقتله!
"دونقهي !!" صرخت ودخلت تحت المطر. كنت عازمًا بأنه لو تطلب الأمر سوف أطارده. لأني أردت نقله إلى المستشفى حتى لو اضطررت إلى جره. لن اسمح له بالموت.
أستطيع ان ارى مبنى المستشفى من هنا. انه أمامنا بمسافة قريبة. لكنني ... أوقفت مطاردتي له في منتصف طريقي لأنني رأيت وجهه. كان سعيد. الركض واللعب تحت المطر. استمتع بهذا. أنه حقًّا يستمتع بحياته الآن، أليس لديه الحق بهذا؟ ولو لجزء قصير من الوقت .
" دونقهي.." صرخت .
رآني وتوقف، اصبح ينظر لي أيضًا. بنظرات تحمل بداخلها التساؤل عما إذا كنت سأجره إلى المستشفى.
كنا غارقين في المطر. لا أستطيع حتى رؤيته بوضوح. كان المطر يزداد أثراً وبدأت العاصفة تهدر. بقينا هكذا لفترة من الوقت، بدون اي كلمة بيننا، فقط ننظر لبعضنا والمطر يسقط فوقنا .. قبل أن يسير ببطء نحوي.
قال وهو يبتسم "انهيوك..هيوكجي ..." كيف يمكن له أن يبتسم أبتسامة بهذا الثناء والسعادة حين انه يعلم أنه سيموت؟ حين انهي على أن كل ثانية بالخارج هنا ستجره إلى نهايته؟
وضع كلتا يداه على كتفي. حينها أدركت أنني بدأت بالبكاء، كانت دموعي بالفعل تتساقط. لكن هذا لم يظهر لأن المطر يغمر وجهي.
شعرت بألم في قلبي.انا خائف.أنا في حيرة.
"ماذا يمكنني أن أفعل من أجلك؟ ماذا يجب أن أفعل؟ من فضلك أخبرني ما الذي يجب عليّ أن أفعل ..." صرخت بما في رأسي.
"لا بأس..لقد فعلت ما يكفي. أقسم أن هذين اليومين هما أسعد لحظات مررت بها في حياتي.
قد كانت هناك خطط أخرى كثيرة، لكنني لا أعتقد أنني أستطيع فعلها. لأنني لم أفعل ذلك.. أعني اخذ دوائي، أشعر بأن جسدي يأكلني، لذلك دعنا نتوقف هنا، أريد أن أشكرك كثيرًا على إظهار كل ذلك لي، وأنا آسف لإزعاجك، رغم أنني منذ اقل من يومين لم أكن أعرف من هو أنت، لكنك الآن جزء مهم من حياتي الصغيرة التي أملكها هنا..جزء كبير....بل كل ما حصلت عليه من الحياة."
بكيت بصوت عالً، بدموع لا تتوقف، أحتنضنني وبدأ بالمسح على ظهري وهو يكرر "لي هيوكجي هيا لا تبكي"، أحتضتنه أيضًا .. بقوة.
لا أريده أن يموت؛ كان هناك الكثير من الأشياء التي كان يحتاج إلى رؤيتها. هناك أشياء كثيرة أردت أن أريه اياه. أود أن آخذه إلى جميع أنحاء البلاد، في جميع أنحاء العالم، وأريه الأشياء التي فاتته. لو كنت علمت أنه يموت ... أن عرفت فقط ...
شعرت أن جسد دونقهي يضعف ببطء في أحضاني، وكأنه قد انهار على كتفي. حاولت أن احتضنه بشكلًا أقوى، لكن كلانا قد سقط على الأرض.
..
..
..
"دونقهي!!!" صرخت .
أنت تقرأ
The Guy I met in the Bus
Romanceظن بأنه مجرد لقاء عابر، ولكن .. قال له "أرني كل شيء عن هذه الحياة! أريد أن أعيش، أريد أن أراها! " فأصبحت رغبته "يجعلني على استعداد لفعل أي شيء لمجرد رؤية هذه الابتسامات والسعادة."