المقدمة

70.4K 1.1K 73
                                    

‌عندما كنتُ فتاة صغيرة أقصى أحلامي هي أن أحصل على قطعة من الشوكولا التي تثير بداخلي النشاط والراحة والسعادة ومن ثم أبدأ يومي المعتاد باللعب مع أطفال جيراني ومنطقتي وخاصة هذا "اليآسين" والذي كان ينتظرني كل يوم لنبدأ خطة جديدة ويوميه للعب ولكن قبل هذا كله نتوجه سويًا للعم "رضا" الذي يمتلك محلًا صغيرًا لبيع المسليات والحلويات والأغراض المنزلية ليعطينا هديتنا والتي كان من المعتاد أن يعطيها لنا كل يوم حلوى "المصاصة" ذات اللون الأحمر القاني لنأكلها جواره بتلذذ فيجلس معنا ويتعالى صوت ضحكاتنا من شغبنا متلذذًا بالنظر على فانا الذي يصير باللون القاني ما إن تصل تلك الحلوى إليه ويظل يتبادل معنا بعض الأحاديث البريئة والتي دائمًا ما كان يقول لنا جملة لم يستطع أن ينساها كلانا رغم عدم فهمنا لمعناها بالنسبة لصغر سننا "إن شاء الله هتكبروا وهشوف أولادكم وهيجوا ياخدوا مني نفس المصاصة دي" كنا نضحك عليها بعدم فهم ومن ثم نُقبل يده ونتوجه إلي الخارج لتبدأ وصلة اللعب وهو يتابعنا من بعيد بحب وتسليه ،، لم أكن أعلم أني عندما أكبر قليلًا لن تصبح تلك إلا ذكري أعيش عليها و أن "يآسين"الذي يعيش في منزله المقابل لمنزلي محرم عليّ اللعب معه بعد أن كان يومي كله معه منذ أن أستيقظ وحتى أنام، بعدما كان يجاورني ولا يتركني ، و إذا تعثرت لا أُنادي سواه ، واذا وقعت لم أكُن أُمسك بيد أحد سوى يده ، كُنت بريئة صغيره أظن أنه مجرد صديق ورفيق يلعب معي لم أكن أعرف أن تلك المشاعر عبارة عن مخزون يملئ قلبي حد النخاع ليصير ملازم لي حتى الكبر، كُنت أراه كل يوم وهو يذهب جامعته وأراه وهو يعود ، وأُراقبه وهو يساعد العم "رضا" بعد انتهاء واجباته، حتى كُنت أستغل ذلك فأُنادي مرات على العم "رضا" من شرفتي بحجة نقصان غرض بالمنزل لأُثير انتباهه ونعم كان ينتبه لي ولكن يظهر خلاف ذلك حتي لا يتحدث أحد من الجيران عني بحديث غير لائق ، فيلاحظ العم تلك النظرات فيدعي لي عن ظهر قلب أن يتلاقى المتحابان يومًا كما كان يدعوا بها أمامي ، كُنت عندما أذهب للعم لأنتقي منه بعض الأشياء للمنزل أسمعه يشاكسني ببعض الكلمات ليلقي علي مقطعه اليومي "ابن الجيران اللي هنا قصادي مش عارفه بس أعمله أنا إيه" فأضحك وأُبادله مشاكسته و لم ألحظ زوج العيون الذي يراقبني من بعيد وعلى ثغره ابتسامه متحابة والتي لم ألحظها إلا حين قال لي العم رضا ذات يوم ، نعم أنا "ليلى" والتي أعشق "يآسين" حد السماء وأرى فيه الصديق والحبيب والزوج والرفيق ها أنا كَبُرت وصرت أحمل العشرون عامًا من عمري ،، وهو يحمل الرابع والعشرون ،، لم أكن أفعل شيء سوى أن أدعٌ الله ليكون من نصيبي وزوجي ،، ما إن أسمع المؤذن يُنهي الآذان حتى أدعو الله فكنتُ أعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال "إن الدعاء لا يرد بين الآذان والإقامة فأدعوا"، وما إن تطئ رأسي سجادة الصلاة وأنا أٌصلي حتى أدعوا فقد علمني أبي أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال "أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء" ، أدعو عند نزل المطر فقد كان يدعي الرسول عن نزوله ، كُنت أُصلي قيام الليل وأدعو أيضًا، لم ينفك لساني أو ينبري من تلك الدعوة" اللهم اجعل ياسين ابن نور الدين ابن آمنه زوجا صالحا لي" ظللتُ منذ أن فرضت علي الصلاة و ابتعدت عنه حتى عامي هذا لا يخلوا دعائي من تلك الدعوة حتى وصلت سن الرابعة والعشرون والمفاجأة استجاب!؟.... نعم استجاب الله... فلقد قال في كتابه الكريم بسم الله الرحمن الرحيم "و إذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوه الداعي إذا دعان" استجاب الله حتى أصبح خطيبي نعم أُحبه ولكن خجلت منه، كنت أهابه ، رغم أنه أصبح ملكي ولكن كُنت أُحافظ على تعاليم ديني ولا أتجاوز معه أي تجاوز ولكن !! الآن واليوم خصوصًا سأٌصبح زوجته أمام الله وأمام الناس لا أعلم إن كان يُحبني منذ الصغر مثلي أم لا ولكن كل ما أعلمه أني سأفعل وسأٌحاول وأُجازف حتى يصير قلبه مختوم بمهر اسمي واليوم وبعد هذا العرس والذي نال أعجاب الجميع من حينا وجيراننا وأقربائي والجميع أٌغلق علينا باب واحد وأنا الآن بين يديه سأُصبح زوجته قولًا وفعلًا أستطيع الآن أن أنظر إليه وقتما شئت لن يؤلمني ضميري ولن يغضب الله مني ، سعادتي فاقت عنان السماء أثناء غفوتي أمام تلك الشرفة التي طالما تمنيت أن أنظر منها وأن يري جميع الناس أني زوجته تلك الشرفة، الطابق، المنزل بأكمله أن يشهد.. أولادنا ، حبنا ،نعم حبنا الطفولي والذي كبر وسيشيب معنا . ...

أفقتُ من ذكرياتي على يده التي ربتت على منكبي فنظرتُ له بسعادة فسألني بفضول ووميض من الحب عبر من مقلتيه

=الجميل سرحان ف أي.

توردت وجنتي خجلًا وأجبته بسعادة
=فينا.

أثرتُ فضوله أكثر فسألني وهو يدونوا مني مستندًا على كتفي
=»فينا أزاي بقا.

تناسيتُ خجلي وأشرتُ من الشرفة على بقالة العم رضا وقلت بلهفه وحب وصوت طفولي أجدتُه ببراعة
=سين ألحق لولي وألصاصه وقعوا.

ضحك بسعادة وحاول تقليدي قائلا ببراءة
=اخص على الأرض الوحشة متعرفش إن ليلتي وأي حاجه تخصها تبقي بتاعت سين.

أجبته بتلقائيه وكان عقلي وذكرياتي من تتحدث وليس لساني
=يعني أي بتاعتك يا سين.

أجابني بنفس التلقائية وكان من يتحدث الآن ليس ياسين أو ليلي الراشدين بل الطفلين الذي لم يتعدى أحد منهم العاشرة
=يعني أنت فحمايتي محدش يقدر يقرب منك وإلا هخاصمه.

تعلقتُ برقته بخجل وتردد وسألته برجاء وعيني تترجاه بقول ما يتمناه قلبي
=بتحبني يا سين.

نظر لي عدة لحظات في صمت أثار الادرينالين في جسدي وبدأ قلبي يخفق بقوة يتخلله الخوف ، لحظات أخرى ووضع أحدى يداه على قلبي والأخرى أمسها بيده أشاور على بيت أهلي وقال
=حبيتك بس أنا من اول ما اتولدتي وحضرت السبوع بتاعك وحاولت اشيلك وساعتها مرضيوش عشان انا لسه صغير وعدت نفسي إني هاخدك كلك وزي ما حرموني إني أشيلك لما اتولدتي هحرمهم منك لما تكبري وبقيت عمرك كله..لحد لما كبرت شويه و بقيتي ضلي فكل حته وبعدها عرفت إنك كبرتي ومبقاش ينفع تنزلي الشارع تاني ساعتها اتعلقت بيكِ اكتر ووعدت نفسي إني هذاكر وهخلص و أشتغل عشان اتقدم لك
تعبت وشفت المر عشان أوصلك وفالآخر بتسأليني ، المفروض دا ميبقاش سؤالك بالعكس المفروض تسأليني عشقك جوا قلبي وصل لفين وساعتها هجاوبك إن عشقك جوايا مالهوش نهاية وإني غرقان فيكِ يا ليلتي.

أنهمرت عيني بدمعات التأثر و السعادة ، تخلل قلبي السرور ، عانقته بفرحة لأُزيل أكبر مخاوفي حول مشاعره ناحيتي ، تمتمتُ بعدم تصديق
=يآسين انت بجد ........

قاطعني وهو يضع يده على فمي ونظر لي نظرة عاشقه أصابتني في مقتل لن أنساها طوال حياتي
=حبيتك وبحبك وهفضل أحبك لآخر نفس فيا...اوعي تفتكري إن أنتِ بس اللي بتكنيلي الحب دا ..لا دا إحنا لو هنشوف مين بيحب التاني أكتر يبقي مش هتعرفي تسابقي حبي ليكِ عارفه ليه.

حركتُ رأسي بلهفة فأجابني بعشق وكانت تلك آخر الكلمات بيننا
=عشان أنا يآسين مجنون ليلي.

لتتُوج الليلة في صفحاتها قصة عشق ولدت منذ الصغر وستبدأت في الإثمار .

⁦.........
فووت و كوننت برأيك يا جميل .

ياسين مجنون ليلي "مكتملة "حيث تعيش القصص. اكتشف الآن