عاد لينتقم

297 17 15
                                    

أحيانًا تكون اللحظة التي نفقد فيها الأمل هي مفتاح للحياة الجديدة..لتلك الفرص التي ظننا أننا لن نملكها أبدا..
   و لكن السؤال الحقيقي إذا ملكنا الاختيار..فأي طريق يعيد لنا الحياة و أي طريق يحمل الهلاك ؟!
                                    ###

أمسك الملف بين يديه..لم تكن الأوراق التي ينتظرها أو يتخيلها..كان ما في ذلك الملف هو شبح الماضي الذي ضحى لأجله..
   هو المصير و الثمرة لكل ما مضى من عذاب..

تحول وجهه من التهجم إلى الذهول و من ثم انقبضت ملامحه كلها في حزن عميق و حداد طويل على تلك الحياة التي تركها خلفه..
   على تلك الأجساد الي يتمنى أن يضمها لمرة واحدة قبل الموت و تلك الوجوه التي يتمنى أن يراها في وداع أخير..

يمرر يده على الصور..و الدموع تنهمر ما بين حنين و سعادة و ألم..
    الصدر يضيق و السعال يأخذ الزمام مخبرا إياه كم أن عذاب نفسه قد أهلك روحه فحتى ما عاد يحتمله الجسد !!

-" كنان.."
بصوت رخيم يحمل طيفًا من التأثر نادى الرجل..

أما كنان فقد كان هالكا..بيد مرتعشة يخرج البخاجة و يحاول أن يجلس على الكرسي باعتدال..نفس تلو الآخر حتى هدأ سعاله و لكن رافقته انتفاضة الجسد بلا رغبة في الذهاب..

-" ماذا تريد منهم أخبرني ؟! ماذا تريدون مني أن أدفع أكثر من ذلك ؟!أنا..أنا قد دفعت عمري مرة..ما المطلوب مني الآن ؟! "
   سأله بنبرة حادة لم تستطع أنفاسه المتهدجة أن تخفيها..

-" ألست تريد الحرية ؟! ألست تريد الانضمام إليهم ؟! العودة من طريقك الوعر الذي ألقيت فيه ؟! ألا تستحق جراحك فرصة المداواة ؟! و ألا تستحق أنت العيش من جديد ؟!  "
   قال الرجل بصوته الرخيم و سرت كلمات في العدم حتى اصطدمت بروح كنان..
كنان الذي جفل  و نظر بعمق للرجل كمن يعرض عليه صفحة من الغيب فيرى فيها أي عذاب هو مقبل عليه..

-" اسمع..إنهم خارج هذا الموضوع للآن و للأبد..لا يوجد عودة من الطريق الأشواك..لأننا و إن عدنا فلا نعود كما كنا..
    أنا لم أغرق في ظلام توفيق هذا صحيح..عشت كدرع فقط دون أن أتلوث بالدماء أو أغرق في ظلال المال و الأعمال..
   عشت أنفذ الأوامر و أجلب السعادة..و لكن ذلك لا يعني أن شوائب تلك الحياة ليست ملتصقة بي..ذلك لا يعني أن القلب في صدري لا يزال كما كان من عشرة سنوات ؟!
    انتقام ؟! كيف ستنتقم من رجل القانون في صفه..و الأدهى و الأمر أن كل ما هو سافل و قاتم و مظلم في هذه المدينة في صفه أيضا..
   رجل يقوم طرفي المدينة على خدمته..يستطيع العيش في الجانب المضئ بينما تتفتح له أبواب الظلمة على مصرعيها..
   من أين لك هذه الشجاعة إذا لتتحدث عن الانتقام ؟! "

بانفعال قال..لونه يسحب منه رويدا رويدا..بدل حمرة الحياة تحل زرقة الموت و تتقطع الرئتين بسكاكين الهواء طلبا للحياة..طلبًا لنفس آخر لا يعني في قاموسه سوى العذاب..

قُرْبَانْ-kurban حيث تعيش القصص. اكتشف الآن