حبيبتي و التي هي صديقة طفولتي أيضاً، امرأةٌ ساذجة ...
تصدق كل ما أقول بطريقةٍ عمياء ، فتثير شخصيتي الشريرة للتنمر عليها ...
في يوم ما و بينما كنا عائدين من المدرسة ، قررتُ مناغشتها ، و قد كنتُ أشعر بالملل، فقلت ...
" حبيبتي ، لدي ما أخبركِ به، أتمنى أن تستمعي إلي جيداً و بتروٍ "
وقفتْ تنظر إلي و كلها عجب ، لأكمل المسرحية و بروية ...
"أنا لم أولد كواحدٍ من البشر ..."
زادت علامات التعجب ، و قد قفزت خلفها علامات الاستفهام لتملأ وجهها اللطيف المندهش، فأكملتُ ...
"أنا ولدتُ ك ... كمستذئب "
و لما شعرتْ أن ما قلته قبل قليل مزحةً ثقيلة الظل ، أعني حتى لطيفيتي الساذجة لن تصدق تلك الكذبة ، نطقتُ ...
"و كدليل على ما أقول ، أنظري إلى أذناي ، و سأخرج لك ذيلي كبرهان "
بالطبع لم يكونا حقيقين ، أنا فقط أخفيت الأذنين تحت القبعة قبل الخروج من المدرسة، و كذلك الذيل ، و أي انسانٍ عاقل لن يصدق مثل هذه الخدعة الرخيصة ، و لكنها صدقت !!
و ما إن رأت الأدلة، حتى شرعت بالبكاء، و كأنها في عزاء ، حتى أنني كنتُ أنوي الاستسلام و اخبارها بالمزحة الهزلية ، و لكنها كانت لطيفة، و كم أحب رؤية دمع عينيها ...
"حبي ، لن أستطيع العيش معكِ بعد الآن ، أعني أني سأظلمكِ إن أجبرتكِ على العيش معي، و أنا أشبه الحيوان ، لذلك لننفصل "
و بعد حب دام لخمسةَ عشر سنة ، أقل رد فعلٍ ممكن أن تظهره، هو أن تفقد الوعي، و هذا ما فعلتْ ...
في اليوم التالي غادرتُ المنزل دونها لأول مرةٍ في حياتي ، حسنٌ إن ما أقوم به الآن يستحق التضحيات ...
و لما أتت إلى المدرسة أخيراً ، و سألت عن سبب البعد و الجفاء ...
"أحبكِ، و لذلك قررتُ التخلي عنكِ ، لمصلحتكِ ، سأتزوج بمستذئبة من فصيلتي ، و أنتِ تزوجي ببشري من بني جنسك "
و لما اكتسى الرعب وجهها، حتى أنها أصفرت و من ثم أخضرت، بدأتُ أشعر بالذنب ، فهل أعترف ؟
لا ، علي الإستمرار فالأمر ممتع ...
و لم أتخيل يوماً أن تطيعني طاعةً عمياء ، أو أن تتعلق بأول رجلٍ يطلبها للقاء، فهل سأراقبها تبتعد عني كنذلٍ جبان ؟!
طبعاً لا ...
خطفتها من ذاك المحتال ، قبل أن ينطق حتى بكلمات الحب و الهيام ، وجررتها خلفي مغتاظاً مهتاج ...
وقفنا أسفل الدرج حيث لا وجود لأحد ، و هنا كنتُ أنوي الكلام ، لو لا أن بدأت هي بالبكاء و صراخ ...
"أنا أسفه ..."
اقتربتْ مني تضمني إلى صدرها ...
"أنا لا أهتم سواءً كنت مستذئباً ، أو فضائياً ، أو مصاص دماء ، أو حتى كلب ... "
و بلحظات تعجبي و عجبي أكملت ...
"لا يهمني ما تكون ، سأظل أحبك بأي شكلٍ كان ، لذلك ..."
نظرتْ إلي أخيراً، لتكمل و الدمع يسيل من كل فتحةٍ في وجهها الذي بدا لي قبيحاً ...
"لذلك لا تواعد أحداً غيري ! "
لا أدري من الساذج بيننا ، هي التي تصدق كل ما أقول ، أم أنا الذي أعشق كل شيءٍ فيها، حتى وجهها القبيح هذا !
١٩/١/٢٠٢٠