في يومٍ عاصفٍ ماطر في مدينة الضباب ، بينما الناس كانوا في حالة استنفار للبحث عن مكانٍ للاختباء ، كنت أنا الجريح المصاب ملقاً على الأرض بلا مبالاة بين النفايات ...
من بين آلاف البشر التي نظرت إلى ندوب جلدي بقرف ، و بينما انزف دماءً مع هطول المطر ، هي وحدها من جررتني إلى منزلها لتعالج هذا العنيف القذر ...
تلك المرأه الحمقاء اكتنفتني في منزلها رغم خطورتي ، و أنا الذي أبدو كقرصان بمقلةٍ واحده بدلاً من مقلتان ...
و لما اشتد المرض ، و تناسبت ارتفاع درجة حرارة جسدي مع قوة حبيبات المطر ، شحب وجه المسكينة خوفاً علي ، من أن يزورني ملك الموت في منزلها ، و هو نذير الشؤم ...
و لأن ما يحدث الآن من أحداث لا يكفي كعذاب ، قُطعت الكهرباء بسبب إحدى ضربات الرعد المهتاج ، لتسبب تيبس جسدها، و ارتجاف صوتها ، و سيلان دمع عينيها ، لأكتشف أنها تخشى الظلام ، فمن سيعتني بالآخر الآن ؟
اقتربتُ منها ادفؤها و بجسدي اضمها و اطبطب عليها ، و أما هي فكانت تحاول خفض درجة حرارتي بجسدها باستخدام كفيها ، أو لأقول قطعتي الصقيع ...
حل صباح اليوم التالي صافي الأجواء ، و كأن ما حدث من كوارث البارحة كانت من نسج الخيال، و الدليل الوحيد على أن ما كان ليس بحلمٍ أو خيال ، تعانق الجسدين على الفراش ...
فتحتُ جفناي و قد ذاقا طعم النوم الهنيء ، و هما اللذان حرما منه ليس لأيام بل لسنوات فالنوم في الطرقات مرهقٌ للابدان ...
و عندما سقطت انظاري على الملاك النائم في سلام ، قررتُ الهرب من المكان، حتى لو اضطررتُ للقفز من النافذة التي تبعد عن الأرض بامتار ...
أريد الفرار من هنا قبل أن تقع الفأس بالرأس ، و أورط تلك البريئة في قضاياي المريبه ، إلا أن تلك الغيبه التقطت ذراعي اليمنى ، و جرتني إلى جوارها لتقول بعينين حالمتين ...
" قطي اللطيف أنت ملكي الآن، و لن تغادر المكان ، من الأفضل أن تعتاد على الأجواء ، فلن يُكتب علينا الفراق و لا بعد الممات "
لادرك أني عدتُ أخيراً إلى المكان المسمى... بالبيت...
حيث الأمان و السلام و الحب ...
٢٧/١/٢٠٢٠