أحببت أُستاذي

34 2 4
                                    


   أحيانا لا نفهم مشاعرنا ،و حين نظن أننا فَهِمناها نُعيد التفكير إلى أن نغوص في أعماق التشتت ، فنتوه و ندخل مرحلة اللاوعي ثم نعيد ترتيب أفكارنا بغية الخروج بقرار سليم لكن عندما يتكلم القلب تصمت جميع الأعضاء في إنتظار الخطوة التالية .

    
  أعود بكم لأول يوم رأيته ....

أول يوم رأيته فيه لم ألقِ له بالا حتى و لم أكن أعلم أنه سيهيج مشاعري يوما ما ...

كنا ننتظر من سيدرسنا إحدى المواد و لقد طال الإنتظار فخرجنا في الرواق ننتظر مع بقية الصفوف الأخرى ، رأيته قادما من بعيد فبدأت أتهامس مع صديقاتي عنه : ربما هذا الذي سيدرسنا ،جميل إنه في مُقتبل العمر. و تبعناه بنظراتنا علّهُ يدخل قسمنا لكن شاءت الأقدار أن يدرس القسم المقابل و من بعده حضرت أستاذتنا و من هنا يبدأ عذابي معه .

عند  إنتهاء حصتنا رأيته خارجا من قسمه شامخا كعمود لا ينحني ، ناظرني من خلف الزجاج بخفة ثم ذهب لم ألق بالا لكن كما يقولون نظرة ثم نظرة ثم نظرة يليها إعجاب .

كل أسبوع و في نفس الوقت نتبادل نظرات خاطفة أنا جالسة في مقعدي و هو خارج من قسمه كالعادة .

أصبحت أنتظر و أعُد الثواني  ليأتي ذلك اليوم ، لكن يوما قلت لنفسي يالي من بلهاء ،كيف أعجب بشخص لا أعرفه ، و ماذا عن تلك النظرات كيف أفسرها ، اووو ماهذا الغباء ربما كلها مجرد صدفة بما أنني  أجلس  أمام الباب ، و أصلا يجب أن تقتلعي هذه الفكرة من رأسك ... ما أعجبني فيه حقا !؟ ليس بتلك الوسامة التي تجذب الفتيات و ليس نوعي المفضل أيضا !! لكن الرجولة تنبع من هيبته من شموخه من نظراته ، اووووف دعني منه حقاااا ....

أصبحت أتجاهل أمره ، إلى أن نسيته تقريبا ، عدنا بعد العطلة و أخذت أتجول أنا و صديقاتي في حرم الجامعة ، كنا ندردش و نضحك إلى أن رأيته صدفة و هو جالس يدرس مجموعة من الفتيات ، ناظرته من الزجاج و بالفعل تابعتني مُقلتاه حتى إختفيت ...ياااه يا لسعادتي ،عادت تغمرني تلك الأحاسيس بعدما نسيتها و يا ليتني لم أفعل ، فقد صاحبها و لأول مرة شعور بالغيرة من الجالسات بجانبه ( سأجن حقا ) ، و ككل مرة أتشاجر مع نفسي ،أُؤنبها و أعاتبها على تخيلاتي البلهاء ،ثم أنساه و أنسى كل شيء متعلق به إلى أن يعود بعودة أقوى من الأخريات .

  في يوم كنا مقسمين إلى مجموعات و كل مجموعة تدخل لتلاقي أستاذها للتشاور حول مشروع ما ،كان في القسم عدة أساتذة و الطلاب يدخلون أفواجا ،و أنا في إنتظار دوري سمعت صوته الرجولي يقول :
-أستسمحكم عذرا دعوني أمُرْ .

لم أكن أنتظر هذه المفاجأة ، دخل و بدأ يستدعي طلابه ، تفاوتت إلى مسمعي قول إحدى طالباته لصديقتها متغزلةً به :
- آه عيناه جميلتان !!! .

  لم أحتمل كلامها المعسول  فابتعدت أنا و صديقاتي إلى أن جاء دوري ،تمنيت أن لا أقابله عند دخولي ،لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه ، كان جالسا بجانب أستاذتي يتناقش مع تلميذته ،ناظرته و تمنيت أن أطيل لكن  أنزلت رأسي و اتجهت لمقعدي و تحاشيته قدر المستطاع و بالفعل أنهيت و خرجت سريعا كي لا تفضحني عيناي أمامه .

مجموعة قصصية حيث تعيش القصص. اكتشف الآن