الفصل التاسع عشر
أما مديحة تنفست بسرعة فصورة أمينة تتجسد أمامها فى ألاء حتى وإن لم تكن تشبهها.
أمسك الجد يدها قائلاً بحزن :
-بصي يا بنتى أنا عارف إنك أذيتى العيلة دى أوى، بس أنا مستعد أسامحك ،بشرط إنك تنسي إنتقامك ده ونفتح صفحة جديدة، مهما حصل إنتى بنتنا ،و مديحة اللى جاية تنتقمى منها تابت وندمت على اللى حصل، إنسي اللى فات، الإنتقام بيضر صاحبه، صدقينى إنتى أكتر واحدة هتتأذى من السكة اللى أنتى ماشية فيها.ضحكت بسخرية لما يقوله جدها وقالت :
-عايزنى أنسي إنتقامى طب إزاى! لو نسيت أمى هترجع، هتعوضنى عن السنين اللى عشت فيها بعيد عن أهلى، ولا عن حضن أبويا اللى إتحرمت منه وأنا فاكرة إن الراجل اللى ربانى هو أبويا.صمتت قليلا تنظر لوالدها الذى أغشت الدموع عينيه، ثم تابعت بحدة وصوت عالى:
-لا مش هسكت، إنتوا صحيح عرفتوا كل حاجة ،بس لازم أدمرها زى ما عملت معايا، وأى حد هيقف فى طريقى هنسفه حتى لو كنت إنت.صفعة هبطت على وجنتها من زوجها الذى يقف يتابع الحديث بصمت، ولكنه كان لابد أن يتدخل حتى يجعلها تتوقف، صفعة جعلت خيط رفيع من الدماء ينساب على جانب شفتيها.
إقتربت مديحة منه بسرعة قائلة بهدوء خافت:
-ليه بس كده يا حمزة ،هيا صحيح غلطت بس متضربهاش كده، أنا ظلمتها وجيت عليها.إستفزها حديث مديحة ،فلم تدرى بنفسها سوى أنها أخذت المسدس من خصر زوجها ،وأشهرته فى وجه مديحة ورفعت صمام الامان.
إنطلقت الرصاصة متوجهة الى مديحة، ولكنها أخطات الجسد ،فقد استقرت فى صدر حمزة الذى إندفع ليقف أمام زوجة عمه؛ حتى لا تموت بيد زوجته.
أما هو يكفيه أن يموت على يدها ،فهى الوحيدة التى أحبها.
أصوات صراخ من الجميع بسبب ما حدث ،جسد مسجى على الأرض غارق فى دمائه، لم يكن إلا جسد حبيبها،صرخاتٌ مكتومة خرجت منها وهى تضع يدها على فمها تكتم شهقاتها، لم تصدق ما فعلته بيدها قتلت حبيبها، لم تصدق كلام سلمى عندما أخبرتها أن الإنتقام سيطالها.
ألقت المسدس من يدها وحاولت الإقتراب من حمزة الغارق بدمائه ،إلا أن يد حسن إمتدت ودفعتها لتسقط على الأرض بعنف، قائلاً :
-إبعدى عنه كفاية كده، عايزة إيه تانى؟ أقسم بالله أخويا لو حصله حاجة لأقتلك بإيدى!أنهى حديثه معها وحمل أخيه بمساعدة أعمامه، وخرجوا من المنزل جميعا متجهين الى المشفى، لم يستطيعوا إنتظار سيارة الإسعاف ،حتى والدها ذهب معهم.
أما هى جلست تبكى بعنف غير قادرة على الذهاب وراءهم ،تشعر أن روحها تكاد تخرج منها، غير قادرة على الوقوف، تجلس بجوار بركة الدماء تنظر لها بصمت ودموع تهطل بغزارة على وجنتيها، ندمت أشد الندم أنها إستسلمت لشيطانها ،كانت تظن أن الأذى سيصيب عائلته فقط وليس هو، ولكنها الآن انتقمت منه هو، أصابه انتقامها بشدة،