كل الأمور ستكون أفضل ..

142 5 0
                                    

لم أتمنى شيئاً سوا قلبِكّ وَحُبِكّ أردت أن أشعر بأنني سيدة قلبِكّ فعلاً وَليس مجرد كلامٌ يُقال.. كلام الحب شهدته وَرأيته في كل مكان في الأفلام في الكتب والروايات بل وَحتى بشخص عابر ذُهِلَ مِنّ جمال عينَيّ وَظن أنه واقِعٌ بِالحُبّ فَظل يُخبرني بِكلامٍ غَزَلِي.. كان لقاؤك في لحظات عابرة نسجها القدر وَغفوة المساء في عينيك الشرستين، وغمازة خديّك وابتسامتكَ السَاحِرة. تِلَكَ اللّحَظات وَلدت لي عُمرًا من أملٍ وَضياع. قُل لي ماذا أفعل بِهذا الحُبّ الذي استعمرني وَرفعني إلى رتبة الجنون وَ جعلك من دون رجال العالمين سيد هذا القلب البائس؟

كل ما أردته منك هو أن تشعر بي وأن تقدر مشاعري اتجاهك وَ لكنك لم تفعل. وبات قلّبي ينشد حزناً على حالي.
إِني مِتُّ مِنكَ وَقلّبي فيهِ ما فيهِ
وَلَم أَنَل فَرَجاً مِمّا أُقاسيهِ
نادَيتُ قلّبي بِحُزنٍ ثُمَّ قُلتُ لَهُ
يا مَن يُبالي حَبيباً لا يُباليهِ

يوجد شعور بداخلي أن هناك شيءٌ ما بيننا لن يعود كما كُنا في مَرحلةِ الصبيانية والإعجاب. عِندَ خَجلِنا عندما رأينا بعضنا أول مرة في منزل الجدة في ليلةِ العيد وعندما مَددت يديّك إليّ لكي نلعب مع بعضنا في الحديقة، ومنذ تِلَكَ اللّيلة أحببتُ القدوم إلى منزل الجدة وأتحرق شوقاً إلى لقائنا رغم أني كنتُ أخاف كثيرًا من المنزل بسبب ظهور الشائعات بأنه مسكون بالأشباح التي تطارد الأطفال! و صداقتنا الطفولية كَبُرت لِتنتهي بارتدائي الحجاب والابتعاد عنك وعدم السماحِ لنا برؤية بعضنا البعض مرةً أخرى. ولكن قلّب المُحبينَ عَنيدُ.. اتفقنا أن يكون ما بيننا فقط رسائل وكنا نتبادل رسائلنا بعد انتهاء المدرسة المتوسطة وَنلتقي في بقالة العم أبو سن. كنا قد أطلقنا عليه لقب أبو سن لأنه كان يملكُ سناً مفقودة في مقدمة فمه وهو لم يخجل منها بل كان يبتسم إلى أن تظهر لثة شفتيه المسودة. وَ كُنا وقتها قد اتفقنا أن نُدون كل ما يَحدث في أيامنا وَنلتقي في أيام الخميس لكي نتبادل الرسائل وَنشعر وكأننا لم نبتعد عن بعضنا، كانت هذه النصوص تأخذنا إلى عالم الخيال وتجعلنا نلتقي ويلتقي قلبينا ويشفى من داء الإشتياق. شعرت أنه التقى قلبينا حقاً وَ وصلنا إلى ثروة الحُب عندما أخبرني أبي بأن أحد رجال العائلة يود أن يتقدم لِخطبتي. لم أكن أفكر بشيء إلا بهِ وشعوره، عَلِمتُ من أخته أنه ظل دائم السؤال عني، أتذكر هذه اللّيلة وَكأنها حَدَثت البارحة، في ليلة العيد في السنة التي أكملتُ فيها عامي السابع عشر ذهبت إلى منزل الجدة لكي نبيت مع فتيات العائلة وعندها، تلصصتُ خَلف المنزل لكي نرتمي بِبعضنا و نسمع ضربات قلّبينا ونحصل على قبلة بريئة في الخدّين. يعود بي الحنينُ إلى أول مرةٍ شعرنا بالغيرة والخوف من فقدان بعضنا البعض عندما عَلَمت العائلة بِسرِنا الصغير وَأوامر الرفض رغم مشاعرنا البريئة، لم أخبر أحد عن سِرنا، لأن الحُبّ شأنٌ عميق وحميم، لا يُباح بسره لأحد! ولكن فضول والدتي بصندوقي البنفسجي الصغير تحت السرير قد انتهى بحصولي على كدمات في وجهي وتهديدات قاسية، رغم هذا حاربتُ لأجلك! لأجل كل ذكرياتنا وأسرارنا، ربما باتت في الماضي الآن وستنتهي في طَيّ الذاكرة والقلم.. في كل مرة نزور بيت الجدة ستظل تلاحقنا أشباح الغياب والنسيان. آه.. يا ليت الطفولة كلها صفحة و أمزقها أو أن شعوري تجاهك رداء فاخلعه وأتعرى من كل هذه الأفكار والمشاعر التي تؤذيني وتُرهقني. تَعِبت وما يُتعبني أكثر أنك لا تتكبد عناء الاهتمام بي أو السؤال عني؟! هل السبب أنك ستذهب لكي تقضي دراستك في الخارج؟ أنسيت كلامك عندما كنتَ تخبرني عندما تحن إلى الوطن سوف تَتذكرني لأنني أنا كنت بمثابة الوطن والملاذ لك وأنني بمثابة النور الذي يبعث الراحة والطمأنينة؟ يا سلامي وأُنسي؟ أين السلام والأنس والألفة التي كانت بيننا؟

بعد تفكيري وَحنيني إلى الماضي، كنت أبكي وأدعي في صلاة الفجر: يارب إن كان خيرًا لي فقربه لي وَقربني منه. بعد دعائي، نِمتَ ليلتها وَأنا أشعر بِالإطمئان في قلبي بأن كل شيء سيتحسن وَ أن حياتي ستتغير للأفضل وَ لكن في نفس الوقت إجتاحني شعور جعلني أمتغض وَ أحزن كثيرًا، هل حقاً سنفترق! ذهبت لأكتب له رسالة..
لقد كان كل شيء أثقلُ مني، حتى الأحرف والقلم
في آخر كلمة وداعاً اكتبها لك يا أيها القريبُ البَعيد
شعرت بأن الحروف ثقيلة وبعيدة عن بعضها
وكأن هناك سفر بين حرف الواو والدال
لم أتباطئ من قبل في إرسال أي رسالة قط
ولكني كنت أفعل ذلك لربما نجد شيئاً للبقاء معاً.
والمشكلة الآن هي أنني لا أستطيع أن أفارقك بهذه السهولة! لا بد أن أعيش داخل صراعات ما بين عقلي وقلبي، قلبي الذي سيكون هشاً بعد أن أفارقك. يصعب علي قول هذه الكلمة إن لفظها يترك ندوباً على قلبي. ولكنه فراق يتحتم على أحدنا اتخاذه وهو قرار لن أتراجع عنه. أود أن أحذرك لم أعد بمثابة الوطن، لقد أضعت كل شيء بيننا. إن كان يُغريك هذا النور بي لا تقترب، نارٌ أنا في مَوطنٍ رَثٍ خَرِب !

يوجد هنا في صدري و داخلي ألمّ و ضربات سريعة أشعر بها في قلّبي، تدفعني لوضع يديّ في صدري متسائلة ما سبب هذه الضربات المؤلمة، آه يا إلهي ما هذه الدموع التي سقطت فجأة أيضاً.. ما يحدث داخلي الآن، يجعلني خائفة متسائلة هل هذا شعور طبيعي أم هناك أمر مُريب؟ وَلأنَّ قلبي يرفض كل رجال الأرض وَيكتفي بك فلقد رسمت أول حُبّ في كفَّيّ وَأغلقتهما بِالدعاء وَالأمنيات ولكنك بِعتَ محبتي بِبخسٍ، كم كنت أتمنى أن تكتمل خطبتنا ونعيش كعائلة سعيدة في سقفٍ واحد. ولكن مع الأسف.. آه لو حملت كل الأسف والأعذار.. لن أسامحك أبدًا !

مشاعر فائضة..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن