1

3.3K 67 9
                                    

الفصل الأول دي الروايه اللي هتنزل مع نيران هي يوم ونيران يوم ياريت متابعه
رواية أنين العذاب
بقلمي ميرا إسماعيل

في منزل بسيط، كانت تجلس فتاه شاردة في حالها وما حدث لها، كانت منذ أيام تلهو مع أقرانها واليوم تزف عروسا.
همسة يتيمة الأبوين ذات عيون خضراء عمرها اثني عشر عاما، نضجت مبكرا من يراها يتخيل له أنها في الثامنة عشر من العمر، وهذا هو قدرها، كان لديها أخ وحيد تم القبض عليه ظلما، وعندما حاول الفرار كان مصيره القتل على يد الضابط المسؤول عن قضيته، وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة كان يوصي الضابط باسمها، بعد أيام اكتشفت التحقيقات أنه برئ، لكن كان قد سبق السيف العزل، مات الأخ والحامي لأخته الوحيدة، وظلت هي في هذه الدنيا لا تعي كيف تعيش، أو من أين؟.
عندما شاهدها الضابط القاتل أول مرة صدم من جمالها الخلاب، حاول إقناع نفسه بانها صغيرة، لكن عندما عرض عليها الزواج وافقت، فانتهت كل التساؤلات التي كانت تدور في رأسه، حاول عمه وزوجة عمه أن يمنعوا هذه الزيجة لأسباب كثيرة، أهمها أن العروس  مجرد طفلة وهو كبير، ناهيك عن ذكر الفارق الاجتماعي و البيئي، لكن كان هدف مراد هو أن تكون ملكه بأي شكل، موهما نفسه أنه هكذا يريح ضميره وينفذ وصية ميت، وبالفعل انفصل عن عمه وزوجته و أولادهم، وها هو اليوم يتزوج منها لكي يطفئ النار التي أضرمتها به عندما رآها أول مرة.
و كان حله الوحيد للاقتران بتلك الصغيرة هو العقد العرفي، فلقد تزوجها بعقد عرفي موثق، إلى أن تبلغ السن القانوني و يقوم بالزواج منها رسميا عند المأذون.
بعد كتابة العقد العرفي وإتمام الإجراءات أخذها وذهب بها إلى منزلهما.
................................
مراد بهدوء "همسة تعالي اقعدي، عايز أتكلم معاكي".
همسة برعب "اتفضل".
بابتسامة حنونة ليحاول طمأنتها "أنا عايز أعرفك طباعي، أنا شخص مرتب جدا وبعشق النظافة، والنظام، وبكره الكدب والعند، إياكِ ثم إياكِ في يوم تكدبي أو تعندي، وليكي عليا هتكملي دراستك، وتتعلمي علشان تليقي بيا فاهمه".
أومأت مسرعة  "فاهمه يا حضرة الضابط".
ضاحك لبرائتها و تلقائيتها "ضابط  إيه بس؟ أنا جوزك قولي مراد عادي".
"حاضر".
ابتسم "يلا ادخلي غيري، علشان نصلي، عايز نبدأ حياتنا بالقرب من ربنا".
وبعد مدة تم الزواج فعليا، مراد كان رحيما بها، وبصغر سنها، وكان سعيدا بزواجه فسوف يقوم  هكذا بتشكيلها على هواه هو فقط.
.......................
في فيلا المغربي
قالت وفاء "كفاية قلق عليه، هو مش صغير، قوم نام وارتاح"
تنهد حامد "مراد فعلا مش صغير في الشكل، لكن في التفكير آه، طول عمره زي الأطفال، يشوف اللعبة تعجبه يشبط وبعد كدا يرميها، والبنت صغيره و غلبانه، أول ما يزهق منها هيرميها و هفكرك".
باستياء قالت "لا مش للدرجه دي، متبالغش".
حامد بأمل
"يا ريت، يا ريت، أكون ببالغ، أنا هقوم اشتغل على الصفقه الجديدة، وانتِ نامي".
لتقول "هكلم سليم الأول أطمن عليه، معرفش معسكرات إيه دي اللي في آخر الدنيا".
.............................................
مرت الأيام والشهور، وكانت همسة مثالا للأدب والأخلاق و الزوجة على قدر علمها، اقتربت منها وفاء وأحبتها كابنة لها، وصارت تعلمها كل شيء إلى أن علموا بحملها، وكانت الفرحة كبيرة بالنسبة للجميع، وتخيل حامد أن بذلك الحمل فإن مراد لن يتجرأ على الغدر بهمسة قط، خصوصا في وجود أولاد يربطانهما مدى الحياة، وأصدر فرمانه بنقلهم للمعيشة معهم، فقد كانت همسة بحاجة لمتابعة و عناية خاصة لصغر سنها، و لم يقصروا معها إطلاقا، وفروا لها كل سبل الراحة و العناية ، حتى وضعت توأميها
تاج وآدم.
تاج كانت نموذجا مصغر من همسة، أما آدم كان نسخه من أبيه مراد.
كبر الطفلان في سعادة كبيرة، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ، و حدث  ما كان حامد متخوفا من حدوثه منذ البداية، لقد ملها مراد.
بدأ مراد في السهر والانزعاج من همسة وأولادها، و دائما ما كان يعيرها بأنها أقل منه، فهو ضابط ذو مكانة و حسب و نسب، أما هي تصلح خادمة له على أكثر تقدير.
توالت الأيام حاملة لهمسة المزيد و المزيد من الإهانة والتجريح، واتخذ مراد قرار الانفصال عنها، وعندما أبلغها الخبر سقطت فاقدة للوعي ليكتشف حملها الثاني، رفض عمه أن يسمح له بتطليقها، أرغموه على الاستمرار معها، حتى هي رضخت وصرحت أنها موافقه أن تبقى على ذمته حتى لو اضطر الأمر أن يأتي بزوجة أخرى وتظل هي لتربي أبنائها.
أحس مراد أنه قيد بسلاسل حديدية بسبب أطفاله، لقد ندم على وجودهم وتمنى زوالهم، لكن حمل الله لها هدية جديدة وليدها زين.
الذي كان شبيها بوالده، لكنه ورث عيني همسة و براءتها.
...............................
بعد سنوات طويلة
كان التوأم بلغوا الثانية عشر، وكان زين في العاشرة من عمره.
ف نفس المنزل الذي بدأت فيه الحكاية
قال آدم
"ماما مش كفايه عياط، كل شويه تشوفي صورته وتعيطي، كفايه".
بصوت متهدج "غصب عني، يا ريته دمرني أنا بس، انتم كمان ادمرتم معايا، يا ريت كان معايا شهادة وإلا فلوس".
بأمل قالت تاج "ماما ممكن نروح ليه نكلمه، يمكن يحن علينا إحنا ولاده برده".
ضمت أولادها برعب
"اوعوا سامعين، أنا هربت بيكم من الجحيم بأعجوبه، إوعدوني إنكم لا يمكن تهوبوا ناحيه مراد المغربي، ربنا يبعدنا عنه سامعين".
زفر آدم "سامع، أنا نازل الورشة يمكن صاحبها يرضى يديني قرشين".
همسة بحزن على حال ولدها
"انزل يا ضنايا ربنا يعينك".
ووجهت حديثها لتاج
"خلي بالك من زين هنزل على فرشة الخضار تحت، إوعي البوتجاز سامعه".
"ماما انتِ تعبانه هنزل أنا".
سألتها "هتعرفي تبيعي".
تاج وهي تتجه للباب :هي حكاية يعني، متخافيش عليا".
ونزلت تاج إلى الشارع لأول مرة، ولم تكن  تلك الأخيرة.
بعد أيام تدهورت حالة همسة الصحية.
كان آدم يحادث أخته
"أنا أخر جنيه جبت بيه العلاج، وعلينا كمان عشرين جنيه في الصيدليه، والدكتور بيقول أمك لازم تآكل كويس".
كان زين بيده قرص طعميه فقال ببراءة "آدم خد دا اديه لماما".
احتضنته تاج  "كل انت يا حبيبي، الدكتور قصده فرخه، حته لحمه، مش طعميه".
قال زين "كل نعم ربنا حلوه، علمونا كدا في المدرسة".
تبرم آدم  "اتلهي انت و مدرستك، هنعمل إيه يا ست تاج؟"
قالت "إيه رأيك أروح لعم مليجي الجزار أقوله يديني حته لحمه لماما وممكن أمسحله المحل"
وافقها آدم " فكرة، روحي وأنا هاروح الصيدلية وأمسح وأروق ب عشرين جنيه".
سألهما زين " طب وأنا أعمل إيه؟"
تاج بهمة  "انت تخلي بالك من ماما لغاية ما نرجع ماشي".
زين بفخر بمهمته  "ماشي".
انصرف آدم وتاج لوجهتهما.
....................
في الصيدلية
دخل آدم محرجا "دكتور لطفي ممكن كلمه".
"قول يا آدم عايز إيه؟"
"أنا عليا عشرين جنيه، ممكن أشتغل بيهم؟ أصل المعلم مرضيش يقبضني".
أجابه لطفي بحزن على حال هؤلاء الأطفال، فهو يعلم أنهم من أغنياء البلد ولا يملكون قوت يومهم   "روح يا آدم، وأي علاج تعوزه تعالى خده و ملكش دعوة بفلوسه".
بإحراج  "لا مش هينفع، سبني أعمل أي حاجه، انا شاطر بامسح والمع إيه لهلوبه".
لطفي متنهدا "ماشي روق الرفين دول، مرضي كدا؟"
آدم بهمه  "مرضي، متشكر يا دكتور".
كان لطفي ينظر له بإشفاق ويحدث نفسه هل من الممكن أن يستمر الحال بهم هكذا أم أن الدنيا تحمل لهم الكثير في جعبتها.
......................
عند محل مليجي الجزار
دخلت تاج بهدوء وهي مرتبكة، كان مليجي ينظر لها نظرات مريبة و خبيثة، وهي لصغر سنها لم تعي أي شيء.
تقدمت نحوه بهدوء "عمو مليجي".
مليجي بخبث  "حبيبه عمو تعالي يا تاج حارتنا انتِ، قربي متخافيش".
واقتربت تاج ببراءة "ممكن طلب يا عمو مليجي".
قال بخبث شيطاني "تعالي على رجلي، علشان أسمعك، أصل صوتك واطي".
اقتربت تاج برعب مبهم، لكن هدفها كان أقوى، وبالفعل جلست على فخذه واحتضنها بشكل مقزز، هي من الخوف من لمسته اندفعت من على  فخذه بسرعه، فأحس مليجي بخوفها فحاول طمأنتها
"انتِ خايفه ليه؟ قولي عايزة إيه".
ابتلعت تاج ريقها "عايزه حته لحمه لماما، و هامسح المحل، إيه رأيك؟"
اصطنع مليجي التفكير "بس اللحمه دي كلها متباعه".
أحنت تاج رأسها بحزن، وكادت أن تتحرك، حين أوقفها مليجي بمكر
"بس في لحمه في المحل الصغير التاني، تعالي معايا، وأديلك لكل واحد فيكم حته لحمه".
تاج بفرحه "بجد يا عمو، طيب يلا بسرعه".
وأمسكت يده تحثه على النهوض،
و بالفعل نهض معها مليجي واتجه ناحيه المحل الآخر
...............................
في فيلا المغربي
سأل حامد وفاء "لسه سليم مردش عليكي".
"لا من يوم جوازه وهو اتغير خالص، الواد كأنه مصدق".
"يا ستي، انتِ صعبان عليكي نفرح، كفاية مراد ووجعنا عليه".
"أقولك على حاجة، عندي إحساس إن همسة مظلومه، دي أغلب من الغلب، وكل ما أقول أسأل عليها أخاف من مراد،  مش أنا اللي مربياه بس اتحول، بقى صعب قوي، حتى سليم بيقول عليه بقى آله في شغله و محدش قادر عليه ".
تنهد حامد "المستور مسيره يبان، محدش عارف الخير فين؟ المهم خليكي ورا سليم لما يرد عليكي الباشا، عرفيه إننا هنتغدى سوا وعاملي مراته حلو، على الاقل قدامه بلاش غيرة الحموات دي".
وفاء باستنكار" حموات!! أنا مش حماتها، أنا بضايق من تصرفاتها لأنها قاصدة تستفزني مش أكتر".
قطع حديثهم دلوف مراد بوجه مكفهر
ابتسمت وفاء "حبيب قلبي، حمد لله على السلامه، كويس إنك جيت بدرى يلا نتغدى سوا، وسليم دلوقت يوصل هو ومراته".
"لا مليش نفس".
حامد بضيق " إيه يا مراد؟ مش كفاية عقاب لنفسك بقى، واحده وطلعت مش كويسه خلصنا ".
"عمي أنا محترم قرارك إني مدمرهاش، بس من فضلك بلاش كل شويه تفكرني أرجوك".
حامد بلا مبالاة " براحتك انت حر، افضل كدا لغاية ما تتحول لشيطان".
دخل سليم عليهم ،(هو أصغر من مراد بعشر سنوات، تزوج  مباشرة بعد أن أنهى آخر سنه في كلية الشرطة، زوجته لا تحب وفاء إطلاقا ووفاء دائما تكرهها لأنها  استحوذت على ولدها الوحيد، فقرر سليم الفصل بينهما بالبعد ).
"يا مساء الخيرات على أمي ونور عيني".
ضحك مراد "أهو دخل أهو، بطريقته المعروفه، يثبت الكل ويحطه في جيبه، فين مراتك تسمعك وانت بتتغزل في طنط وفاء كدا".
وفاء بنهر
"كدا يا مراد، قصدك إنه بيخاف منها، طيب لما تيجي هخليه يبات معايا لوحده عند فيكم بس".
سليم باستغراب
"تيجي، هي لسه موصلتش، دي مكلماني من أول اليوم، وقالت إنها جايه ليكي".
"محصلش، مجتش، وأنا في البيت من الصبح مخرجتش أصلا".
سليم هو يلتقط هاتفه ويتصل بها بقلق  "هتكون فين بس؟"
اتصل بها لكن الهاتف مغلق.
مراد مهدئا له
"تلاقيها بتجيب هديه وإلا حاجة، والفون فصل شبكة متقلقش".
سليم بقلق جلي "يا ريت، ربنا يستر".
قطع قلقهم صوت رساله على هاتفه، وهاتف مراد، عندما فتح مراد وسليم الرسالة وجدا ما صدمهما.
نظرا لبعضهما البعض في صدمة عارمة.....
صورة زوجة سليم عارية منحورة الرقبة من الوريد للوريد، ومعها إنذار بالبعد عن القضية وإلا سيكون المصير لباقي العائلة كمصير زوجة سليم
.......................
في محل الجزار مليجي
دخلت تاج معه "بسرعه يا عمو علشان ماما تعبانه".
مليجي "من عنيا".
و أغلق باب المحل واقترب نحوها بدناءة و خسة، و نظراته نحوها تفترسها افتراسا، فأثارت الرعب في أوصالها  و تحركت بخوف تلقائي للوراء وتتنفس بخوف
"أانا مش عايزة... أنا هاروح".
"هشششششش إهدي كدا، هنلعب لعبه صغيره، و هديكي اللحمه وأكتر ما انت عايزة كمان".
تاج برعب "لا، لا، خلاص هاروح".
لكن لم يمهلها المغتصب فرصة وانقض عليها ،ليغتصب روحها و برائتها قبل جسدها، لم يفرق معه صغر سنها، أو أن ما يفعله حرام بكل الأديان والأعراف، لم يسمع صراخها، وهي لم تفهم ما يحدث هي طفله ذات اثني عشر عاما ترى رجلا بهذا الشكل، من قسوة وعري، دموعها تهبط كالشلال،  صمتت لم تخرج صوتا من صدمتها، ابتعد عنها الجزار بعد أن قضى  على آخر ذرة في روح وطفولة تاج، لتخلق تاج جديدة بعد هذه الحادثة تاج مشوه روحيا وأخلاقيا.
........................
بعد مده طويلة رجعت تاج وهي ترتجف، وصورة ما حدث تتكرر أمامها وتحذير مليجي أنها لو اعترفت بأي شيء حدث بينهما  سينكر، وبالتالي ستطرد هي وعائلتها من المنزل، بل من الحارة كامله لم تفهم تاج التحذير لكن ما فهمته هو أن خروج صوتها معلنا عن ما حدث لها ستدفع ثمنه العائلة بالأكمل.
دخلت تاج المنزل هب آدم بسرعة
"كنت فين يا بت انت؟ وإيه الدم دا؟ ومالك مبلوله كدا ليه؟"
تاج برعب "ممفيش".
اقترب آدم يتفحص ما بها "وريني الدم دا منين؟ إيه اتعورتي وانت بتمسحي؟"
"آه، بس التعويره راحت خلاص ".
"خد اللحمه شوف هتعمل فيها إيه؟"
آدم بصدمة " كل دي لحمه!! ازاي انتِ هتمسحي المحل شهر".
"اللحمه عندك، ازاي بقى ملكش فيه، أنا داخله لماما".
ابتسم آدم وهو يستنشق اللحم "هناكل لحمه يا زين، يلا بينا نعمل اللحمه ونقلب الدنيا".
زين بفرحه مشى وراء آدم "لحمه، لحمه،  هنآكل لحمه".
........................
دخلت تاج لحضن همسة، هبت همسة بخوف من هيئه ابنتها
"مالك يا تاج حصل إيه؟"
" اتعورت و أنا بامسح بس ما تخافيش، أنا كويسه".
حضنت  تاج أمها لكي تجد الأمان الذي غاب هذه الليلة عن عين تاج ولم يعد مرة أخرى.
"خايفه يا ماما، خايفه قوي، وعايزة أنام، نيميني في حضنك".
هدهدت الأم طفلتها، وبالفعل نامت تاج بسرعه تنهدت همسه قائلة
"يا ترى مستخبي لكم إيه يا ولادي في الأيام اللي جايه؟"

#أنين العذاب
#ميرا اسماعيل

نيران صديقةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن