(١)

8.2K 248 1
                                    

ككل قصة كفاح بدايتها إشراقة صباح
وصوت الخلفية ليس ديكة تحترف الصياح ،
بل مجرد منبه مزعج يقلق
نومها فتمد يدها وتغلقه بحدة ،
نهضت متأففة كالعادة وبنصف عينين
توجهت نحو حمامها بعدما ارتدت خفها المنزلي ،

يتأخر نشاط عقلها عن صحوة جسدها
نصف ساعة كل يوم
بعد نصف ساعة قضتها تحت المرش خرجت هند في عجالة ترتدي ملابس رياضية ،
سروالًا وسترة بسحاب أمامي ، لملمت أغراضها ،
أغلقت غرفتها بعدما خرجت ووصل أذنها
معركة كل يوم
أم مصرية جمالها يفوق جمال ابنتيها ،
توبخ الصغرى وتعدد خصالها هي الفريدة ؛
كم كانت جميلة في شبابها كم كانت ذكية
وكم كان الحظ سيئًا معها ُرغم ذلك
تندب الآن حظها لأن الفتاتين قد خيبتا أملها؛
لا فيهن طبيبة ولا من تطيعها حتى في تناول الإفطار !
الأمهات تضخمن الصغائر دو ًما صحيح؟
تقدمت نحوهما هند التي يعتبرانها رجلهما الأوحد ،
وذلك لأنها تعمل بكد وتهتم بالجميع كما يفترض بالرجال أن تفعل ، تقدمت تفض النزاع بعقلانية

ـ اسمعي كلام ماما يا هالة ..

كلامها تزامن مع مد يدها وتناول شريحة خيار ، مضغتها ببطء ومن ثم عادت تؤيد كلام أمها

-المفروض تفطري قبل ماتنزلي..

مطت هالة شفتيها غيظًا قبل أن تسحب مقعدًا وتجلس عليه بحدة ، التقطت شطيرة جبن وقضمت نصفها بغل ،
تمرد المراهقة مشروع ، ف هالة ذات الستة عشرة عا ًما والجديلة الطويلة وعيني القطة لً تطيق أن يفرض أحد عليها رأيه حتى لو كان صائبًا ،
ليس ذلك فحسب بل ومشروع لها أي ًضا أن تتدخل في شئون أختها الكبرى التي تكبرها باثنتي عشر ربيعًا ؛
وبالتالي يسمح لها بالتنمر كذلك رفعت هالة عينيها إلى هند قائلة بمكر
ـ خالتو كلمت ماما من شوية وقالت لها إن محمود ابن طنط افتخار هانم هيروح النهاردة يخطب بنت رقيقة أوي .

لم تتأثر هند التي تطلعت أمها
إليها بتوجس تحاول سبر أغوارها لكنها توجهت نحو الباب بلا مبالًة دون تعليق على كلام هالة ، وقبل أن تغلقه خلفها لوحت لهما بسماجة قائلة

ـ عايزة آكل فتة النهاردة يا ماما لو سمحتي .

نظرت أمها إلى هالة والأخرى بادلتها النظرة المصدومة من ردة فعلها الباردة تلك ،
هزت الأم رأسها بعدم رضا ومن ثم أطرقت
فالفتاة الكبرى بالفعل أصبحت تتصرف كالذكور،
هي عمود البيت منذ وفاة والدها ولعشر سنوات كاملة
من العمل والكد ، وفرت لهن شقة فاخرة في مكان جيد ، وتوفر سنويًا مبلغًا ضخ ًما لمدرسة أختها ، ومستوى معيشي مناسب بل ومريح جدا أيضًا
كل ذلك في مقابل تخليها عن أنوثتها الذي يضيع حبيبها منها الآن ويبدو أنها قد تحجرت ولم تعد تبالي ،
وعلى السلم كانت هند تنزل درجاته بحدة بينما تطلب رقم محمود الذي فتح الخط وأجابها بمرح مصطنع
ـ متصلة تباركي لي صح ؟
كزت على أسنانها وحكت رأسها بغل
ـ هاجي أطربقها على دماغك يا محمووود..
رد عليها بجدية
ـ إحنا متفقين ياهند مفيش رجالة بيرجعوا في كلامهم
زفرت بقوة قبل أن توبخه
ـ الست والدتك قالت لخالتو وهي قالت لماما وأن َت عارف الباقي .
أجابها بأسف حقيقي
-هالة!
غيرت الموضوع بحنكة
ـ مامتك مصرة تثبتلي أني مش مناسبة
لآخر العنقود !
التقط السخرية في نبرتها فصدها بلين
ـ أنت عارفة يا هند إن ماما عندها أسبابها الخاصة .
أنزلت الهاتف عن أذنها ونظرت إليه
تكز على أسنانها بغيظ ، سبّت عائلته كلها في نفسها ولم. تستثن منهم أحدًا ومن ثم أعادته إلى أذنها مجددًا
ـ أنا مالي بمشاكلكم دي يا حبيبي .
تنهد هو قانطًا
ـ حظنا نحس يا حبيبتي .
سخرت منه دون مواربة
ـ حظنا برده ، ولا أنت إللي معندكش جرأة تواجههم .
وقبل أن يجيبها أنهت هي النقاش كله بعملية
ـ سلام دلوقت أنا وصلت الجراج مش عايزة أتأخر على الشغل .
أغلقت الهاتف دون أن يرد عليها ،
وكانت قد وصلت المرأب بالفعل ، توجهت نحو دراجة تكاد لا تُرى بين السيارات حولها
خلّصتها من قيدها الحديدي ، ركبتها وتخطت البوابة إلى الشارع العام وتوجهت نحو عملها في صالتها الرياضية الخاصة ..

نوفيلا عريس في الصالونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن